A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

غريغور ماكغريغور

المحتال الأسكتلندي.. حكاية جنرال خدع وقتل ونصب ثم نجا

بداية من العام 1821، انتشرت بالعاصمة البريطانية لندن تقارير غريبة حول دولة جديدة وغير معروفة موجودة على سواحل الكاريبي عند ما يعرف في يومنا الحاضر بالهندوراس. وقد حمل هذا المكان اسم بويايس (Poyais) ، ووصف بأنه مكان جميل جدا مليء بالأراضي الخصبة والتلال الخضراء والأنهار، كذلك تحدثت التقارير عن السكان الأصليين للمنطقة، فوصفتهم بالمسالمين والطيبين والكادحين، أيضا حددت اسم سانت جوزيف (St. Joseph) للعاصمة، وتحدثت عن احتوائها على مرافق عديدة وقاعة أوبرا وميناء كبير.

فضلا عن ذلك، وصفت بويايس بالمنطقة الخالية من الأمراض الاستوائية، يعزى السبب في ذلك لمناخها المصنّف، حسب التقارير الكاذبة، كأفضل مناخ على وجه الأرض.

في الأثناء، ظهرت هذه البلاد الغريبة ذات الطابع الخيالي بفضل الجندي والمغامر والمخادع الأسكتلندي غريغور ماكغريغور (Gregor MacGregor)، بعد قضائه فترة شبابه بالجيش البريطاني، انتقل الأخير خلال العقد الثاني من القرن 19 ليقاتل كمرتزق ضد الإسبان في خضم حرب الاستقلال الفنزويلية، حيث تواجد هذا المتحيّل الأسكتلندي في صفوف جيش القائد التاريخي الشهير سيمون بوليفار وحصل على رتبة جنرال وكانت عملية سيطرته على جزيرة إميليا الإسبانية قرب فلوريدا سنة 1817 أبرز إنجازاته العسكرية.

إضافة لبراعته العسكرية، برز غريغور ماكغريغور في مجال الاحتيال على الآخرين، حيث قاد أبرز عمليات الخداع سنة 1820.

خلال ذلك العام، أقنع هذا الجنرال أحد الملوك المحليين بمنحه قطعة أرض تشبه الغابة، بلغت مساحتها 8 ملايين فدان عند سواحل موسكيتو (Mosquito) بأميركا الوسطى. وعقب عودته للندن، انتحل ماكغريغور صفة أمير هذه الأرض المقفرة وغير المأهولة والتي أطلق عليها بويايس.

تدريجيا، كسب غريغور ماكغريغور مكانة هامة بالمجتمع اللندني، حضر احتفالات الأثرياء، وجالس عمدة لندن وعددا من كبار الشخصيات.

ولإضفاء جانب واقعي على قصصه الغريبة حول مملكته، حدّث ماكغريغور الحاضرين عن إنجازاته العسكرية، ومدّهم بأوراق ملكية مزورة للأراضي ووثائق أخرى تؤكد تنصيبه على عرش البلاد، كما قدّم تصميما لعلم بلاده وعملة رسمية سرعان ما اتجه لإنفاق مبالغ كبيرة منها بالأسواق.

ومع انتشار أخبار مملكته الغريبة، أعلن غريغور ماكغريغور عن حاجة بلاده لمزيد من المستوطنين، وأكد للبريطانيين على إمكانية شراء أراضٍ زراعية ببويايس تبلغ مساحتها 100 فدان مقابل مبلغ لا يتجاوز 11 جنيها.

وسعيا لتحسين وضعيتهم ببلاد أخرى، أقدم كثيرون على بيع ممتلكاتهم، وقايضوا ما حصلوا عليه من الجنيهات مقابل دولارات بويايس الوهمية، المطبوعة بإحدى مطابع أسكتلندا، وعبروا المحيط الأطلسي ضمن رحلات منظمة لبلوغ هذه الجنة التي وعدهم بها "الأمير" ماكغريغور.

انطلقت أولى السفن نحو هذه الأرض الموعودة خلال شهر أيلول/سبتمبر 1822 وبعد مدة وجيزة لحقت بها سفينة ثانية تواجد على متنها 200 مهاجر إضافي. لكن بدل بلوغ بويايس، وجد هؤلاء البريطانيون أنفسهم بإحدى الغابات المليئة بالحشرات الاستوائية بأميركا الوسطى، قاوم هؤلاء لأشهر، مات أكثر من نصفهم بسبب الأمراض الاستوائية قبل أن ينجو ما تبقى منهم خلال شهر أيار/مايو 1824 مع وصول المساعدة.

على الرغم من عودة الناجين للندن، إلا أن القضاء البريطاني عجز عن ملاحقة ماكغريغور الذي غادر بعد أشهر نحو العاصمة الفرنسية باريس ليواصل عمليات نصبه بها، حيث عرض على البارسيين دستور دولة بويايس إلا أنه اعتقل بتهمة الاحتيال قبل أن يطلق سراحه بعد بضعة أشهر لقلّة الأدلة.

سنة 1827، ظهر غريغور ماكغريغور مجددا في لندن، وعمد مرّة ثانية لخداع الناس فيها عن طريق بيعهم أراضي وهمية بمملكته مقابل مبالغ مالية باهظة.

وفي حدود منتصف ثلاثينيات القرن 19، غادر الأخير نحو فنزويلا ليستقر بها ويتمتع بتقاعده عقب مشاركته سابقا بحرب استقلالها، فارق ماكغريغور الحياة فيها سنة 1845 عن عمر يناهز 58 سنة دون أن يدان بالاحتيال أبدا.