عبد المسيح يوسف يكتب: ساعة وكلاء الشر
قامت الإدارة الأميركية بطرد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية من أرضيها، بعد ثبوت تورط عناصرها في العمليات الإرهابية الأخيرة، التي شهدتها بعض الولايات الأميركية، ومدن بريطانية وعدد من دول أوروبا الغربية الحليفة لواشنطن، عقب تغيير الإدارة الأميركية، وفوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتغيير بوصلة تحالفاتها في المنطقة، التي تعج بالفكر والعناصر والجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط العربي والآسيوي.
إن هذا السيناريو المستقبلي، قائم من الناحية الموضوعية، حال تغيير الإدارة الأميركية الحالية بإدارة الرئيس باراك أوباما، خلال الانتخابات الرئاسية العام القادم 2016، في ظل استياء كبير بين أوساط الرأي العام الأميركي، بسبب الدعم الفني واللوجسيتي والتسليحي اللامحدود، الذي تقدمه إدارة الديمقراطيين، للجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، ومنها العناصر الإرهابية للدولة الإسلامية "داعش" وجبهة النصرة، وجماعة الإخوان الإرهابية، عبر أجهزة مخابراتها من ناحية، وعبر وكلاء آخرين للشر من ناحية ثانية سواء كان هذا بصورة سافرة ممثلة في دويلة قطر وتركيا أوردغان، وبشكل غير مباشر عبر السعودية.
على الجانب الآخر، بدأت تخرج تصريحات وتسريبات لمسؤولين سابقين في الأجهزة الأمنية الأميركية عن مخططات تقسيم دول مثل السعودية وليبيا وسورية والعراق واليمن. وهذه المخططات تؤثر علي الصورة الذهنية للمواطنين في هذه الدول، وتمثل دعما للجماعات الإرهابية فيها، في ظل تعدد العمليات الإرهابية في السعودية مؤخرا وبعض دول الخليج الآخرى. بالطبع الدور الإيراني لن يكون خفيا في المرحلة القادمة.
وتأتي تصريحات أوباما الأخيرة، سواء كانت عن عمد أو بدون تركيز، عن قيام أميركا بتدريب قوات الدولة الإسلامية في العراق وسورية، دون أن يقوم بتصحيح هذا الخطأ، الذي لا يمكن أن يقع فيه رئيس أميركا، خلال خطاب رسمي أمام وسائل الإعلام، ليؤكد العلاقات والشبهات بين الدعم الأميركي لقوى الظلام والإرهاب في المنطقة. سعت الإدارة الأميركي، عن خطأ، لتجميع الإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط، والتناحر فيما بينهم، بعيدا عن دول العالم الحر. لكنها أخطأت عندما سمحت لقيادات هذه الجماعات ومفكريها بالإقامة في أراضيها وفي الدول الأوروبية الحليفة لها، لأنه من سمات النظم الغربية، آلية الانتخابات ودروان السلطة، وهو ما يجعل السياسات معرضة للتغيير كل 4 أو 8 سنوات كما في أميركا، ومثلما حدث نسبيا مع أوردغان.
سبق وأن أعلنها جيب بوش، المرشح الأقوى عن الحزب الجمهوري في تصريحات وحوارات إعلامية، عن اعجابه العظيم بالرئيس السيسي، معبترا إياه بطلا في مواجهة الإرهاب، في حين تعتبر إدارة أوباما عدوا غير معلن، أفشل مخطط كبير لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، وما أطلق عليه الفوضي الخلاقة. ويدرك بوش الثالث، أن السيسي يجب أن يكون له ظهيرا شعبيا، ومن هنا كانت تصريحاته أيضا عن مكانه مصر، باعتبارها دولة محورية، وحجز زاوية للسياسة الأميركية في المنطقة.
بقاء الحال من المحال، وعلى المدى القصير، يمكن أن تتغير السياسة الأميركية تجاه الجماعات الإسلامية المتطرفة، عندما تبدأ نار الإرهاب والدم تطول أهداب الثوب الأميركي، عقب تضييق الخناق علي الجماعات الإرهابية في المنطقة ومصر، التي تقف صامدة وقوية أمام أهل وقوى الشر الإرهابية. لقد نجحت مصر في التسعينيات أيام الرئيس السابق مبارك في وأد الإرهاب والقضاء عليه وعلى دمويته، والرئيس السيسي المخلص لمصر، وليس كالإخوان، الذين كانوا يرون في مصر ولاية في دولة أكبر مع إعادة تقسيم المنطقة، بما فيه التخلص من أراضي مصرية لدول مجاورة، فالرئيس السيسي قادر بعد ضبط أكثر للأجهزة الأمنية ومحاسبيتها وتطوير أداء عناصرها وبدعم شعبي وأد الإرهاب.
وواشنطن تدرك جيدا، أن أمام السيسي خيارا مهما لم يستغله حتى الآن بصورة سافرة، وهو الانضمام إلى تحالف معلن وقوى مع روسيا الاتحادية، وهو ما يعني تضييق الخناق على واشنطن في المنطقة، خاصة وأن الضغط الأميركي على مصر كثيرا، بتحالفاتها المشبوهة مع الجماعات الإرهابية، سيغير من معادلات القوى في المنطقة، لصالح روسيا على حساب أميركا. فسوريا الأسد لا تزال صامدة بفضل عناصر عدة من بينها دعم موسكو، خاصة بعد أن تأكد أن ما يحدث في سورية ليس ثورة، ولكنه تجمع إرهابي من مختلف العالم.
لقد حاولت أميركا أن تقلل من عداء عشرات أو ربما مئات الآلاف من الإسلاميين والكارهين للغرب –الكافر حسب فكرهم المتطرف- تجاهها، ولكنها بعد أن دعمت الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والتدريب، نجحت إدارة أوباما الفاشلة في كسب كراهية الملايين من سكان المنطقة من المسلمين الوسطيين والمسيحيين، الذين يخاطرون بأرواحهم في مواجهة الإرهاب الديني الدموي، من أجل الحفاظ على أوطانهم.