عبد المسيح يوسف يكتب: ”تعالوا نكمل لمتنا” .. بقى!!
بقلم: عبد المسيح يوسف
وسط خضم العديد من الأنباء غير المبهجة، والحرائق التي انتشرت فجأة في مصر المحروسة، حفظها الله وحماها من كل الأعداء في الداخل والخارج. ويبدو أنها مرحلة تحرك لبعض عناصر الجماعات الإرهابية، الرافضة لاستقرار مصر، لأم الدنيا مصر، أسعدني كثيرا نشر فيديو علي شبكات التواصل الاجتماعي، لخريجي كلية الصيدلة دفعة 2016، بجامعة القاهرة، في صورة أغنية للتعبير عن فرحتهم بالتخرج، بعنوان "تعالوا نكمل لمتنا". فعلا .. نحن في حاجة لكي نكمل لمتنا، لمتنا يا مصريين من كل التيارات والفئات، من أجل استقرار مصر وتنميتها.
بسبب صورتهم الذهنية في الإعلام، والهيمنة السابقة علي نقاباتهم من قبل التيارات المتطرفة، ومن تجاربي السابقة مع الأطباء في مصر، أعرف إلى أى مدى يسيطر التيار الديني المتطرف علي كليات الطب البشري والصيدلة، شأن كلية الهندسة. ولكن ما رأيته في فيديو كلية الصيدلية، جعلني أشعر بكل البهجة والسعادة، والفخر بأنني مصري.
وجدت في الفيديو شباب مصر25 يناير و30 يونيه، الذي تخلص من سيطرة طيور الظلام وقوى الشر والتطرف الديني، شباب وشابات، مسلمين ومسيحيين، يتواصلون، يتفاعلون، يعبرون عن رأيهم، وعن معاناتهم، وعن فرحتهم بالنجاح والتفوق. بل والأهم من كل هذا، شباب يقدم الشكر والعرفان لزميلتهم النابغة نهي عيسي. وهنا لا يجب أن نشكر نهي عيسى فقط، التي تستحق كل الشكر، هي ومثيلاتها في كليات آخرى عديدة، ولكن الشكر كذلك لكل الشباب والشابات ممن شاركوا في هذا الفيديو المبدع، ولمن لم يشاركوا، ليعبروا لنا عن البهجة الغائبة علي مصر، منذ فترة.
منذ فترة طويلة، والأزمات تحاصر مصر، الخلاف حول جزيرتي تيران وصنافير، والذي يرفض العقل والمنطق أى شئ غير أنهما مصريتان، لأنهما ببساطة قبل نشأة إسرائيل والسعودية معا، يتبعان مصر، وأزمة اقتحام وزارة الداخلية لحصن وبيت الحريات في مصر، نقابة الصحفيين، والأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تلاحق مصر، والارتفاع الجنوني المتواصل للدولار المجنون أمام الجنيه المصري المسكين. ولهذا كان هذا الفيديو شعاع، يسر النفس.
نعم، أنا فخور بشباب مصر، وما قدمه شباب وشابات كلية الصيدلة. ولكنني أنتهز الفرصة للتأكيد علي أنني حتى اليوم أجد صعوبة في تقبل واستيعاب حبس شباب مصري كان يدافع عن جزيرتي تيران وصنافير، لأنهما جزء من الأرض المصرية، قبل نشأة دولة إسرائيل عام 1948، وكذلك قبل تأسيس المملكة السعودية عام 1932، وأدعو الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعتباري أحد الذين منحوه صوتهم في الانتخابات الرئاسية العفو عن هؤلاء الشباب، فمصر تحيا بكل المصريين، وفي المقدمة شبابها، ذخيرتها الحية في التنمية الداخلية والدفاع عن أمنها واستقرارها خارجيا.
أعرف أن هناك انتقادات توجه لسياسات الرئيس من تيارات مختلفة، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر حب الرئيس السيسي لمصر، ودوره الوطني المخلص، بدءا من مخاطرته بحياته والوقوف أمام جماعات الإرهاب الدينية، التي كانت ستقود مصر لمصير الهلاك والاقتتال الداخلي وجلب المزيد من عناصر الجماعات الإرهابية لأرض المحروسة مصر أم الدنيا.
بالفعل مصر أصبحت أكثر أمنا واستقرار، مقارنة بفترة الظلام لحكم جماعة الإخوان وأذيالها من محترفي الإرهاب. لكن الثقة في وطنية عبد الفتاح السيسي، تجعل المصريين مستعدين للوقوف خلفه، لكنهم في حاجة لفهم بعض الأمور، وأبعادها الأمنية والوطنية، بما في ذلك موضوع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين.
إن ما فعله شباب كلية الصيدلة يؤكد أمر طالما عملت جماعات الإرهاب والتطرف الديني علي قتله في نفوس الشباب، وهو أن حب الحياة والاستمتاع والفرحة بها، يتناقض مع قيم المجتمع والدين. لكن شباب كلية صيدلة القاهرة، وكل شباب مصر، أيقنت أن ثورتي 25 يناير و30 يونيه، وكل تضحيات الشعب المصري العظيم، والدور الوطني للرئيس السيسي، إنما كلها استهدفت تحقيق استقرار وحياة أفضل لكل المصريين المخلصين لحب مصر أم الدنيا.
نعم نحن في حاجة لنكمل لمتنا يا مصريين، من أجلنا ومن أجل مصر أم الدنيا. ورغم الصعوبات الاقتصادية، بدأت التقارير الدولية للبنك الدولي تتحدث عن تقدم الاقتصاد المصري علي اقتصاد دولة جنوب أفريقيا، فضلا عن توقعات البنك الأوربي للتنمية والإعمار EBRD بمعدل نمو يدور حول 4.2% العام القادم 2016/2017، بعد أن عاني الاقتصاد المصري من تباطؤ خلال المرحلة الحالية، خاصة وأن السياسة المالية والنقدية لمحافظ البنك المركزي طارق عامر عليها تساؤلات عديدة، بعد الانخفاض الحاد في الجنيه المصري أمام الدولار، فضلا عن النقص الحاد في العملة الصعبة، وتراجع نمو الاقتصاد لنحو 3%.
إن هذه النوعية من الشباب المصري، ومنه شباب كلية الصيدلة، المحب لمصر والحياة، هو الذي يتخرج في المؤسسات التعليمية، لينضم إلى سوق العمل، مخلصا في عمله، وإنتاجيته تعادل المعدلات العالمية، بدلا من ثقافة أن العمل في مصر لا علاقة لها بالإنتاج، وتقف عن حد الحضور والانصراف في الكشوف بالنسبة للمؤسسات الحكومية، ومجرد التواجد البدني في غالبية الأماكن. فمصر تحتاج إلى شبابها، وتقوى وتتقدم بهم، والشباب يحتاجون إلى مصر ليشعروا بالأمان والاطمئنان. ولذا ننتظر من صانع القرار السياسي والاقتصادي دعم هذه الثروة البشرية ممثلة في شباب مصر الوطني والمبدع.