A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب : أزمة النص بين التقديس والإنكار والمصالح

هل من سبيل إلى إقناع الاخرين بأن الاسلام بريء من إنتاج الإرهاب وتفريخه في الوقت الذي فيه تقف جماعات إرهابية في مواجهة الحياة والإنسانية والتحضر، متخذة أسماءً إسلامية ومرتدية ثياباً إسلامية وتردد آيات وأحاديث من القرآن والسنة تدعم وتحث على ما يفعلون بل وتعدهم بالحور العين وبأنهار اللبن والعسل إن هم فعلوا؟ كيف نبرر لهم صيحات الله أكبر التي يطلقها الارهابيون بعد أن يغمدوا خناجرهم المسمومة في قلوب الأبرياء وبعد أن ينحروا أو يحرقوا أو يرجموا أو يقطعوا أعضاء أو ينزعوا فتائل أحزمة ناسفة؟ بماذا نفسر لهم رهاب الاقتراب من النصوص المقدسة لدى المؤسسات الدينية -التي تدعي الوسطية- ورفضها فرض رؤية واقعية ومشروع حقيقي لإصلاح الخطاب الديني يتسق مع العصر ويتضمن إعادة صياغة للمناهج التعليمية ونبذ للأفكار المتطرفة ووضع قواعد للوعظ والإفتاء وتشجيع المتنورين بدلاً من تكفيرهم والتنكيل بهم؟ بماذا نعلل لهم هياج العامة وثوراتهم وخروجهم في مظاهرات عنفية باسم الدين بسبب أمور متعلقة بحالات خاصة وفردية وشخصية جداً في حين لا يحرِّكون ساكنًا عندما تُنّفذ المجازر والمذابح ضد من يدعونهم كفارا؟ لقد صار العنف لصيقاً بالإسلام شئنا أن نعترف بهذا أم أبينا. وما نراه اليوم من انتشار لفكر وممارسات الإسلام الجهادي المتطرف ليس إلا نتيجة حتمية لتاريخ طويل من تجاهل الأزمة وتسميم الأجواء ونشر الخرافات وزرع الضغائن وشحن الناس بالتعصب والزج بالدين في اللعبة السياسية واستغلال الوازع الديني لدى العامة للتأثير عليهم من أجل تأسيس شرعية للسلطة. لقد تكونت نواة حركات الإسلام الجهادي على يد الاخوان منذ اشتداد ساعدهم كقوة عسكرية وهابية في السعودية بعد هزيمة 1976. وكان لنهجهم الفكري هيمنة روحية على كل الحركات التي ذاعت فيما بعد؛ مثل تنظيم القاعدة الذي تصدر المشهد الجهادي ولعب دوراً بارزاً في الأحداث العالمية في تسعينيات القرن الماضي إذ كان زعيمه بن لادن يطمح إلى إقامة مجتمع جهادي إسلامي مستغلاً تلاقي المصالح بينه وبين الولايات المتحدة التي كانت تبغي السيطرة على تمدد الإتحاد السوفيتي في أفغانستان ووسط آسيا وقتئذ. وكذلك مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما عرف بتنظيم داعش الذي يتصدر المشهد الآن والذي قويت شوكته بعد ثورات الربيع العربي حيث خلق المناخ الفوضوي الذي خلَّفته الثورات بيئة صالحة لتمدد نشاطه وانتشار أعماله العنفية. ونظراً لوجود امتدادات ومتعاطفين لهذه الجماعات في أوساط الشعب بعضهم يبرر ويؤيد ويؤمن أن نصرة الإسلام وإقامة دولة الخلافة لن تكون إلا بإبادة المختلفين ومعتنقي الأديان الأخرى، والبعض الآخر يكتفي بالصمت معلنا بهذا التواطؤ الصامت موافقته الضمنية على ما يُرتكب من جرائم وانتهاكات ضد الإنسانية، فقد اصبحنا أمام موقفين متناقضين أحدهما يحض علي العنف والإرهاب والآخر ينفيهما ويدعي أن الإرهابيين هم خوارج العصر وأنهم صنيعة أمريكا وإسرائيل يؤدون أدوارا مرسومة لهم بعناية ضمن المخطط الصهيوأمريكي المعادي للأمة العربية. هذا التناقض البين يخلق أزمة يختلط فيها النص بالأخلاق بالمصالح ويقف أمامها المجتمع الاسلامي عاجزا عن إيجاد حل ومخرج من هذا المأزق حيث أن لكلا الموقفين جذر وسند في الإسلام لا مزايدة عليهما ولا يمكن تعديلهما نتيجة لقداسة النص عند السَوَاد الاعظم من المسلمين. هذه الأزمة لن تحل بالجدل السفسطائي حول النصوص الدينية فمن الواضح أن الجدل يعمق فجوة الاختلاف ويزيد الامور تعقيداً. الحل يكمن في تبني المنهج العلماني وفي فصل الخطاب الديني عن الخطاب السياسي ليحيا كل مواطن في ظل دولة قانون و مؤسسات تحمي حقوقه و تحرسها و تكفل حرّياته وتحميها وتبقى عقيدة كل انسان هي شأنه الخاص.