ماجي ماجد الراهب تكتب: عندما يُصبح الآخر مبني للمجهول ...!
أنت أعمى،وأنا أصم أبكم ،إذن ضع يدك بيدي فيدرك احدنا الآخر ... بهذه الكلمات الذهبية كتب العظيم "جبران خليل جبران " في رائعته " النبي" كيف يمكن ان تكون قواعد الإنسانية الصحيحة . ومن اهم هذه القواعد الثمينة هي قاعدة الأختلاف اوبالأدق ثقافة الإختلاف التي اصبحت في طي النسيان لدينا منذ ان ضللنا طريق الإنسانية الحقيقة وحللنا محلها الإنسانية الجوفاء والتي تعتمد علي الشعارات الرنانة والمؤسسات التي لا تصنع سوي التصريحات النارية دون جدوي فعلية من الممكن ان تُغير في صميم ثقافة وضمير المجتمعات .
الآخر .. ذلك الشبح الذي دائماً ما يؤرقنا ليس لسبباً إلا لأنه يختلف عن النغمة التي تعودنا عليها وتوارثناها جيلاً بعد جيل فكم من آخر جُرجرَ إلي ساحات الإدانه قصراً.. وكم من آخر ألقيت عليه الأحكام جزافاً .. وكم من آخر جُرد من إنسانيته لانه لا يتمشي مع الذوق العام .. وكم من آخر حُرم من وجوده داخل دائرته المحيطة .. وكم من آخر طُرد خارج نطاق كيانة وكم من آخر القيت حريته خلف قضبان العادات والتقاليد .. وكم من آخر قُهرت أرائة كونها لا تُروق السامعين او بالأحري لم يحاولوا ان يتفهموها جيداً .. وكم من آخر لإختلاف نوعه أستُضعف دون مبرراً قوي .. وكم من آخر خُنق صوته كون نغمته مختلفة عمن يحيطون به .. وكم من آخر شُوهت أفكاره وأصبحت مجالاً للسخرية .. وكم من آخر أصبح في طي النسيان .. وكم من آخر حُرم من أن يكون ما يريده .. وكم من آخر ضل طريقه وسط الضوضاء المفتعله .. وكم من آخر سحبته التيهه بفعل المحيطين .!
من هذه النقاط التي سردنها نستنتج أنه لا مكان للآخر داخل حساباتنا وهذا لأن الأمر ببساطه يكمن في عدم التقبل للحن المنفرد ظناً منا أنه عصيان او تمرد علي السائد ! ... فماذا لو تقبلنا هل سنخسر شيء ؟ . علي العكس تماماً نحن نخسر حينما نفقده فيُصبح خصماً او ناقماً او عاجزاً عن الإبداع والتجدد ومن ثم تتجمد الفكره ويتحجر الوجود ويصبح التكرار هو سيد الموقف وتتراكم المجتمعات بلا معني داخل دائرة الرتابه ...!
يجب ان ننظر للأمر من زاوية أكثر معقولية وموضوعية. ان الحياة لابد ان تتنوع وتتجدد دماؤها فالصخب مجالاً للإبداع الحرالمنطلق فلا يمكن ان ينشأ الإبداع من النمط الواحد او السكون خوفاً من التجربه ... الخيال ليس ضعفاً او هروباً من الواقع إنما إمتداد خصب له فالواقع الذي يحيا بعيداً عن الإمتداد مصيره الفناء او الجمود لا محاله ... فلكم في الخيال حياة أيها البشر ولكم في التجديد وجود ولكم في الآخر هوية ولكم في قبوله معني ورقي وإنسانية ... فكم هي جادبة المجتمعات التي بلا آخر وكم هي فقيرة الإنسانية التي بلا إحتواء وتقبُل لذلك لا يمكن ان يكون الآخر مبنياً للمجهول بل معلوماً معروفاً يمتد صباحه علي المحيط الدافيء...!