A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

هل الرياضة أهم من الثقافة؟

لطالما كان الجدلُ دائرًا – لا سيما بين أوساط المُثقفين- عمَّا يرون فيه تهميشًا للنشاط الثقافي مُقارنة بالنشاط الرياضي في عالمنا العربي، فعدا عن كون النشاطات الرياضية المُرتبطة بالاتصال الجماهيري – ككُرة القدم على سبيل المثال- يحظى الفوز فيها بمُكافآت ماديَّة أكبر وتقديرٍ معنوي أعلى؛ نلحظ احتفاء وسائل الإعلام بأخبار تلك النشاطات احتفاءً يفوق التفاتها للثقافة وأخبارها كمًا وكيفًا، وخلال السنوات الأخيرة التي تكاد فيها الصفحات الثقافية تختفي من الصحف العربية اليومية مُقارنة بتوهجها في الماضي؛ ظل الاهتمام بنشر الأخبار الرياضية – لا سيما الكروية- وتلميعها والإفراط في تسليط الضوء عليها مُتصاعِدًا حتى يومنا هذا، وفي حين تكون الصفحة الثقافيَّة هي الحلقة الأضعَف في مُعظم الصحُف بحيث يتم حجبها لاحتلال مساحتها بأخبار أي مُناسبة وطنية أو محليَّة مُفاجئة؛ تظل الصفحات الرياضية بأكملها – أو مُعظمها- مُعززة مُكرَّمة لا تُمس، بل قد يكون أقصى اهتمام الصحيفة بالثقافة نشر صفحةٍ واحدةٍ أسبوعيًا مُقابل أربع أو خمس للرياضة يوميًا؛ ويتم التضحية بتلك الصفحة الأسبوعيَّة اليتيمة لصالح مُناسبة أُخرى أو إعلان بينما لا يتم التضحية بصفحة رياضيَّة واحدة ولو في سبيل الحفاظ على العدل والاتزان!

لا اختلاف على ما تمتاز به الرياضة ونشاطاتها من قيمة عُليا للأفراد والمُجتمعات والأوطان والنظام الرأسمالي الحديث بطبيعة الحال، وبصرف النظر عمَّا تحظى به من جماهيريَّة نخبويَّة وشعبيَّة واسعة وما تُحققه من مكاسِب منظورة وغير منظورة؛ لا يسعنا غير الاعتراف بمدى أهمية النشاط الرياضي بوجهٍ عام للجميع؛ صغارًا وكِبارًا، نساءً ورجالاً، فقراء وأثرياء، فهو يُعزز الصحة العقلية والنفسيَّة بالتوازي مع العافية الجسديَّة، ويقي الأفراد والمُجتمعات من عاهات ومُشكلات لا يمكن الوقاية منها إلا بتوجيه الطاقات البشريَّة نحو نشاطٍ إيجابي يحتويها، لكن عتب المُثقفين المُعتدلين (غير المُتطرّفين) ناجمٌ عن ظاهرة المَيل ميلاً واضحًا نحو الرياضة دعمًا وتشجيعًا أمام تعمُّد تجاهل النشاط الثقافي إلا قليلاً وفي ظروف استثنائيَّة تكون فيها الجهة الداعمة لذاك النشاط الثقافي ذات توجهات هدفها استغلال الثقافة إعلاميًا بطريقة تُضفي على كيان تلك الجهات مزيدًا من القوة والنجوميَّة، عكس النشاط الرياضي الذي يُسدد الاهتمام الإعلامي نحوه في كُل الأحوال.

ربما لا تبدو المكاسب المعنوية والمادية التي يُمكن أن تُحققها الثقافة والتركيز على أخبار نشاطاتها ظاهرةً للعيان، لكن دراسة الظواهر النادرة لنجوميَّة بعض المثقفين الذين نحتو صخر الإهمال والتجاهُل ليبزغوا ويتألقوا بجهودهم الذاتيَّة وتُعرف بُلدانهم بأسمائهم قبل أن يُعرفوا بها تؤكد أن الاهتمام بالنشاط الثقافي وتسليط الضوء عليه قد يُفضي إلى مكاسب تفوق ما يُحققه النشاط الرياضي، لا سيما وأن عُمر المُنجز الثقافي أطول من غيره، وها هو نجيب محفوظ نجمٌ تفخر به أرضه على مدى عقود مقابل أي نجومية رياضية لا تستمر إلا أعوامًا قليلة.