غضب الشباب يتصاعد بتونس.. فهل يتكرر سيناريو ”ثورة الياسمين”؟ بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري التوتر مستمر مع مصر.. إثيوبيا تصعد بتحرك عسكري جديد في الصومال مرض أسوان الغامض.. تضارب في أرقام وزير الصحة ورئيس الوزراء.. والمحافظ: الأمور تحت السيطرة تعديلات على إجراءات منح الإقامة الدائمة في كندا إهانات بين بوليفير وسينغ في البرلمان ترودو يعين أنيتا أناند وزيرة للنقل المحافظون يفوزون بانتخابات شرق أونتاريو اعتماد تقنية أمنية جديدة في مطارات كندا ارتفاع معدلات الجريمة في أكبر مدن كندا خرافة التيجاني والعقل البتنجاني هل يحسم اليهود والمال والإجهاض سباق الرئاسة بين ترامب وهاريس؟

حقيقة الخمر في المسيحية (٢)

تكلمنا في المقال السابق عن أصل كلمة الخمر في الكتاب المقدس، وأوضحنا أنها تأتي بثلاث معان وذلك بالرجوع للنص الأصلي الذي كتبت به الكلمة. وأوضحنا انه لا يجب أن ننزع الأية أو نفسرها بمعزل عن السياق الذي يتكلم فيه الكتاب، وأشرنا إلى أهمية دراسة الكتاب والرجوع إلى اللغة الأصلية المكتوب بها الكتاب المقدس. وتوقفنا عند سؤال هام جدا وهو: هل أمر الكتاب المقدس بشرب الخمر الْمُسْكِر؟

قطعًا... لم يأمر الكتاب المقدس بشرب الخمر الْمُسْكِر، بل حذر الكتاب من شرب الخمر المُسكر حيث قال: "اَلْخَمْرُ مُسْتَهْزِئَةٌ. الْمُسْكِرُ عَجَّاجٌ، وَمَنْ يَتَرَنَّحُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِحَكِيمٍ." (أم 20: 1) وكذلك في العهد الجديد إذ يقول: "وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ" (أف 5: 18).

إن للخمر بعض الاستخدامات الطيبة، فقد جاء في الكتاب المقدس استخدامات للخمر منها للعلاج كما جاء في قصة السامري الصالح "فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ." (لو 10: 34) لأنه معروف أن الكحول لتطهير الجروح.

كذلك نصح القديس بولس تلميذه تيموثاؤس المريض بمرض الاستسقاء وهو تجمُع المياه في البطن نتيجة لعدم كفاءة الكبد وهذا تاريخيًا بسبب أن تيموثاوس كان يسكن في أسيا الصغرى (تركيا حاليًا) وكان يشرب ماءً من نهرٍ ملئ بالبكتيريا والطمى، فالرسول بولس طلب منه استعمال قليل من الخمر لإضافته في الإناء المُستخَدم للشرب ليجعل الأشياء المُضرة تترسب فيستطيع الشرب. فالنص الكتابي هكذا يقول: " لا تكن في ما بعد شراب ماء، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ." (1 تى 5: 23) . فبولس لم يقل لتيموثاوس اشرب خمرا، بل قال له "استعمل" الخمر. أي استعمل الخمر لتنقيه الوعاء.

النص في اليوناني:

Μηκέτι ὑδροπότει ἀλλ' οἴνῳ ὀλίγῳ χρῶ διὰ τὸν στόμαχον σου καὶ τὰς πυκνάς σοῦ ἀσθενείας

ولا يأخذ أحد كلام الرسول بولس كحجة على شرب الخمر لأنه هو نفسه قال: "وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ" (أف 5: 18).

النص في اليوناني:

καὶ μὴ μεθύσκεσθε οἴνῳ ἐν ᾧ ἐστιν ἀσωτία

كذلك ولأن الخمر يُشير للفرح فتم استخدام الخمر في سكب مقدار منه على التقدمات كإشارة للفرح في خيمة الاجتماع.

كما جاء في الكتاب "الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحًا، وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ، وَسَكِيبٌ رُبْعُ الْهِينِ مِنَ الْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. مِثْلَ تَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ وَسَكِيبِهِ تَصْنَعُ لَهُ. رَائِحَةُ سَرُورٍ، وَقُودٌ لِلرَّبِّ. مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ، حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكُمْ لأُكَلِّمَكَ هُنَاكَ." (خر 29: 39- 42).

*هل يوجد أحد شربَ الخمر في الكتاب المقدس؟

نعم ... بالطبع هناك الكثير الذين شربوا الخمر وسكروا، ولكن هذا لم يكن بأمر إلهي فمثلًا شرب نوح الخمر وسكرَ وكانت النتيجة أن نوح تعرى ورأى أحد أولاده عورته، وكانت النتيجة مُخزية، كذلك بنات لوط أعطتا للوط الخمر وسكرَ وكانت النتيجة مُخزية أيضًا.

وهناك أولاد هارون اللذان شربا خمرًا ودخل خيمة الاجتماع وقربا نارًا غريبة أمام الرب فكانت النتيجة أن نزلت نار وأكلتهم، وبعدها منع الله الخمر إذ قال الله لهارون: "خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ وَبَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَلِتَعْلِيمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ الَّتِي كَلَّمَهُمُ الرَّبُّ بِهَا بِيَدِ مُوسَى»" (لا 10: 9 - 11).

*يقول قائل إن السيد المسيح حولَ الماء إلى خمر ويأخذ هذا كحجة لوجود الخمر!

الرد: لقد حول السيد المسيح بالفعل الماء إلى خمر ولكن الخمر المصنوع لم يكن خمرًا مُسكرًا والدليل على ذلك شهادة رئيس المتكأ. ولكيلا يقول أحد أن الشهادة قد صدرت عن أناس سكارى لا يدرون الفارق بين الخمر والماء، جاءت الشهادة من رئيس المتكأ. حيث كانت عادة اليهود أن رئيس المتكأ يحرص ألا يسكر، إذ يلتزم بتدبير أمر العرس بوقارٍ وحكمةٍ فقد قيل عن رئيس المتكأ: "ولما ذاق"، أي لم يكن بعد قد شربَ حتى من هذا الخمر، إنما ذاقه، والكلمة أتت في الأصل اليوناني "جيفوماى γεύομαι" بمعنى "أتذوق"،

" فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». (يو 2: 9، 10) وهذا دليل لإثبات أن الخمر المتحول كان خاليًا من الكحول.