A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب: الزن على الودان أمر من السحر

ما أسعد الحكومات التي تسوس أناساً لا يفكرون، إذ يمكنها عن طريق الدعاية الحاذقة المستمرة أن تقنعهم بأن ما هم فيه من بؤس وتعاسة هو في الواقع نعيماً مقيماً وأن العذاب الذي يلقونه في كفاحهم الحياتي المرير ليس إلا غضارة العيش في جنة الله على أرضه. كل ما عليها أن تفعله هو أن تسيطر على الإعلام.. آلة غسيل المخ الضخمة التي تمكنها من التحكم في الرأي العام والهيمنة على توجهات الجماهير وإقامة قاعدة عريضة من المؤيدين والموالين والمناصرين. هذا ما أدركه كل من إستحوذ على السلطة واعتلي سدة الحكم.. أن الإعلام هو أداة ارتفاعه أو سقوطه، وأن تحكمه في أخبار اليوم يعني تحكمه في مجريات الاحداث، بل ويعني قدرته على صياغة التاريخ في المستقبل. فتحقيقات اليوم الصحفية، واخبار الساعة المسموعة والمرئية هي التي تصنع التاريخ وتغدو مع الأيام أحداثاً موثقة في سجلاته. ولذا فقد حرصت الأنظمة القديمة على ممارسة القمع، والكبت، وتقييد الحريات والأفكار، وتكميم الأفواه، وتأميم الصحافة، فخلقت إعلاماً موالياً متآمراً تستخدمه لبث شعاراتها والترويج لأطروحاتها. في سبعينيات القرن المنصرم خرجت علينا الالمانية إليزابيث نويلا-نيومان الباحثة في العلوم السياسية بنظريتها الشهيرة المعروفة ب-"حلزون الصمت" والتي مفادها أن وسائل الإتصال الجماهيري قادرة على تحريك مجريات الأمور في الاتجاه الذي تريده السُلطة، لما لها من تأثير فعال على رجل الشارع العادي. وقد لاحظت نويلا-نيومان أن إنحياز الإعلام إلى قضية ما يؤدي إلى إنحياز ودعم الجمع الأكبر من المواطنين لهذه القضية بغرض التوافق الاجتماعي. أما القلة المعارضة فتتوخى الصمت تجنباً للاضطهاد، وعلى افتراض (قد لا يكون له أي أساس من الصحة) أن الرأي الذي تتبناه وسائل الاعلام يعبر عن الإتجاه السائد في المجتمع. وهكذا يظل هذا الرأي يقوى، وتظل الآراء المخالفة تضعف إلى أن تضمحل. وذلك بغض النظر عن الموقف الحقيقي للجماهير.. أي أن وسائل الإعلام قد تخلق مناخاً مزيفاً يوحي بأن الأغلبية تعضد الفكرة المطروحة وتؤيدها وبالتالي يحجم المخالفون عن التعبيرعن آرائهم المعارضة خوفاً من العزلة الاجتماعية. لا شك أن التراكم المعلوماتي الكمي من خلال التكرار، له تأثير السحر على المدى البعيد. فالصدمة التي تتلقاها عندما تسمع أمراً غير منطقي لأول مرة، تخف مع الإلحاح. وبالتدريج تجد نفسك مستسلماً للفكرة بطريقة قد تصل إلى درجة الإقتناع. ذلك أن المنطق يخاطب العقل أما الإلحاح فيخاطب العاطفة. ما دعا جوزف جوبلز وزير الدعاية في عهد ألمانيا النازية إلى القول بأن الحقائق ليست سوى أكاذيب كثر تكرارها. هذه الفكرة رددها من قبل المثل المصري البسيط الزن على الودان أمر من السحر.. فإعادة ترديد أمر معين وتكراره على الاسماع بصفة مستمرة يكفل ترسيخه وتأكيده حتي ليصبح حقيقة واقعة. والآن تراني احتاج لأن أسوق لك المبررات المنطقية والحجج العقلانية لأثبت لك هذه الحقيقة، أم أكتفي بأن أطلب منك قراءة المقال أكثر من مرة؟