مجدي خليل يكتب: دفاعاً عن خالد ابو النجا
فى توقيت واحد وتزامن مثير للتأمل،يحصل الفنان المتميز خالد ابو النجا على أفضل ممثل فى مهرجان القاهرة السينمائى لعام 2014 عن الفيلم الفلسطينى " عيون الحرامية" فى نفس التوقيت تنهال عليه موجة وأسعة من الردح والشتائم والتطاول والبذاءات والتخوين لأنه أبدى رأيا سياسيا فى الوضع الحالى ،سواء كان هذا الرأى صواب أو خطأ، فى النهاية هو مجرد رأى سياسى.
إن المشهد الإعلامى يكرر نفسه ويعيدنا مرة أخرى إلى المربع رقم واحد للعقدين الأخيرين من عهد مبارك،حيث تكونت مافيا من رؤوس إعلامية تحالفت مع دولة الفساد حتى أصبحت جزءا منه، ونسقت مع الدولة العميقة من آجل الحفاظ على النظام السياسى ومكاسبهم فيه،هذه المافيا الإعلامية أرتفعت أصواتها القبيحة فى السنة الأخيرة لتخوين المختلفين فى الرأى،ومحاولة القضاء على أى معارضة سياسية حقيقية كما كان يحدث فى عهد مبارك ،مع فحيح يومى ينطلق من هذه الآلة الإعلامية القبيحة لشيطنة كل معارض. رغم أن الذى قام بالثورتين ودفع الثمن هو الشعب المصرى فى الوقت الذى تقلبت هذه الفئة على كل الأتجاهات وكانت تخفض صوتها أو ترفعه فى عهد مرسى بتوجيهات وأضحة من الدولة العميقة. هؤلاء الأدوات يتصورون أنفسهم وكأنهم حراس للوطنية ومانحوا صكوك الوطنية. هذه هى بالضبط أعراض الفاشية والشمولية تتكرس عبر أدوات إعلامية مافيوية أمنية وللأسف لا يخجلون من كونهم أدوات. بل يفتخرون بزعم أنهم أدوات تحارب الاخوان، ولكنهم فى الواقع أدوات تحارب الشعب وليس الاخوان.
فى الزيارته الأخيرة لنيويورك للرئيس السيسى كانت الكثير من هذه الأدوات ترافق الزيارة،وكان المشهد هو نسخة بالكربون مما كان يحدث فى عهد مبارك وبنفس الوجوه تقريبا. هل يتصور هؤلاء أنهم قادرون على إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء؟، هل لا يدرى هؤلاء أن مصر قامت بثورتين مرة على الفساد والإستبداد السياسى ومرة أخرى على الفساد والإستبداد الدينى؟،هل يتصور هؤلاء أن ثورة 30 يونيه كانت من آجل عودة الفساد والإستبداد السياسى؟. هم بهذا واهمون ويرون الصورة مقلوبة. ثورة 30 يونيه كانت ثورة على الفساد والإستبداد الدينى ومن ثم فهى أمتداد لأهداف ثورة 25 يناير. والجماهير التى أسقطت التكفير والمكفراتية لا تستطيع تحمل فريق التخوين والمخواناتية.
والمحامى سمير صبرى الذى تقدم ببلاغين للنائب العام يتهم خالد ابو النجا بالخيانة العظمى ومحاولة قلب نظام الحكم ،هو نفسه المحامى الذى رفع قضية على الدكتورة نوال السعداوى عام 2001 بغرض تطليقها من زوجها دكتور شريف حتاتة لأنها مرتدة على حد زعمه، لأنها كتبت بشجاعة ما تفكر فيه. هذا المحامى إذن يلعب على وترى التكفير الدينى والسياسى،ويثبت أن التكفير الدينى والتكفير السياسى كلاهما وجهين لعملة واحدة هى الفاشية بكل معانيها.
يخطئ النظام السياسى الحالى لو أعتمد على هؤلاء الإعلاميين والمهللين والمكفراتية
لمساندة حكمه،هؤلاء مجموعة مرتزقة كل همهم الالتصاق بأى نظام من آجل مصالحهم. إن الشعب المصرى الذى قدم تضحيات كبيرة لا يتحمل مرة أخرى العودة لأى من التكفير الدينى أو السياسى.إن هذه الشرشحة الإعلامية ستمنع وصول صوت الشعب الحقيقى ومزاجه وتوجهاته إلى صانع القرار،ومع مرور الوقت ستتحول إلى طبقة كليسترول سميكة ومميتة تؤدى إلى سقوط النظام بالسكتة القلبية.
إن مصر تحتاج إلى أن تتجدد من كل هذا الهواء الفاسد الذى ملأ الأجواء المصرية بثانى أكسيد الكربون الخانق. إن المواطن المصرى البسيط لديه ولاء للنظام الحالى أكثر من هؤلاء المطبلتية الذين لا يعرفون الولاء سوى لمصالحهم. إن حالة غيظ مكتوم بدأت تجثم على صدر المصريين من أن الطبقات الفاسدة تعيد تشكيل نفسها من آجل إعادة السيطرة على المشهد العام فى مصر.
إن من يبرر هذه الشرشحة وهذا التخوين بزعم أن مصر تمر بمرحلة خطيرة فى مواجهة هذا الإرهاب المجنون فهو مخطئ،الحرب على الإرهاب تتطلب حشدا مجتمعيا حقيقيا يساند الجيش والشرطة فى مواجهة هذا العدو الشرس، وليس تسليط هؤلاء الإعلاميين على الشعب لتخوينه ومطاردة أصحاب الرأى المختلف بحجة لا صوت يعلو على صوت الحرب على الإرهاب. الحرب الحقيقية على الإرهاب تتطلب تحديه بالإبداع والعمل ووجود معارضة تصوب الأخطاء، وفتح النوافذ والإنفتاح على العالم وحب الحياة،وفى نفس الوقت تعبئة طاقات المجتمع من آجل الوقوف صفا واحدا فى مواجهة هذه الحرب المجنونة.
باختصار إن هؤلاء المرتزقة والرداحين الذين يتصورون أنهم قادرون على تخويف الشعب بالتخوين هم فى الحقيقة يحشدون الشعب لكى ينفجر فى وجه النظام،فالشعب الذى انفجر فى وجه التكفير هو قادر على أن ينفجر فى وجه التخوين... وعلى النظام السياسى الاختيار بين هؤلاء الذين كانوا سببا فى سقوط نظام مبارك وبين الشعب الذى استجاب له عدة مرات وخرج بالملايين لمناصرته فى وجه جماعة تكفيرية ظلامية.
سيادة الرئيس الشعب يحبك وهؤلاء الرداحين يحاون تنفير الشعب من نظامكم.