A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

مينا ماهر يكتب: دردشة بالعربي الفصيح... رواية ”إلى متى تجوع الضباع؟” (15)

مقدمة: بدأت في كتابة هذه الرواية في مايو ٢٠١١ وانتهيت منها في نوفمبر ٢٠١١! تدور أحداث الرواية في أول ستة أيام من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، لذلك يجب أن تقرأ في السياق الزمني والسياسي المناسب لهذه الفترة! في الحلقة السابقة: ناقشنا كيف ساهم نظام التعليم العالي في مصر في انهيار المجتمع، بإثماره فئات مهنية فاسدة، مثل طب المقاولات الذي يزاوله شوقي الرشيدي الطبيب الفاسد الذي شهدت عليه حشود الدروع البشرية الملتفة حول المتحف المصري و من ضمنهم الفنانة الشامية الصاعدة! أما داخل المتحف، فالجدال لا يزال مستمراً بين فريق لصوص أبو دومة، الفتوة الذي يعمل لصالح الحكومة، وزعيم فرقة اللصوص الثالثة ذات الغرض الدفين!  

حلقة ١٥:

"تحرش جنسي"

  من العجيب أن تقف بجسارة الأسود هذه الفنانة الشامية وھي غريبة عن مصر، لتحمي المتحف المصري. قد يبدو الأمر بديھياً جداً عندما نكتشف أن أول بطولة سينمائية مطلقة لھا ستكون في فيلم كان من المفترض أن يتم تصويره خلال أسابيع قليلة من تاريخه، وتدور معظم أحداثه داخل المتحف المصري! فإن ظن البعض انھا مساقة فقط بهدف المصلحة الشخصية، لكن ھي أكثر ولاء وأجدر إحترام من شوقي الرشيدي و ٔامثاله. لذا كلفها خالد شبراوي أن تشرف هي بنفسها على الجھة الشمالية من المتحف، ثم مضى ليعود إلى أسرته تاركاً تامر الدسوقي مراقباً على الجھة الشرقية. قبول الفنانة العربية طلب الاشراف على الجانب الشمالي من المتحف، أدى الى نفور بعض أفراد   الدروع البشرية في الجھة الشمالية بدافع عنصر الرجولة النرجسي، فابتدٔاوا يهزؤون بها ومن لكنتھا المصرية الركيكة؛ و منھم من عكف على مھاجمتھا و التهكم على ٔاداءھا الانثوي الرطب في موقف قيادي يتطلب الخشونة الذكرية؛ بينما حاول آخرون التودد اليھا و مغازلتھا. ورغم إعلانھا عن استياءھا، الا ان السخافات قد تمادت الى ان وصلت حدها عندما حاول أحد الشباب الالتصاق بھا من الخلف، فاستدارت ولطمته تلقائياً، مشنة عليه حرباً كلامية بلھجتھا الأصلية! فٔاثارت اللطمة كبرياء الشاب، وسط هذا الجمع الذكوري العظيم، فھجم عليھا بدوره ليضربھا؛ لكن في لمح البصر قامت يدٌ مجهولة بجذب الشاب من ياقة قميصه ورمت به أرضاً بعيداً عن الفنانة، التي ما لبثت أن ھربت فوراً من المكان! وظهر فجأة شخص طويل القامة وقوي البنية من بين الحشد قائلاً للشاب الفاسد: - ما تتلم يا لَه... وإذ بالمتحرش يھجم على الشخص ويمزق قميصه دافعاً اياه بعيداً، فسقط شيء على الأرض، فدنا منه المتحرش ليلتقطه ظاناً أنه يخصه، وإذ بھا بطاقة الآخر، ورغم تعسر الرؤية لكنه استطاع أن يقرأ ما فيها، فنظر نحو الآخر وصاح بأعلى صوته ليلفت أنظار من حوله: - ظابط بوليس كمان!؟...يا أھلاً!!  

"صراع في المتحف"

اعترت جمعة الضبع حالة شديدة من القلق؛ فمن يكون يا ترى هذا الطرف الجديد، الذي يظھر كراھية واضحة لـ أبو دومة وأتباعه، وربما ينوي ايضاً الاستيلاء على المسروقات وحده! جمعة لا يثق بجنس مخلوق، والبشر كلهم في نظره خونة مهما أُثبت العكس. كما أن تجاھل زعيم العصابة الأخير لسؤاله عن غرض اقتحامهم للمتحف كان كافيا لزرع الشكوك في نفسه! فهو ظن أن سرقة المتحف، في ظل الظروف الحالية، ما ھي إلا نخزة دبوس، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن! فتراءى لجمعة الدباغ حطام حلم طفولته، ولم يوقظه من كوابيس اليقظة ھذه، إلا صيحة كبير العصابة الأخيرة لرجاله: - يلا...اتكلوا على الله، بارك الله فيكم! فھمَّ ثلاثتھم في تكسير الواجهات والتماثيل في القاعة، مما أثار دھشة وسخط جمعة؛ اما شريف فقد صرخ بغيرة ملحوظة: - بتعملوا ٕايه يا كفرة؟ ... دا تاريخ البلد... وما ان سمع أحدهم ھذا التوبيخ، حتى كاد ينھال عليه بعصاه الثقيلة وھو يقول غاضبا: - أنا كافر ...عشان باطھر البلد من الأصنام اللي فيھا...طب خد دي… لكن استوقفه كبيره بصوت مدوٍ وحزم: - جعفر...مش وقته... - مانتش سامعه يا اخ عبد القادر؟ - قلت مش وقته… فتراجع الرجل للتو عن تهشيم رأس شريف! عندها بدت بلاھة خميس واضحة كالشمس عندما قام عفوياً بتسليم جعبة مسروقاته بكل خنوع لعبد القادر خوفا من ان يضرب بالعصا ھو الآخر، فرمقه اخوه بنظرة حادة وقال: - بتعمل ٕايه يا اھطل!! فقاطعه عبد القادر مبتسماً وقال: - ماتخافش...ما تلزمنيش الحاجة دي...دا حقكم...سرقة الفاسق حلال فيه! و ٕاذ بـ أبو دومة يشترك في الحديث ايضاً: - فاسق إيه و أصنام ٕايه و حلال و حرام ٕايه؟!..انتو جماعات يالهَ ولا ايه؟ أجابه عبد القادر: - قلنا مش شغلك؟ - مش شغلي ازاي؟! دا ٔانا صميم شغلي ٔاني الم الزبالة دول من البلد. عندھا فاجأه أحد الثلاثة بضربة من الخلف في سلسة ظھره قائلاً: - ما تقولش زبالة! تألم أبو دومة جداً، فكاد رجلاه أن يتدخلا ولكنه اشار لھما بعدم التدخل، ليسترسل رغم الألم ويقول: - شفت؟...تبقوا جماعات... و ٕاذ بعبد القادر يجيبه: - آه يا سيدي...جماعات..فاكرنا يعنى حنكش نخاف؟!... استطاع أبو دومة ان يلفظ انفاسه ورد: - يمكن مش دلوقتي هتخافوا...بكرة لما الناس تعرف انكم انتو اللي خربتوا المتحف المصري...حتعرف انكم شوية لمامة...و تلبسوھا. قھقه عبد القادر بضحكة مفتعلة معلقاً: - آه يا ابو دومة...يا كلب الحكومة...ضحكتني...ٕاحنا ما يتلويش دراعنا يا قواد...تفتكر يعني ان ٕاحنا أغبيا للدرجادي اننا ندي الحكومة فرصة تلبسنا الغلط والعياذ بالله...كله معمول حسابه يا ابو دومة...الحكومة لابساھا لابساھا...و بكرة تشوف... حاول أبو دومة جاھداً أن لا يزعزعه الكلام فقال قلقاً: - معمول حسابه ازاي...؟ - دا بقى كلام كبير عليك قوي...بس كفاية تعرف ان ٕاحنا عندنا ناس مش نايمة على ودانھا...واوعى تفتكر ان ٕاحنا اتفاجئنا بوجودكم ھنا!! لا…ھو ٕاحنا تايھين عن الحكومة وألاعيبها؟!! - على فكرة... ٕاحنا لينا برضه عيون كتيرة وسطكم... - بس إحنا لينا عيون اكتر! ثم ابتدٔا كل منھما بالتباهي بٕانجازات كتلته، حتى تطور الحديث إلى صراع أيدٍ أدى إلى تكسير عدد أكبر من الواجهات، و ُضرب ٔايضاً كل من جمعة وخميس وشريف حتى لا يحاولوا الھرب!  

"الأخ عبد القادر"

 لم تكن البيئة التي نشأ فيھا عبد القادر بعيدة عن بيئة جمعة الضبع و ٔابو دومة، فقد ولد ھو الآخر في عشوائيات امبابة بين القاھرة والجيزة؛ كان يعمل كحلواني متجول، لمدة ١١ عام، إلى أن غير اتجاھه تماماً في عام ٢٠٠٠م! ان مھنة الحلواني ترتبط بكل ما ھو جميل ومبھج، وبالطبع لذيذ. فما من أحد دخل دكان حلواني إلا و ٔاستنشق بعمق رائحة العجين المختمر الطازج الشهي، واشتهى أن يأكل من كل الأطايب المعروضة المختلفة. ونتخيل أن الإعتياد يومياً على هذا الجو المسالم المريح قد يبعث في النفس حالة من الوداعة، بل ومتعة ٕاسعاد الغير. لكن لم يتأثر مطلقاً عبد القادر برائحة الخمير ولا المعجنات الساخنة ولا اصناف الحلويات حينما جاءه احدھم طالباً منه صحن "زلابية" بالعسل، وسأله أيضاً في جدية تامة: - تحب تحلي حياة الناس بجد وتاكلھم عسل مالوش نھاية ومن غير ما يكلفك حاجة؟؟!! ضحك عبد القادر، وسأل بفضول: - و دا الاقيه فين دا؟ - تعا َل معايا و انا اقولك... كانت ظروف عبد القادر المعيشية صعبة، والعرض كان في غاية الجاذبية! فمن في ظل تلك الظروف، يرفض زوجة وشقة ومرتب شھري مغري مقابل تنفيذ بعض التعليمات؟ عثر عبد القادر على نفسه التائهة في هذه الجماعات؛ فكبر وتمرس في مھامه، ورغم عدم اشتراكه المباشر في أية عمليات ٕارھابية في البدايات، لكن احتوت سيرته الذاتية أعمالاً مخجلة أخرى. وبعد خبرة عشر سنوات، نبغ فيها في علومھم واساليبھم، صار من العقول المدبرة وذوي الأمر. وحلم بـ اقتحام وتدمير المتحف المصري لما فيه من تماثيل لآلهة حثت البشر في الماضي على الشرك بالله! فكلما كبر الھدف كبر الثواب أيضاً، ومن ثم النفوذ والشھرة والعائد المالي ـ وھو الأھم! فاختار عبد القادر توقيت تخريب المتحف في الوقت ذاته الذي أوشك فيه أبو دومة على نفس الفعل المشين، ليضمن تنفيذ الخطة الجليلة المبيتة منذ القدم لمحو التاريخ، وتلفيق التهمة كلها لزبانية الحكومة.  

يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم!