إبرام مقار يكتب: إستفتاء الأعياد في كندا .. بين التعبئة والتوعية
منذ عام، وتحديداً في أبريل من العام الماضي، وأثناء مقابلتنا مع قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة، نقلنا لقداسته شكوي بعض الشباب، والعديدين من أعمار مختلفة، بسبب إختلاف موعد أعياد الميلاد والقيامة عن مثيلتهما في المجتمع الكندي الذي يعيشون فيه، والحقيقة أظهر قداسة البابا تعاطفاً شديداً مع هذا الأمر، بل وقال قداسته أنه يُقدر حجم المشكلة، من حيث الإحتفال بعد الموعد لمن حولنا ، ووجود الأعياد في أيام عمل، وأضاف قداسته ما نصه "أننا ككنيسة قبطية بدأنا دعوة علي مستوي العالم ، وفي حواراتنا وتبنينا دعوة لوحدة ولو عيد واحد من العيدين"، وكذلك أخبرنا قداسته أن هناك بحث خاص بهذا الأمر أعده نيافة الأنبا بيبشوي لأخذ خطوات في هذا الطريق. واثناء زيارة قداسته لكندا في سبتمبر الماضي وفي لقاء مع خدام أحدي الكنائس سأل قداسته الحضور من الخدام عن من يؤيد ومن يعارض إتحاد الأعياد؟؟، وكان هذا الأمر في شكل عفوي وربما في إطار "الدردشة" ليس إلا. وهنا جاءت الفكرة الشجاعة لقيادات كنسية هنا في كندا، بطرح إستفتاء، - يمكن إجراءه علي الإنترنت أو بطرق أخري - ويشمل عدة أسئلة للإختيار لتحديد مدي قبول أو رفض الأقباط في كندا لفكرة توافق الأعياد أو بقائها كما هو عليه، بغرض عرض نتيجة هذا الإستفتاء علي قداسة البابا في لقاء خاص بالخدمة في المهجر في مايو القادم. وتلقينا هذه الدعوة مثل كثيرين علي الإيميل صباح يوم "سبت النور" من أحد الأباء ، وبعدها بأسبوع تم التذكرة بالإستفتاء وارساله مرة أخري عبر قيادة كنسية أعلي. وبرغم فكرة الإستفتاء الشجاعة، والأسئلة المختارة بعناية، وتعدد الإختيارات للإجابة والاختيار، إلا ان إستفتاء خطير وتاريخي وهام مثل هذا، كان يتطلب مرحله أكبر من الإعداد للمصوتين به قبل طرحه ، كان يتطلب قدر أكبر من "التوعية" بأكبر قدر من المعلومات المتعلقة بالامر بغرض توضيح هوية وطبيعة وحساسية هذا الإستفتاء - دون أي توجيه للإختيار بالطبع - فهناك من رفض إختيار تغيير موعد الأعياد لتتوافق مع كنائس أخري، فقط إعتقاداً بأن هذا تغيير "عقيدي" وليس "إجتماعي"، رغم أن مجرد طرح هذه الأسئلة من قبل قيادات كنسية ، هو الدليل الأكبر علي أن جميع الأختيارات لا تحمل أية مخالفة عقائدية، بل أن أهم الابحاث التي صدرت بشأن توافق الإحتفال بين الكنائس، طرحتها قيادات كنسية محترمة مثل القمص يوحنا نصيف بالأسكندرية ، والقمص "يوحنا رمزي" بتورنتو. وأن الأختلاف بين الشرق والغرب حول هذا الامر، "هو خلاف فلكي وليس عقائدي ، مثل إختلاف نظام درجات الحرارة حين تُقاس بالسيلسيوس أو الفهرنهيت" بحسب نص ما قاله قداسة البابا في حواره ل "جود نيوز". فضلاً عن أن إختيار يوم عيد الميلاد ذاته، جاء من يوم عيد "الشمس" لدي الوثنيين، فتم الإستفادة من هذا اليوم وأعتباره كمولد المسيح، "شمس العهد الجديد"، والأهم من ذلك كان يجب التنويه بأن معركة الحفاظ علي هويتنا الوطنية في بلاد المهجر، تختلف عن معركة هويتنا الدينية، فالكنيسة القبطية لها دور ورسالة وكرازة نحو المجتمعات الجديدة التي تعيش فيها ، وعلينا ربط الجسور مع تلك المجتمعات - دون مخالفة لإيمان وفكر الكنيسة - من أجل نفوس من حولنا، وإلا سنكون كنائس غريبة في أرض غريبة. ولكن للأسف قصر الوقت وندرة المعلومات ، وتخويف البعض بمخالفة ثوابت إيمانية حال التغيير، خلق حالة من "التعبئة" بين الكثيرين ضد الامر ذاته ،وربما ضد مناقشة الفكرة والغرض منها، وحمٌل الإستفتاء ما ليس به.
اليوم تم طرح هذا الأمر في كندا، لانها كانت الدولة الأقدم لهجرة الأقباط اليها وأصبح لديها جيل ثاني وثالث ورابع ، وغداً ستظهرهذه المطالبات من أجيال جديدة مماثلة في دول مهجرية أخري. وعلينا الإستعداد لاستفتاءات مماثلة. وأثق في الجالسين علي الكراسي البابوية الأن، سواء كان البابا تواضروس "المُصلح" و البابا فرانسيس "المحب" في أننا سنصل لنقطة سواء في أمر أراه مفيد أكثر ما يضر، لأن الهدف الأسمي للإحتفال بعيدي الميلاد والقيامة - وطبقاً للفكر الروحي للمسيحية - هو أن يعيش الناس بميلاد المسيح وقيامته في قلوبهم وبقلوبهم