ماجي ماجد الراهب تكتب: عندما لفظَ البحر الحياة
ما أقسي المشهد الذي أبكي العالم طفل منكفيء علي وجهه بالشواطيء التركية مُستسلم لمصير فُرض عليه دون أدني ذنب يودع أرضه التي هُجر منها قصراً ليذهب إلي المجهول تاركاً ألعابه وصوته وضحكته الصافية النقية التي تملأ أرجاء المكان والمستقبل الذي كان ينتظره ليحل محل كل ذلك صوت الرصاص وبقايا الرماد والمجهول القاتم !
وتحضرني أغنية الفنان محمد منير : أفتحوا يا حمام كراريس الرسم في حمامة شهيدة بتتقدم ... ويُعيد أيضاً للأذهان مشهد محمد الدرة عام 2002 الذي قُتل وسط صراخ أبيه ! إلي متي تستمر هذه المشاهد ؟ وإلي متي يُصبح العالم صامت وعاجز أمام أنهيار الأنسانية يوماً تلو الآخر ؟ أين مواثيق الأمم المتحدة عن حقوق الطفل والإنسان ؟ أم أن البشر الذين يعيشون في العالم الثالث لا ينتطبق عليهم تلك المواثيق ؟ وقبل كل ذلك أين جامعة الدول العربية تطالب وتُدافع عن قضية الوطن العربي ؟ .
ماذا حدث لتصل الأمور لهذا الحد ؟ ... ببساطة يا سادة الوعي الذي أندثر مبكراً داخل أوطاننا وخذلنا وجوده بالتواني غير المبرر بالبعد عن المعاني الحقيقة للوعي ، الحرية ، القيمة ، الحضارة ، الفن ، العلم ، التقدم والإنسانية وهي أهم معني تفتت قيمتة وسط الأنشغال بصراعات فارغة لا قيمة لها علي الإطلاق . مما جعل الأفكار السودوية والعدمية والجهادية التي توجه ضد الإنسانية تُسيطر علي المشهد لتُسدل في نهاية القصة بستار الحرب التي تأتي علي الأخضر واليابس وكل شيء واهم شيء الإنسان البسيط الذي لا يحمل في رأسه الصراعات السياسية المرهقة بل كل ما يشغل تفكيره كيف يمكن أن ينعم بالأمان في وطنه الذي نشأ فيه وكيف يمكن أن يري مستقبل أفضل لأولاده !
في الحقيقة قمة المأساة أن يتحول كل هذا في النهاية إلي مجرد سراب وحلم بعيد المنال ! ... هل يعقل أن تصبح هذه الحقوق الطبيعية أحلام ؟أنه لأمر مُخذي حقاً أن يصبح ذلك . والأمر الأكثر تعجباً أن تبادرالمانيا والذي لا يمكن أن ينسي التاريخ يوماً موقف المستشارة الألمانية : أنجيلا ميركل والتي لم تتواني هي وبلادها علي مساعدة اللاجئين حفظاً لحقوق الإنسانية في حين أن الدول العربية تقف موقف الصمت غير المبرر وخاصة الدول التي لديها من الأمكانية المادية التي تسمح لها بإستقبال اللأجئين بدلاً من من أن يذهبوا للمجر وغيره ويلقون بأنفسهم علي قضبان القطارات حقاً المشهد لا يمكن أحتماله ... !
كيف يمكننا أن نبني وحدة عربية ذات إستراتيجية كبيرة ونحن لا نمتلك حتي مجلس إدارة أزمات لحل مشكلة كهذه ؟ نوعاً من الخيال أن نحلم بالأمم العربية الموحدة ومازال هناك لاجئين في دول العالم أجمع ...! متي ستأتي لحظة الإفاقة عندما نري طفل تلو الآخر تُغتال برأته في الموت ويفقد مصيره دون أي ذنب أرتكبه .
ما أقسي المشهد حقاً بدلاً من أن ترتفع رأسه نحو الشمس وأشعتها ليداعبها في صباح جديد تُنكس رأسه لأسفل في الرمال بعدما تقاذفته الأمواج وتُكتم ضحكته للأبد ... عن كم الأوجاع التي نطقت بها صورته عن كم الآلآم التي وخذت ضمير العالم الحي عن الشمعة الصغيرة التي أطفئتها رياح الحرب السوداء ... من المسؤول من المُدان إلي من نُقيم الدعوي ضده في محكمة الإنسانية ! ... رحم الله هذا الملاك وكل الملائكة التي لاذنب لها ... نعتذر لروحهم الطاهرة علّ العالم يفيق يوماً ويعي الجرائم التي يرتكبها في حق الإنسان !