ماجي ماجد الراهب تكتب : نوستالوجيا الهوية ...!
بداية تردد مصطلح " النوستالوجيا " في الأونة الأخيرة بقوة ما بين مقالات ومدونات وكتب وغيرها من وسائل طرح الأفكار المختلفة .. فهذا المصطلح يرجع تاريخه لأصول يونانية والذي تطور معناه فيما بعد الي فكرة الحنين الي الماضي بكل صورة من احداث ، طفولة او حقب زمنية معينة حيث يستقر بها شعور كامن يبعث علي الراحة والسكون بعيداً عن السريان الروتيني وجمود الديناميكية الذي اصبحنا نحيا بداخله ...
في معظم الاحيان يصل الإنسان بصفة خاصة والمجتمعات بصفة عامة إلي حالة من الأغتراب في المشهد السياسي ، القيمي ، الثقافي وحتي الإنساني فنجد ان اقتحام الثقافات الغريبة والتيارات غير المواتية أصبحت تتصدر المشهد بقوة ومن الممكن ان تكون العولمة الجارفة التي أمسكت بناصية العالم الحاضر وللأسف ثقافتنا في الإكتساب التي تربت منذ نعومة أظافرها علي التلقين دون التحليل والفرز الحقيقي للإفكار وبالتالي من السهل أن تُمحي هوية الكيان الإنساني والإجتماعي دون وعي صادق ومن هنا تظهر علامات التيهة داخل البشر وخارجهم ...!
ومن ثم تظهر الجمل الشهيرة " فين أيام زمان " ، " كل حاجة قيمتها قلت وخيرها قل " والتخبط الذي لا معني له بين ماكان وما هو كائن ثم نجلس للحسرة علي ما مضي ونبكي علي ليلانا ... وفي الواقع نحن من نصنع هذه الفجوة في حياتنا بالتشتت حول كل شيء الذي لة قيمة والذي ليس له قيمة دون تقدير للمواقف علي الإطلاق فلذلك نحاول جاهدين أن نلجأ إلي أفضل صورة كنا عليها يوماً حتي نستطيع أن نسكت ضمائرنا وهممنا كي نسطيع أن نواصل المسير ...!
حقيقة نحنّ لدينا سوء تصنيف وادراك للمعاني في نفس الوقت .. بحيث نحاول تلصيم الصورة من أجل إيجاد مسكنات لا حلول عملية للمشهد بحيث يتفق والصورة الصحيحة .. ان " النوستالوجيا " هي منطقة تحمل شقين داخل جوهرها فالشق الاول يعني العودة لمعرفة الماضي بكل ما فية من مناطق للراحة والإنكسارات والإنتصارات وبالتالي يتجسد الشق الثاني في أن نخرج بدروساً مستفادة نستطيع أن نشحذ بها همم تبني المستقبل الذي ينتظر دوره في دائرة الحياة أما عن وعينا لتلك النقطة للاسف هو جادب إلي مدي كبير مما يجعلنا اما ان نتوقف عند منطقة الراحة الماضية او نلعن الماضي بكل ما فية وهكذا تظهر الحقلة المفقودة ...!
القدرة علي تمييز هذه الحالة يجب أن تكون حاضرة نصب أعيننا كي نستطيع ان نعرف الإمكانات المتاحة لنعمل علي تنميتها فلو نظرت اليابان واندونيسيا والدول المتضررة من الحرب العالمية الثانية إلي ماضيها لتوقفت مئات السنين في مربع الصفر دون حراك إنما قدرتها علي الإستفادة من الأزمة الماضية جعلتها في مصاف الشعوب الآن واكثرهم قوة علماً وإقتصاداً دون ان تفقد قيمها أو جذورها الإنسانية ...
إعادة تأويل الموقف جملة وتفصيلاً يخلق حالة من الإستناره الحاضره لوضع الأمور في نصابها الصحيح . فليس الماضي مكاناً مفعم بالراحة والرخاء كما نتصور لكنة كان يحمل شقي الحياة الشقاء والراحة وليس الحاضر وليس المستقبل أيضاً يحملون الأشراق دوماً وليس كل ما يأتي من خارج الحدود هو المميز والأفضل والأصلح علي الإطلاق . رحلة البحث عن الهوية هي الإصلح ورحلة تطوير الهوية هي الإفضل ورحلة الوعي هي الأقوي . التقدم يعني القضاء علي ثقافة الإستهلاك لتبدأ ثقافة الإنتاج ، البحث والصخب الإنساني كي نعيّ موقعنا داخل دائرة الوجود !