A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب: ختان الضمير

من أشد الأمور صعوبة علي الإنسان هي محاسبة النفس والاعتراف بالخطأ. فكلنا نحب أن نري ذواتنا كاملين لا عيب فينا. وبما أن هذا أمر يستحيل حدوثه لكوننا بشرا خطائين لذا نؤثر أن نغض أبصارنا عن العيوب ونتعامل مع أنفسنا علي أنها كالزبون دائماً علي حق. المشكلة أننا بهذا التعامي وادعاء البر إنما نختن ضمائرنا ونفقد إنسانيتنا ومع الوقت تتضاءل درجة تعاطفنا مع الآخرين. حكت لي صديقة حكاية لاتزال عالقة بذهني إلي الآن.. قالت: ״كانت لوالدتي خالة عجوز تخطت التسعين وكانت -علي بخلها -امرأة ثرية مما جعلها فريسة ً للأقارب الطامعين الذين التفوا حولها متمنين موتها السريع ليرثوها. وقد حاولوا التظاهر بمودتها وبالرغبة في خدمتها أمداً طويلاً غير أن المرأة كانت متمسكة بالحياة بشكل مثير للعجب فكانت كلما مرضت وتوقعوا أن النهاية غدت وشيكة، عادت فتماثلت للشفاء وخيبت رجاءهم في الإرث المأمول.كما أنها كانت إمرأة مُتعِبة، سليطة اللسان، كثيرة المطالب ودائمة التبرم والشكوي مما دعا الجميع في نهاية الأمر إلي إهمالها والانفضاض من حولها وخاصة لأن أحداً لم يكن يعلم المكان الذي تحتفظ فيه بأموالها. لم يبق معها في النهاية سوي والدتي التي إستضافتها في بيتنا وكانت تقوم علي خدمتها بمنتهي الحب والرعاية كما يليق بإبنة بارة متحملة شكواها ولسانها السليط. وتمرالأيام ويحصل أخي علي الثانوية العامة بمجموع يجبره علي الالتحاق بجامعة بعيدة ويقتضي الأمر أن تسافر والدتي معه لتساعده علي الإستقرار والعثور علي محل إقامة.. ولما لم يكن فينا أنا وإخوتي من يستطيع خدمة الجدة العجوز نظراً لصغر سننا ولانشغالنا بالدراسة إضطرت أمي أن تلجأ إلي أختها الكبري وتترجاها أن تستضيف الخالة العجوز في بيتها أسبوعاً أوإثنين علي الأكثر لحين عودتها من تلك المهمة العاجلة.. وتقبل خالتي علي مضض! ثم تشاء الأقدار أن تمرض المرأة مرض الموت وهي في بيت خالتي. وإذ تشعر بدنو الأجل تنادي خالتي وتطلب منها أن تفك جراباً التف بإحكام حول خصرها.. فإذا بذلك الجراب يحوي كنزاً من العملات الذهبية.. تمنحها إياه وتوصيها أن تعطي كل ما فيه لأمي .. ثم تموت. ولكن يلمع الذهب في عين خالتي وتقرر الإحتفاظ به لنفسها وتكتُم الأمر عن أختها. ثم تمر السنون والأخت الكبري تتمتع بالثروة بينما أمي ترزح تحت وطأة أعباء الحياة..حتي يأتي يوم أسود نسمع فيه أن ابن خالتي إنقلبت سيارته علي الطريق الصحراوي ويرقد في المستشفي بين الحياة والموت. ويعتصر الألم قلوبنا جميعا خاصة خالتي التي تربط بين جريرتها التي ارتكبتها في حق أمي في الماضي وبين ما حدث لابنها.. فتطرق باب بيتنا في منتصف الليل وهي منهارة.. وتبكي بشدة بين يدي أمي وهي تقص عليها ماحدث وتطلب صفحها وتعرض عليها أن تعوضها بأي مبلغ تطلبه. ولكننا فوجئنا بأمي ترفض أن تأخذ أي تعويض. ولما عنفناها فيما بعد قالت: لقد عشنا العمر كله دون أن يعوزنا شئ.. وأختي وإن كانت أخطأت إلا أن مواجهتها لنفسها واعترافها بالخطأ يكفيان لمسامحتها.. إن ثروتي الحقيقية هي في الحفاظ علي المحبة التي تجمعنا. وبرغم تماثل الولد للشفاء إلا أن خالتي لم تندم قط علي مصارحتها لأمي بالحقيقة وقالت أن اليوم الذي اعترفت فيه بارتكابها تلك الفعلة المشينة كان أول يوم تعرف فيه طعم النوم العميق علي مدي سنوات طويلة.. وأنها لو كانت تعلم مدي الراحة التي ستستشعرها بمجرد اعترافها بخطئها لفعلت ذلك منذ زمن. أحياناً ترهبنا المواجهة فنعتقد أن في تأجيلها راحة..ولكن هذه المماطلة تسبب في أن تتلطخ سنون العمر بالمشاعر السلبية وعذاب الضمير بينما الأحري بنا أن نواجه المواقف بشجاعة ونتحمل تبعات أفعالنا مرة واحدة نهنأ بعدها بالسكينة والسلام وراحة الضمير.