جود نيوز أحد رعاة الحفل.. تذكرة مجانية إلى مصر! في حفل ١٩ يوليو مدينة أوروبية تعرض أراضي للبيع بثمن فنجان قهوة.. هل تفكر في الشراء؟ فتح تحقيق بحادثة انتحار ”روبوت” ابتكار زجاج ”يصلح نفسه” موجة حر تذيب تمثال أبراهام لينكولن في واشنطن كيف تتأثر الشهية بحرارة الصيف؟ للوقاية من السكري.. احذر الضوء في هذا الوقت من الليل السباحة للحامل في الصيف.. الفوائد وشروط الأمان دراسة تكشف فائدة غير متوقعة للبرقوق إلغاء مباراة سموحة وبيراميدز بسبب حريق في إستاد الإسكندرية السعودية تعتزم استضافة نزالات نسائية في بطولة القتال النهائي ”يو إف سي” المهاجم الياباني ميورا البالغ 57 عاما ينضم إلى ناد جديد ولا يفكر في الاعتزال

دولا أندراوس تكتب: برج بابل

كل مرة تصيبني لوثة أمل في غد أفضل وأفتح التلفاز لمشاهدة ما يجري علي الساحة السياسية في مصر، أصطدم بأحد البرامج الحوارية فأصاب بخيبة أمل ويأس تام من إنصلاح الأحوال. لم يخيب أحد تلك البرامج ظني مرة واحدة، ويخرج عن الصورة النمطية التي إعتدتها في الآونة الأخيرة. كل البرامج أصبحت عبارة عن خناقة مبتذلة بين طرفين يظن كلاهما أن علو الصوت هو دليل سلامة المنطق وقوة الإقناع.. وعندما تفشل هذه الإستراتيجية تبدأ إستراتيجية الردح ووصلات السباب والشتائم . هذا عن الضيوف، أما المذيع فأحد ثلاثة؛ إما حائر أفلت منه الزمام وفقد السيطرة علي إتجاه الحوار فأصابه الفزع وأخذ يحاول التهدئة.. وإما منحاز إلي أحد الطرفين ولايستطيع أن يخفي انحيازه فيستمر في مقاطعة الضيف الذي يخالفه الرأي بدون أي لباقة أوإتباع لآداب الحوار، في حين يصغي بانتباه شديد للضيف الآخر ويتيح له كل الوقت للتعبير عن رأيه.. وإما مذيع إنتهازي لايهمه سوي تحقيق الشهرة والإنتشار فيستمر في الشعللة ومحاولة صب الجاز علي النار كي يحّمي الوطيس وتزداد سعة المشاهدة. وفي كل الأحوال أخرج بصداع نصفي وقرار قاطع بألا أعاود المشاهدة مهما حصل. الكل ينادي بالحوار دون أن يفهم أحد أن الحوار نصفه إنصات ونصفه تعبير. الكل يتكلم ولا أحد يسمع.. فإذا حدث وسمع لا قدر الله، فهيهات ثم هيهات أن يفهم. أشعر وكأنني قد عدت بالزمن القهقرى لأقف أمام برج بابل. ذلك البناء الشامخ العظيم الذي توقف استكماله بسبب عجز الناس عن التخاطب. وللأسف ما زلنا نرتكب الخطأ ذاته مرة بعد مرة دون أن نأخذ من ذلك الدرس التاريخي عبرة أو موعظة. كم من أعمال عظيمة وأمورٍ جليلة اهدرتها عدم قدرة الناس علي التواصل أو حتي رغبتهم فيه. الكارثة الحقيقية تكمن في اننا شكلياً نتكلم نفس اللغة ونستخدم نفس المصطلحات، بينما فعلياً توجد لغة خفية تستتر بين الالفاظ وتتلاعب بالعقول تسمى لغة الأنا. فكل واحد يحاول تطويع اللغة ومفرداتها ومفاهيمها بالطريقة التي تحلو له والتي يستطيع بها أن يعزز منطقه في بلوغ مآربه وطموحاته الشخصية. مأساة لغة الأنا هي أنها لغة مصالح.. والمصالح الشخصية متنافرة ومتضادة بشكل لا يمكن معه التوصل إلى أية حلول وسط. مما يؤدي إلى نشوب الخلافات والنزاعات والتناحرات ويعّجز الناس عن التواصل وبلوغ الأهداف المرسومة. اللغة المشتركة التي أهملناها منذ زمن هي لغة تجمّع ولا تفرق.. هي اللغة التي نتكلمها جميعاً عندما تثقل قلوبُنا بالحزن والموت والمرض، هي اللغة التي تلملمنا من مختلف بقاع الارض لنحضر عرساً علي أرض الوطن أو لنحتفل معاً بمراسم الأعياد، هي اللغة التي تربط بيننا في الملمات والشدائد وتجعلنا نقف يداً واحدة، نجابه الطغيان ونفضح تاريخاً مترعاً بالإساءة والمهانة والجور، هي لغة أحلام الطفولة البريئة.. وآمال المستقبل المشرقة.. لغة الشمس التي تشرق كل يوم على عبيد الله كافة فتمنح ضوءها ودفئها للكل بلا تمييز ولا عنصرية ولا تحيز. برج بابل سيظل على مدى التاريخ رمزاً للورطة التي يقع فيها البشر عندما يعجزون عن التفاهم وعن مد جذور التواصل بين بعضهم البعض.