ماجي ماجد الراهب: تاء التأنيث سر هذا الوجود !
ولكنَّ من ثامن المعجزاتِ، اختراعَ امرأهْ ... لم يخطا شاعرنا العظيم نزار قباني حين وصف المرأه بابيات قصيدته "أريدكِ أُنثى .. " ولا يغفل علي احد كم كان شاعرنا مؤمن بالمرأه وجود وحريه وكيان حقيقي ينبع منه الحياه بل ان كل ماهو قيمة يحمل عنصر انثوي فيستهل قصيدته ليقول " أُريدُكِ أُنثى..
لأنَّ الحضارةَ أُنثى..
لأن القَصيدةَ أُنثى..
وسُنْبُلةَ القمح أُنثى..
وقارورةَ العطر أُنثى..
وباريسَ – بين المدائن- أُنثى.
وبيروتَ تبقى – برغم الجراحات – أُنثى..
فباسْمِ الذين يريدونَ أن يكتُبُوا الشِعْرَ.. كُوني امرأهْ..
وباسمِ الذين يريدونَ أن يصنَعوا الحُبَّ .. كُوني امرأَهْ..
وباسْمِ الذين يريدونَ أن يعرفوا اللهَ .. كُوني امرأَهْ "..
لقد كان الشهر الماضي شهراً حافلاً بأحتفالات لسر هذا الوجود ما بين الثامن من مارس يوم المرأه العالمي والواحد والعشرين من نفس الشهر للإحتفال بعيد الأم .
وهذه فرصة مناسبة حتي نستطيع أن نسرد ما يحمله هذا الكيان علي مر التاريخ بصفة عامة وفي مجتمعاتنا بصفة خاصة من إنتصارات وإنكسارات فدعونا نتبحر قليلاً بهذا العالم الوردي أحياناً والسودوي أحياناً آخري لنعرف من خلال أمثلة حيه كم كان تاريخ سرهذا الوجود يستحق أن نتوقف لديه كي نفهمه :
"هيباتيا" تلك الفتاة التي غيرت في مسار التاريخ النسائي كونها تعتبر او فيلسوفه وعالمة رياضيات استطاعات ان تثبت وجودها بأفكارا جدليه حقيقه جعلت من اسمها نجماً لامع في عالم الرياضيات والفلسفة بل وكانت محاضرة من الدرجة الأولي وكان ياتي إليها أثرياء العالم وملوكه ليستمعوا منها شروحات أفلاطون وارسطو المعقدة بجامعة الإسكندرية القديمة التي كانت مركز إشعاع حاضري للعالم اجمع . هيباتيا الفتاة إسكندرانية المولد والنشأة يونانية الجذورهُوجمت من قبل اطراف أجتماعيه أرادت سحق فلسفتها كونها امراه ذات قوة عقلية مؤثرة ووصل حد الهجوم إلي قتلها عمداً بطريقة مهينه لحظة رجوعها من الجامعة لتبقي دماؤها صارخة من الأرض شاهدة علي تلك المناضلة التي رفضت ان تصبح كمثيلتها بل اطلقت العنان لأفكارها وفتحت الطريق امام كل امرأة ما دمت تمتلك الروح الخلاقة والعقل الواعي ! .
ولا يخفي علي التاريخ أيضاً عذراء أورليان " جان دارك " تلك الفتاة الفرنسية الريفية الأمية البسيطة التي فقط آمنت بربها وبنفسها حتي إستطاعات أن تقود مملكتها آن ذاك إلي عدة إنتصارات علي الأنجليز في حرب المائة عام ومهدت الطريق لتولي شارل السابع الحكم وكان عمرها في تلك الفترة اثنتي عشر عام وحتي إعدامها حرقاً بعدها بسبع سنوات فقد قُبض عليها وأُرسلت للإنجليز مقبال مبلغ من المال وكانت تهمتها العصيان والذندقة والهرطقة وتم قتلها بدم بارد ليقف العالم كله يخلد ذكراها ويطوبها بعد خمس وعشرين سنه من إعدامها كإنسانة مكافحة مؤمنة شجاعة في عمر لم يتجاوز العشرين عاماً ! .
هذا علي الصعيد التاريخي وأما علي الصعيد الإجتماعي المصري فالقائمة طويلة من الأم المعيلة التي فقدت زوجاً او لم تفقد ومن تسعي علي وجود لها ولاولادها رغم قسوة الظروف الإقتصاديه حيناً والضغوط الإجتماعيه المُمَارسة عليها حيناً آخر فنري مثلاً " الحاجه صيصه حسانين " الأم المثاليه بالأقصر هذا العام ومن يتتبع سيرة حياة هذه العجوز يجد أنها تنكرت في زي الرجال لمده 43 عاماً وامتنهت العمل الشاق من حمل مواد البناء وحتي مسح الأحذية لتنفق علي إبنتها الوحيدة بكل بسالة دون أن تكل أو تمل .
أتصور أنه بعد هذه الصور التي تم سردها علي سبيل المثال وليس الحصر يجب ان تتغير نظرة ثقافتنا الإجتماعية للمرأه وتصبح أكثر رقياً فمن المثير للدهشة أن نتحدث حتي عصرنا هذا عن قضايا التحرُش والعنصرية تجاهها ! فالعالم اليوم أصبح به وزيرة دفاع أسبانية مثل" كارمي تشاكون " التي تولت وزارة الدفاع عن عمر37 عام وعلي الرغم من حملها إلا أنها كانت تتفقد الكتائب العسكرية . ونائب عام شبه جزيرة القرم " ناتليا بوكلونسكايا" رغم صغر سنها وأيضا " بينظير بوتو " المناضلة السياسية ورئيسة وزراء باكستان منذ 1988 وحتي 1996 .م والتي أُغتيلت في عام 2007 .م ورئيسة البرازيل القوية المناضلة صاحبة التاريخ الثوري " ديلما روسيف " وغيرهن الكثير والكثير مما يجعلنا مسئولين كمجتمع عن إعادة هيكلة النظرة والواقع جملة فلا نهوض أو تطور حقيقي بدون حرية للمرأه في المجتمع كفانا شعارات وخطب بلاجدوي لابد ان نؤمن ونتطور وننزع الفكر الرجعي منذ حداثة النشأ في التعليم وحتي الكبر وأن يصبح للإسرة دور حقيقي وذلك بأنتازع الأفكار من نوعيه " أنتِ بنت ، ميصحش كدا ، دي شغلانه ولاد ، البنت ملهاش إلا بيتها وجوزها " والهراء العظيم الذي أٌتخمت به مسامعنا حتي يومنا هذا فلا يمكن ان نلحق بالتطور ونحن مازلنا لانري الإنسان دون عنصرية رجل وأمرأه !