المقاومة البيضا بخطين حمر
بعد أيام قليلة ونادرة من القريفة والمزاج المتعكر بعد مباراة تجمع بين الأهلي والزمالك، نسينا فيها كأهلاوية كيفية التعامل مع الخسارة من الغريم التقليدي، حتى إني أتصلت بصديق زملكاوي، كنت أظنه من الزملكاوية الطيبين الودعاء، عشان أسأله أتجاوز المشاعر السيئة دي ازاي، وأستفيد من خبراته الطويلة اللي اكتسبها في التأقلم مع الخسارة..لكني فوجئت إن الهدوء والرضا بالمكتوب، والتعايش مع الهزيمة من الأهلي كأمر واقع، ما هو إلا قناع مزيف، سقط فورا بعد فوز الزمالك، وحل محله سيول جارفة من التريقة والتحفيل، انهالت كقذائف عليا ،وكانت مكبوتة ومستنية بس فرصة للانفجار في وشي.
وكلام في سركم.. الحقيقة إني كنت استحق منه كل هذا وأكثر، وتفهمت ظروفه ودوافعه، واقتنعت تماما إن اللي فيه داء مش هيبطله، وإن عند الكورة وتشجيع الأهلي والزمالك، بتسقط كل الموضوعية والكياسة، وبيتم تشييع التفكير العقلاني والدبلوماسية لمثواهم الأخير، طالما تعلق الأمر بروح الفانلة الحمرا، أو تيشرت العمر يا أبيض.. حتى جاءت غزة والمقاومة كالعادة لتفض الاشتباك، وحدها فلسطين برضه اللي قادرة تجمع كل نقيضين، وقادرة توحد كل ألوان العاشقين.
وميعديش يومين تلاتة، إلا ويظهر رجال المقاومة باللوك الجديد، ويتحرك مجموعة من الشباب بخفة ورشاقة لاعبي الجمباز ، وبمرح وانطلاق أصحاب البلد، اللي زي ما عندهم حرية الركض في أرضهم ، وعندهم حرية اختيار الزمان والمكان والهدف لعملياتهم الفدائية..كمان كان عندهم حرية اختيار الزي اللي هيلبسوه، واللي مش عارفين هينتهوا من عملياتهم ويرجعوا بيه، ولا هيستشهدوا ويقابلوا ربهم بيه .
وزي ما أحدهم اختار الشبشب وبنطلون الترينينج الاديداس، وزي ما أحدهم أختار المقاومة بأفخم الثياب وكأنه رايح للقاء عاطفي.. المرة دي اختاروا يحفلوا عليا انا شخصيا، ويدوسوا على جرحي الكروي الغائر مرتدين تيشرت الزمالك الابيض المميز ..اللي فجأة لقيت نفسي باسرح في رمزية اللون الابيض كرمز للسلام والحب، والخطين الحمر كرمز للتضحيات ودم الشهداء، ولقيت نفسي دون وعي بادندن.."الفانلة البيضا بخطين حمر، انا هفضل أحبها طول العمر" .. لحد ما فوقت ورجعت لصوابي، وقلت لنفسي ارجع لعقلك يا واد وشجع اللعبة الحلوة، ومتخليش المقاومة حتى لو كنت بتشجعها بروحك وكيانك، تنسيك أنك بتشجع أعظم نادي في الكون..ما هو اكيد برضه هتلاقي من المقاومين من هو مشجع اهلاوي درجة تالتة ومتعصب كمان ..
أيوه يا جماعة فيديو المقاومة بتيشرت الزمالك حقيقي وواقعي جدا بالمناسبة .. وانا مصدق اوي في الجدع العترة اللي شايل القذيفة وبيواجه الموت أنه كان قبلها ناسي أنه مقاتل وقاعد يتفرج على الماتش وبيناكف في الجهادي زميله الأهلاوي.. بص على الشعارين كده هتلاقي إن الناديين اللي منتمي ليهم المصريين والفلسطينيين على حد سواء عمرهم أكبر من الكيان الملفق الجرثومي اللي بنواجهه..
وهي دي البساطة والتلقائية المعتادة من ناس شبهنا ومننا ورسالة وإعلان عن حب الحياة وأننا عايشين وموجودين ..هنقاوم ونلعب ونضحك ونروح البحر ننصب شماسي ونبلبط كمان .. هطلع انقل الخبر من قلب الحدث وممكن قذيفة تنزل فوق دماغي بس هتفرج برضه على آخر دقيقة في ماتش الاهلي وهقول وانا قصاد دبابة حلل يا دويري في رسالة اننا سامعين ومتابعين وبنتأثر وناس عادية زيكم.. هي دي غزة.. امتداد لمصر إنسانيا وتراث وثقافات وعادات وتقاليد ونسب..حتى ملامحهم شبهنا..وبيحبونا ونحبهم..ولعن الله كل من حط ما بيننا وبينهم حواجز ومسافات ..زمالك ، أهلي ، مصر ، فلسطين.. أيد واحدة