ابرام مقار يكتب: أزمة اللاجئين .. وأزمتنا !
كان بين لاجئين سوريين أنقذتهم السلطات اليونانية بعد غرق مركبهم، حمل جواز سفر مزور بأسم "أحمد المحمد"، وبعده تحرك إلى كرواتيا، حيث تم تسجيله في مخيم "أبوتوفاك" للاجئين، ثم سافر بعدها إلى النمسا ، وبعد اسابيع غادرها تسللاً إلى فرنسا، دون أن يلاحظه أحداً، نظراً لأن أسمه "أحمد المحمد" لم يكن موجود في الملفات الجرمية الأوربية، ومجهول للقضاء الفرنسي ومكافحة الإرهاب. وفي فرنسا، وضع حول جسده حزام ناسف ، وذهب إلي ملعب “ستاد دو فرانس” شمال باريس، حيث كانت تجري مباراة ودية في كرة القدم بين منتخبي فرنسا وألمانيا، بحضور أكثر من 80 الف يتقدمهم الرئيس الفرنسي، حاول الدخول بالحزام إلى باب الأستاد، ولكن العناصر الأمنية المنتشرة حول المكان تنبهت اليه، وهو أدرك بدوره أنهم رصدوه، وعلم أن دخوله لقتل أكبر عدد ممن كانوا في المدرجات أصبح صعباً، فأستشاط غضباً، وصعق حزامه الناسف وانتحر بعبواته، قاتلا معه 3 آخرين كانوا عند الباب .. تلك قصة أحد إنتحاري باريس بحسب ما نشرته الصحف، والتي أتمني أن يكون السيد "ترودو"، رئيس وزرائنا الجديد قد قرأها هو أيضاً. قصة كاشفة عن خطورة إندساس عناصر أرهابية إجرامية من داعش وغيرها وسط اللاجئين ، قصة كاشفة عن مستقبل كندا ودول عديدة ما لم يتم التحقق من شخصية كل قادم إليها جيداً، وإذا وضعنا قصة مثل هذه مع تهديد داعش لكندا في يناير الماضي عبر متحدثها الإعلامي، "ابو محمد العدناني"، يكون الأمر غاية في الأهمية والخطورة
كندا عليها مسئولية تجاه الإنسانية في العالم، طبقاً لأخلاقيات تلك البلد وطبقاً لدستورها تجاه المضطهدين، نعم، ونثمن ونحترم جميعاً هذا الدور، ولكن كندا أيضاً عليها دور لا يقل أهمية تجاه شعبها في الداخل، فالدولة العاقلة هي التي توازن بين مسئوليتها نحو الأنسان خارج الوطن وداخله، وحماية الأثنين واجب علي الحكومات في كل وقت. كندا عليها عبئ الدفاع عن من واجهوا مخاطر في "الماضي"، نعم ، ولكن عليها أيضاً أن تجنب شعبها أي مخاطر محتملة في "المستقبل"
علي "جاستن ترودو" أن يأخذ رسالة "براد وول" رئيس وزراء مقاطعة ساسكاتشوان، التي ارسلها إليه، بمحمل الجد، والتي طالبه فيها بتعليق هذا الوعد الإنتخابي وأعادة تقييم خطة الحكومة بشأنهم، وذكره بالدمار والموت الذي يمكن أن تقوم به مجموعة صغيرة إزاء دولة ومواطنيها. كذلك تحذيرات عمدة مونتريال "دوني كودير"، والذي حذر من التسرع في إستقبال خمسة وعشرين الف لاجئ، ودعي الحكومة للتريث فالمهم أن نتمكن من استقبالهم بصرف النظر عن الموعد المحدد"، وكذلك عمدة كيبيك، "ريجيس لابوم"، والذي اكد علي أن المواطنين قلقون جداً ، والخوف بات مهيمناً، وخاطب "ترودو" بقوله : "نعفيك من تعهدك الإنتخابي وبوسعك أخذ المزيد من الوقت. وايضاً رفض خمس عشر ولاية أمريكية توطين اللاجئين قبل التحقق تماماً منهم أمنياً. رسائل كثيرة علي "ترودو" وحكومته أخذها في الإعتبار
علينا أن نستفيد من خطأ فرنسا، حينما أكتفت بعد حادث الإعتداء علي صحيفة "شارلي إبدو"، بالمسيرات والخطب، دون فعل أمني حقيقي علي الأرض، فأصابها ما رأيناه منذ أيام. وقد شاءت الأقدار أن يكون أول زيارة عمل رسمي لـ "جاستن ترودو" بعد فوزه هو وضع أكليل الزهور علي نصب العريف "ناثان سيرليو" حارس النصب التذكاري بأوتاوا في ذكري إغتياله علي يد إرهابي، ولعل السيد "ترودو" يكون قد التقط تلك الرسالة ويولي أمن الكنديين إهتمامه، وهو الأمر الذي كثيراً ما هاجم "ترودو"، نظيره السابق "ستيفن هاربر" معتبراً انه ينشر الخوف حينما يتحدث عن المخاطر الإرهابية التي تريد النيل منا، وقد قال لي صديق نقلاً عن مسئول سابق بوزارة الهجرة أنه إذا تمت اجراءات التحقق الأمني للاجئين، فأن أقصي عدد تستطيع كندا إستيعابه قبل نهاية العام هو الف لاجئ فقط لا أكثر. فما هو الحال إذا استقبلنا 25 الف في أسابيع؟!