A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

لماذا فقدت الدراما العربيَّة سِحرها؟

تفرُّدٌ في القصَّة، تميُّزٌ في الحبكة، إبداعٌ في الحوار، ممثلون بمستويات عالية من الموهبة والثقافة والإيمان بمبادئ حقيقيَّة شكَّلت شخصياتهم ليكون لكُل منها طابعها الخاص، مُخرجون مُستعدون لأبعد درجات التضحية في سبيل الفن، هذا ما وهَبَ الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحيَّة في الماضي لمستها الراقية، وتوَّجها على عرش الخلود حتى يومنا هذا.

يبحث المُشاهدون عن الأعمال الفنية التي وُلِدت قبل ثلاثين وأربعين وخمسينً عامًا على شاشات القنوات المُتخصصة بعرض تلك الأعمال أو بين مقاطع المُنقِذ السخي "يوتيوب"، وما أن يُصادفوا أحدها حتى تبدأ رحلة التلذذ بالحنين والفن الراقي الأنيق الذي يحترم عقولهم ويحتضن مشاعرهم بدفء، مُستمتعون بالقصة التي كتبها مُبدعٌ واحد بمزاج وحُريَّة بعد أن سئموا من قصص مسلسلات الورشات التي يتزاحم على كتابتها بضعة أشخاص فتولد مُملة مُفككة لا تصلح للعرض إلا في موسمٍ واحد ثم تنتهي صلاحيتها، ومُسلسلات الكُتاب المُتطفلين على مِضمار الكتابة لأنهم لم يخوضوا من قبل غِمار الإبداع الأدبي أو المسرحي، وفوق هذا أفقهم ضيق وخيالهم سطحي إلى درجة تجعلهم عاجزين على الإبداع الحقيقي الممتع، وأقصى ما بوسعهم نقل الواقع الذي يُبصرونه إلى سيناريو غير جذّاب.

يأسرهم في تلك المسلسلات العريقة حوارها الذي تُضيف كل جُملة منه إلى فكرهم وذائقتهم ومشاعرهم، فالكاتب هُنا وبقيَّة صُناع العمل مؤمنون بقيمة الرسالة الفنية السامية وأهمية رفع مستويات وعي المُشاهِد الذي وثق بهم وجلس لمُشاهدة عملهم، مُقارنة بحوارات اليوم المُبتذلة التي لا تضفي على العمل جمالاً ولا تضيف له قيمة وتحرمه من البقاء على قيد الحياة وقتًا أطول.. وتبتهج أبصارهم بوجوه فنيَّة جميلة مثل نجلاء فتحي، مرفت أمين، بوسي، نورا، شريهان، هُدى رمزي وأُخريات، عندما كان لسحر الأنوثة معناها ولجاذبيَّة الرجولة مكانتها، ولم تكُن أقصى هموم النجمات والنجوم عمليات التجميل وملابس العلامات التجارية العالميَّة وتريندات وسائط التواصُل الاجتماعي المُتخلفة.

ربما يكون أحد أهم الفروقات بين الفن في الماضي والحاضِر أن مُبدعي الماضي يعملون لأجل ولعهم الحقيقي بالفن، إنهم يعشقون هذا المجال ويُفتنون به ويذوبون فيه لا لأجل الشهرة المُجرَّدة ولا لأنه مُجرَّد "سبّوبة" ومهنة عاديَّة لكسب لُقمة العيش.. كان منهم من يمتاز بثقافة عميقة وسعة اطّلاع بعيدة المدى، والأقل اطلاعًا كان لهم أيضًا حدًا أدنى من الثقافة ولو بمُطالعة الصحُف اليوميَّة والاختلاط بالمثقفين، ولو أن مُعظم من يظهرون اليوم على الشاشات كانوا في ذاك الوقت لما وجدوا مُخرِجًا واحدًا من مُخرِجي الزمن الجميل يقبل ظهورهم في عملٍ من أعماله.

عندما يُشاهد الإنسان العربي المُتقدمة للسينما والتلفزيون حتى يومنا هذا في بُلدانٍ كاليابان وكوريا الجنوبيَّة؛ وحرص تلك البُلدان على بعض القِيَم الفنيَّة الأساسيَّة التي تحمي العمل من سخط الجمهور وعلى رأسها اختيار قصص جذّابة بحوارتٍ عميقة المعنى وليس الاعتماد على فكرة سطحية تافهة وبناء هيكل درامي مُهلهل حولها بعد اجتماع بضعة أشخاص بعقول تقليدية عاجزة عن الإبداع ومُناقشتهم ما لا يفهمون؛ لا بُد أن تتجه بوصلته نحو خيار الاستمتاع بمُشاهدة تلك الأعمال التي تحترم عقله وقلبه مُترجمة، بينما تقف علاقته بالأعمال العربيَّة عند حدود الأعمال القديمة، مُترحمًا على أيَّام عز الفن الذي لا يُنسى.