جود نيوز أحد رعاة الحفل.. تذكرة مجانية إلى مصر! في حفل ١٩ يوليو مدينة أوروبية تعرض أراضي للبيع بثمن فنجان قهوة.. هل تفكر في الشراء؟ فتح تحقيق بحادثة انتحار ”روبوت” ابتكار زجاج ”يصلح نفسه” موجة حر تذيب تمثال أبراهام لينكولن في واشنطن كيف تتأثر الشهية بحرارة الصيف؟ للوقاية من السكري.. احذر الضوء في هذا الوقت من الليل السباحة للحامل في الصيف.. الفوائد وشروط الأمان دراسة تكشف فائدة غير متوقعة للبرقوق إلغاء مباراة سموحة وبيراميدز بسبب حريق في إستاد الإسكندرية السعودية تعتزم استضافة نزالات نسائية في بطولة القتال النهائي ”يو إف سي” المهاجم الياباني ميورا البالغ 57 عاما ينضم إلى ناد جديد ولا يفكر في الاعتزال

دولا أندراوس تكتب: المنهج اللا عنفي

كلما سمعت عن دعوات تنادي بالعنف وتبرر استخدامه ولو من أجل تحقيق غايات يبدو بعضها في ظاهره عادلاً وسامياً ونبيل المقصد، تقفز إلى الذهن على الفور صورة غاندي، ذلك الرجل الضئيل البنية الهزيل البدن الضعيف النظر، الذي لم يكن يميزه عن غيره من آلاف الذين شاركوه حلمه العظيم بتحرير الوطن سوى خاصية واحدة فقط هي إيمانه العميق بالمنهج السلمي. لم يكن غاندي نبياً ولا فيلسوفاً ولا رئيس طائفة، ولم يكن ناشطاً ولا مصلحاً ولا محللاً، ولم يكن زعيماً، ولا مؤسس حركة ولا حامل أي لقب من أي نوع. كان رجلاً عادياً أحب وطنه بصدق وأخلص، حتى الموت، لقناعته بقدرة المقاومة السلمية على تغيير العالم. تعرض غاندي في مستهل حياته لحادثة أثرت على مجراها فيما بعد. حيث كان قد قبل بالعمل كمحام لدى هيئة ترعى شؤون الهنود في جنوب أفريقيا. وكان عليه أن يأخذ القطار إلي البلدة التي بها مقر عمله. فحجز تذكرة في الدرجة الأولى كما يفعل المحامون واستقر في مكانه بالقطار استعداداً للرحلة لكن أمراً ما حدث عكر صفوه وقلب حياته كلها رأساً على عقب.. وهو أن أحد المسافرين البيض اعترض على وجوده في عربات الدرجة الاولى.. ومن ثم أمره مفتش التذاكر أن يغادرها. كانت صدمة قاسية لغاندي الذي رفض بإصرار مغادرة مكانه قائلاً أنه دفع حق التذكرة بالكامل وأن من حقه البقاء...فقامت مشادة بينهم تم على اثرها إلقائه من القطار بحقائبه.. وانتهى به الأمر إلى قضاء الليلة في البرد والعراء. كانت تلك هي نقطة التحول التي قرر بعدها أن يبدأ جهاداً مستميتاً من أجل الاستقلال مؤسساً حملته على مبادئ المذهب الهندوسي الذي يسمى أهيسما والذي هو الامتناع عن الأذى والرغبة في فعل الخير ومقاومة العنف بدون سلاح.
وما بين البريطانيين الذين كانوا يميلون إلى رؤية النضال الهندي من خلال منظور التاريخ الاوروبي متمثلاً في الثورات الفرنسية والروسية والصراعات القومية الايطالية والأيرلندية، وبين الساسة الهنود الذين ارتأوا أن القوة لا تفرض إلا بالقوة وأنه من الحمق أن تضحي بمكاسب إستراتيجية من أجل أسباب أكثر مواءمة للاخلاق منها للسياسة، بين هذين الفريقين واجه غاندي التحدي الاكبر لتغيير تلك الثقافة وللاحتفاظ بالطبيعة السلمية لحملته. وبالفعل كانت الحركة الهندية المتحررة التي قادها غاندي من أهم الحركات التي أدت في نهاية المطاف إلى إنسحاب البريطانيين وتحرير الهند سياسياً وحصولها على استقلالها عن بريطانيا.
لقد آمن غاندي بأن استخدام العنف لمواجهة العنف ليس علاجاً منطقياً له بل هو منهج يمنحه إستمرارية واستقواء إذ يوجد أشكالاً من ردود الفعل المتطرفة التي تغذي بنية العنف وتضمن بقاءه فآثر أن يواجهه بطرق سلمية وهو نهج سليم تماماً. فالعنف الذي هو تعد متعمد على الآخر ونزوع إلى استخدام القوة لارغامه على إتيان أفعال تتناسب مع رغبات صاحب القوة وإنتماءاته وأهوائه وتقديراته الذاتية وتعريفاته للقيم الأخلاقية هو وسيلة الأنذال والمجرمين والفاشلين لفرض رؤاهم وإجبار الناس على الرضوخ لمنطقهم والقبول بأمور لولا التخوف من الأذى لما قبلوا بها. ومحاربة هؤلاء بنفس أسلحتهم تضمنا إلى صفوفهم وتجعلنا مثلهم. ولهذا فإن مسؤولية نشر ثقافة التسامح تقع على الجميع وبخاصة القائمين على مؤسسات الدولة من أجل إصلاح المنظومة الثقافية والقانونية والتركيز على إعلاء قيم التعايش والتشارك لكي نسمو عن التشبث بما نختلف فيه إلى الوعي والتمتع بما نشترك فيه بحكم الانسانية.