طريق الريح
اختبرنا الأسابيع الماضية قوة وجبروت ذلك الشيء الذي لا نراه في شكل ملموس لكن نلاحظ اثاره وقوته وهو الريح او الهواء المتحرك بقوة دافعة غير مادية الشكل، فأحيانا تكون محملة بالماء وتارة اخري بالتراب والرمال مثل رياح الخماسين بمصر.
سجله القدماء في رسومهم ومخطوطاتهم كشخص ينفخ الهواء في صورة خطوط دائرية متموجة او مستقيمة تخبط شجرة او شخص فتطرحه ارضا.
كما ترسم وجهه (بورتريه) وقد انتفخت جنبات وجنتيه من كمية الهواء المحشوة فيها. فالريح تخلع الاشجار من جذورها او البيوت من أساسها، او تصفعك علي وجهك بلطمات متلاحقة او مثل تلك القصة التي كثيرا ما شاهدناها في السينما كرواية عالمية" ذهب مع الريح "حيث خسر الفرد كل شيء في عاصفة شديدة اطاحت بالزرع والضرع كما يقولون او في مهب الريح ابتلعت الاشخاص لتطرحهم في مكان بعيد قتلي.
وعندنا بالشرق مثل يتداوله العامة "ايه يأخذ الريح من البلاط؟" حيث أن البلاط أملس والريح من واجبها ان تأخذ شيء فلا تحصل إلا على الهواء ذاته المحملة به. والكتاب المقدس وصف وشبه الروح القدس مستخدما تعبير الريح. كما قال الرب يسوع: "الريح تهب حيثما تشاء ونسمع صوتها هكذا الروح القدس" (يوحنا 3: 8).
نحن لا نعرف طريق الريح او مسارها (جامعة 11: 9). هكذا اقترن تعبير الريح والروح لان كلاهما لا نراه لكن نشعر ونلمس وجوده وكثيرا ما يكون مصحوبا بتغيير، فالتلاميذ عند انسكاب الروح القدس عليهم بعد صعود الرب يسوع بخمسين يوم اقترن بهبوب ريح والسنة نار وكلام بلغات كثيرة، ثم صحب ذلك معجزات وآيات تابعة لهذا السكيب. فللروح القدس ثمر (غلاطية 5: 23) محبة-فرح-سلام-طول اناة-صلاح-ايمان-وداعة- تعفف – لطف. مزمور 148: 8 يخبرنا أن الريح تطيع كلمة الرب الاله وهذا ما حدث ايضا بالفعل مع الرب يسوع المسيح عندما انتهر الريح فسكنت وتعجب التلاميذ ان الريح والبحر يطيعانه ويسمعون كلمة امره (مرقس 4 : 39 ).
وهذا ما اكده سفر الامثال عندما وصف الرب الاله قائلا:" من صعد الي السموات ونزل؛ من جمع الريح في حفنته؛ من صر المياه في ثوب؛ من ثبت جميع اطراف الأرض (امثال 30: 4). فالرب عندما هرب ايليا لم يكلمه في الزلزلة او الريح بل من خلال الصوت الهادئ (ملوك الأول 19: 11). كما يشرح الرسول يعقوب الصلاة بإيمان يجب ان تكون واثقة فلا يكون الانسان مثل موج البحر الذي تخبطه الرياح وتدفعه (يعقوب 1: 6). تكلم الرب يسوع عن يوحنا المعمدان ماذا يريد الناس ان يروا: قصبة تحركها الريح (متي 11: 7). لكن يوحنا تكلم عن المسيح فقال للجميع: «انا اعمدكم بماء ولكن يأتي من هو اقوى مني الذي لست اهلا ان أحل سيور حذائه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار"(لوقا 3: 16). ريح ونار؛ ريح ترفع الاتربة والاقذار واوراق الشجر لتكتشف عزيزي حقيقتك ونار تحرق كل ما كان قذر وغير مثمر، حيث ان كل غصن لا يأتي بثمر يقطع ويطرح في النار.
لذلك ترنم كاتب المزمور قائلا: لتكن اقوال فمي وفكر قلبي مرضي امامك يا رب صخرتي وولي، احبك يا رب يا قوتي، يا من ترسل الريح لتنظفني ومن خلال الريح تتحرك بذور الاشجار لتقع في التربة وغالبا بعد كل ريح امطار ومياه تأتي بالثمر المتكاثر ثلاثون وستون ومائة. يا ربي نحتاج ريح الروح القدس لينقي شعبك فيعرف طريقك.