The Illusion of Multicultural Harmony الفيلم الهندي ”حياة الماعز” يثير جدلا بسبب نظام الكفيل في السعودية اكتشاف ثاني أكبر ألماسة في العالم خفايا السموم في الكتب القديمة.. تحذير لعشاق الأنتيكا جسم سماوي يهدد الأرض بانفجار هائل.. ”ناسا” تكشف التفاصيل أخطاء في جواز السفر قد توقف رحلتك.. احذرها! متى يعتبر وزن الحقيبة المدرسية زائداً؟ كيفية تحضير الجيلي بالبسكويت نصائح ذهبية لشراء العطر المناسب 5 نصائح لتواصل أفضل بين الزوجين.. من أجل سعادة زوجية حقيقية رونالدو يتحدث عن: موعد اعتزاله.. ووجهته بعد نهاية مسيرته الكروية بعد واقعة نجم الزمالك الأسبق.. حالات «بلع اللسان» بين النجاة والوفاة

هيدياكي كوماساوا ... والإبن المخيف في الطابق السفلي

كان السيد هيدياكي كوماساوا يمشي ببطء بحذائه اللامع على الرواق الفاخر داخل مبنى السفارة اليابانية في دولة التشيك.. مستعدا لمقابلة الوفد القادم من اليابان لبحث التعاون بين البلدين وبصفته سفيرا لدولته فقد وضع على عاتقه مسؤولية إنجاح هذا اللقاء.

والسيد هيدياكي لم يكن سفيرا وحسب، بل كان في السابق نائب وزير الزراعة لمدة عام تقريباً، وقد تقلد العديد من المناصب السياسية وقد سعى دائما لإثبات جدارته فيها ونجاح في إثبات هذا. ومع ذلك، فقد كان شارد الذهن يفكر في تقاعده القريب وعودته للمنزل وهناك سوف يبقى وجها لوجه مع إيشيرو الذي لا يعرف معظم الجيران حتى بوجوده، ولكنه ألقى بتفكيره هذا جنباً وذهب مسرعا وهو يلقي التحية على أحد المسؤولين المهمين وهو يبتسم.

لكن من هو إيشيرو؟

إيشيرو هو الإبن الأكبر لهيدياكي كوماساوا ولد عام 1975، والدته باحثه في التاريخ الياباني ولديه شقيقة تصغره بقليل، وبسبب عمل والده الدبلوماسي الدائم فقد عاش فترة في الولايات المتحدة وأخرى في الصين وقد أرادت والدته أن يحصل على تعليم لائق وأن يكون مهماً مثل والده لذلك حرصت على أن تكون صارمة معه هو وشقيقته ولم تكن تسمح لهم باللعب أو فعل أي شيء عدا الدراسة.

إيشيرو في المدرسة كانت درجته جيدة ولكنه كان محط تنمر وسخرية لأنه كان مغرورا، مما جعل زملائه يستبعدونه من أي نشاط يقومون به داخل المدرسة، وبعض الزملاء الآخرين بدأوا في التنمر عليه والإساءة له جسديا بضربه على رأسه مما جعل سلوكه يصبح سيئا للغاية في البيت. ليس ذلك فحسب، بل إنه بدأ بضرب أمه والتلفظ بعبارات قاسية مما جعل والديه يذهبون به إلى أخصائي نفسي والذي قد أخبرهم أنه مصاب بمتلازمة أسبرجر ويحتاج إلى الكثير من العلاج السلوكي فبدأ والداه بتخفيف الضغط عليه ومعاملته برفق ومحاولة التقرب منه ولكن كل محاولتهم باءت بالفشل.

وعندما تخرج من الثانوية انتقل للعيش بمفرده ولكنه تشاجر مع السكان لأن الجميع اشتكى أنه لا يتخلص من قمامته.. وفي النهاية تم طرده وعاد يجر نفسه إلى منزل عائلته فحاول والده مساعدته وحصل له على وظيفة في مستشفى ولكنه فقدها بعد أن دخل في شجار عنيف مع رئيسه بالعمل وتوعده بالقتل.

هنا فقد السيد هيدياكي كوماساوا الأمل في أن يعثر لابنه على عمل آخر بأسلوبه هذا.

الإبن العاق

في تلك الأثناء تعرفت شقيقته على شاب وأحبته، وقد طلب ذلك الشاب أن يأتي هو وعائلته للاتفاق على إتمام الزواج، وعندما وصل هو وعائلته إلى منزل عائلة هيدياكي كوماساوا لم تعجبهم تصرفات إيشيرو التي كانت ردوده عنيفة وصوته عالٍ دائما، وشعروا أن هناك مشكلة به مما جعلهم يلغون فكرة الزواج.

حطم هذا قلب ابنة السيد كوماساوا وجعلها تنتحر، ودخلت والدته بعد ذلك في نوبة اكتئاب ليس فقط بسبب موت ابنتها بل أيضاً بسبب حال ابنها وتصرفاته الدائمة، وأنه على الرغم مما حدث لم يغير إيشيرو من تصرفاته بل أصبحت أكثر سوءَ، ناهيك عن كونه أصبح لا يخرج من البيت نهائيا مثل حال كل اليابانيين المصابين برهاب الخروج من المنزل.

وفي عام 2014 كتب على تويتر تغريدة يقول فيه “إذا كان لدي ترخيص بقتل شخص ما فسوف اختر أمي فلازلت أتذكر كل مرة لم أقم فيها بعمل جيد كانت تحطم ألعابي وأتذكر أيضا متعة ضربها في الصف الثاني”

قضى إيشيرو أغلب وقته في لعب ألعاب الفيديو أو صب جام غضبه على والديه سواء كان ذلك في الواقع أو في مواقع التواصل الاجتماعي ولكن أكثر تغريدة أثارت غضب والديه تلك التي يقول فيها “لماذا أنجبتماني؟! بما إنكما أنجبتماني بمبادرة منكما فيجب أن تكونا مسؤولان عني حتى آخر ثانية في حياتي”

في أحد الأيام ضاق هبدياكي كوماساوا بابنه فذهب وأخبره بأسلوب جدي أن عليه أن يعتني بنفسه ويتخلص من قمامته على الأقل، فما كان من إيشيرو إلا أن صرخ في وجه والده وقال”أنتم أيها النخب الاجتماعية تعاملونني كأنني أحمق ولا تريدون مني شيئا عدا التقاط القمامة “

ثم نهض وأمسك والده من شعره وضرب رأسه الطاولة والحائط، بعد ذلك لكمه وعندما وقع على الأرض ظل يركله وعندما انتهى من صب جام غضبه عليه سحبه وألقى به خارج المنزل وأغلق الباب، وكان عمر السيد هيدياكي كوماساوا وقتها ستة وسبعون عاماً. وقد خشي أن يعود للمنزل من تلقاء نفسه حتى لا يتم الاعتداء عليه مجددا لذلك ذهب إلى فندق وبدأ في إقناع زوجته التي كانت خائفة هي الأخرى أن تقنع إيشيرو أن يسمح له بالعودة إلى المنزل، حتى اتصلت به زوجته كي تخبره أن ابنهما قد وافق على عودته ولكن صوتها كان مترددا وخافتا، واستكملت حديثها قائلة بصوت مختنق: لقد اشترط أن تركع امامه وأن تستمر بالاعتذار مرارا وتكرارا حتى يسامحك ويقبل أن تعود وتعيش معنا.

ظل السيد هيدياكي صامتاً لفترة حتى قال بصوت يتملكه الهزيمة: حسنا إذا كان هذا ما يريد وأغلق الهاتف ببطء شديد.

عندما سمح له بالدخول بعد تنفيذ طلب ابنه حاولت زوجته أن تلطف الأجواء فقالت لما لا نجلس جميعاً ونتناول العشاء وهي تبتسم ولكن إيشيرو نظر لهم والشرر يقدح من عينيه ثم قال بنبرة مخيفة “سوف اقتلكما “ودخل غرفته وأغلق الباب بقوة خلفه.

تبعا لذلك اختبأ هيدياكي وزوجته في الطابق العلوي أكثر من يومين حتى يهدأ ابنهما، وفي هذه الأثناء كانا يتسللان خلسة لجلب الطعام بعد التأكد من أن إيشيرو نائم أو مشغول بألعاب الفيديو ولن يسمعهما، حتى قررا أخيراً أن ينزلا إلى الطابق السفلي، وأنه لابد من أن ابنهما قد هدأ الآن وعادا إلى استئناف حياتهما مجددا.

هيدياكي كوماساوا يقرر..

في أحد الأيام قررت المدرسة المجاورة عقد اجتماع لمناقشة إقامة مباراة كرة قدم للأطفال الصغار، وقد وصل صوتهم العالي إلى إيشيرو الذي جن جنونه وبدأ بالصراخ عليهم من النافذة وتكسير الأشياء داخل المنزل وهنا تذكر والده حادثة هجوم كاواساكي.

فقد كان هناك رجل في منتصف العمر في الخمسينيات من عمره ارتكب هجومًا عشوائيًا في مدينة كاواساكي فقد كان يحمل سكين مطبخ وشرع في مهاجمة المارة بشكل عشوائي. وهناك كانت محطة لحافلات المدرسة الابتدائية حيث كان العديد من الأطفال ينتظرون الحافلة.. وقد تعرض بعضا منهم للطعن و توفي بعض الأطفال أو آبائهم، وانتحر القاتل على الفور وهو إيواساكي ريويتشي البالغ من العمر 51 عامًا وهو شخص عاطل عن العمل ولا يخرج من المنزل مثل إيشيرو.

هنا شعر كوماساوا أن الأضرار لن تقع عليه وحده أو حتى زوجته فهو قد يقتلهما ويقتل الأطفال الصغار في المدرسة المجاورة فبدأ بالتخطيط للجريمة.

‏فبينما كان إيشيرو جالسا نزل كوماساوا إلى الطابق السفلي وظل ينظر إلى ابنه شزرا، فصرخ بوجهه كعادته قائلا “توقف عن التحديق بي وارحل أو سأقتلك” ولكن السيد هيدياكي لم يتزحزح فنهض إيشيرو ليضربه فأمسك والده تمثالا حصل عليه كتكريم عندما كان يعمل في وزارة الزراعة وبدأ بطعنه به في صدره وبطنه وظهره حتى سقط على الأرض، وقد كانت الطعنات غير قاتلة ولكن نزيف الدم هو الشيء الخطير في الطعنات.

انتظر هيدياكي كوماساوا وزوجته أمام ابنهما بضع ساعات إلى أن نزف حتى الموت، عندها فقط اتصلا بالشرطة وبررا الجريمة أنها كان في حالة دفاع عن النفس، وبينما كانت الشرطة تفتش الكمبيوتر الخاص به وجدت كلمات بحث بعنوان “القتل” والحكم على جريمة قتل “والإعدام مع وقف التنفيذ” مما يعني أن لديه النية للقتل. وعندما تم سؤاله لماذا لم يدخله في مؤسسة لمساعدته قال “لأنه سوف يستمر بالعودة إلى المنزل ولن ينسى ذلك وستسوء العلاقة أكثر”

‏في المحكمة دافعت عنه زوجته وقالت وهي تبكي إنها تعرف أن زوجها أخطأ لكن لم يكن لديه خيار آخر وفي 2 فبراير سنة 2021 حصل على حكم بالسجن لمدة ستة سنوات.

أحد أسباب البقاء داخل المنزل لدى اليابانيين:

في ستينيات القرن الماضي تطور اقتصاد اليابان في فترة ما بعد الحرب بسرعة، مما جعل الكثير يصبحون أثرياء وأصبح جني الأرباح أسهل. وفي الثمانينيات حقق الاقتصاد تطورًا كبيرًا وفي أوائل التسعينيات تعرض الاقتصاد الياباني لانتكاسة كبيرة ودخل في أزمة وقد وقع الشباب ومتوسطو العمر في عصر الكساد الكبير، وكانت البيئة الاقتصادية بطيئة، وانهار هيكل العمل المستقر وتم تسريح العمال وزيادة توظيف العمال المؤقتين وقد وجد معظم الشباب اليابانيين أنفسهم

إما أنهم لا يستطيعون العثور على وظيفة، أو أنهم لا يستطيعون العثور على وظيفة جيدة لذلك يبقون في المنزل ويعتمدون على عائلتهم هذا طبعا غير انتشار التنمر في المدارس وصرامة الآباء والأمهات التي تكون أحياناً أكثر من اللازم ويوجد في اليابان حوالي مليون شخص لا يريد ببساطه مغادرة منزله. وفي الآونة الأخيرة انتشرت حوادث قتل كثيرة بسبب ذلك، إما آباء يقتلون أبنائهم والعكس صحيح.