ابرام مقار يكتب: أمريكا و السعودية .. ما قبل ”جاستا” وبعدها!
ربما لم يكن يتخيل عبدالعزيز بن عبد الرحمن ملك السعودية، وهو يجلس مع الرئيس الأمريكي فرانكين روزفلت فوق سطح السفينة، في طريق عودتهم من مؤتمر مالطة، وبعد أن وقعا إتفاقية التعاون بين البلدين، قبل منتصف القرن الماضي، أن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة ستصل للشكل الذي نراه الأن بعد أقل من ثمان عقود، وإقرار قانون "جاستا"، والذي يقضي بتطبيق العدالة علي رعاة الإرهاب. وبحسب تقرير لجنة التحقيق التابعة للكونجرس والصادر عام 2003 في ثمانية وعشرين صفحة، والذي يُدين السعودية، في أحداث الحادي عشر من سبتمبر - والتي نفذها 19 شخصاً كان من بينهم 15 سعودياً - سيصبح لزاماً علي السعودية دفع تعويضات لإهالي الضحايا، حال الفصل في الدعاوي القضائية.
قانون "جاستا" والذي حاولت السعودية تفادي إقراره بكل السبل، مستخدمة العصا تارة ، والجزرة تارة أخري، فقبل ستة أشهر هدد وزير الخارجية السعودي بسحب وتسييل السندات والأصول والإستثمارات السعودية بالولايات المتحدة، والتي تتجاوزالـ 750 مليار دولار حال إقرار القانون، إلا أنها في الوقت نفسه - ورغم أزمتها الإقتصادية الحالية - وعدت الجانب الأمريكي بإرتفاع قيمة المشتريات السعودية من الإسلحة الأمريكية إلي 90 مليار دولار - وهي صفقة غير مسبوقة - بجانب التعهد بحزمة من الإصلاحات، في محاولة لإسترضاء الجانب الأمريكي وعدم إقرار هذا القانون.
ولكن الغريب في الأمر هو رفض مجلس الشيوخ بنسبة أكبر من 99 بالمائة ، والكونجرس الأمريكي بنسبة 84 بالمائة لـ "فيتو" الرئيس الأمريكي، أوباما ضد أقرار القانون، مما يعني موافقة كاسحة من المجلسين لصالح إقرار هذا القانون، نسبة ربما المتابع لتعامل للعلاقات الأمريكية - السعودية، يجدها متوقعة. فرغم التعاون والتفاهم العسكري التام بين واشنطن والرياض علي مدي عقود، وصل ذروته في تعاونهم لمحاربة الإتحاد السوفيتي في أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة رفضت طلباً سعودياً للقيام بضربات جوية ضد القوات السورية عام 2013. وكثيراً ما أنتقدت الإدارة الأمريكية التدخل السعودي في البحرين، ووصلت الأمور إلي قمتها بعد توقيع الإتفاق النووري مع إيران، والإفراج عن أموال إيرانية مجمدة بالولايات المتحدة، تلك الأموال والتي تخشي السعودية من إستغلالها من جانب الحرس الثوري الإيراني لدعم أنشطته في المنطقة. بالإضافة إلي عدم إعتماد الولايات المتحدة علي النفط السعودي بشكل كامل كما السابق بعد إكتشاف الوقود الصخري.
فتور وخلافات لم ينفيها أوباما نفسه في حواره مع الصحفي، "جيفري جولدبرج" عند سؤاله عن العلاقة مع الرياض، ليصفها بـ "الأمر المعقد"، فتور متوقع يتحدث عنه الكثيرين منذ سنوات، بل وصف الباحث في منتدي أكسفورد "زياد بلباجي"، خطاب أوباما في القاهرة قبل ثمانية أعوام، وخاصة أنه لم يحمل أي التزام أمريكي لأي قضية بالمنطقة العربية، وأنه خطاب وداع بين الولايات المتحدة ودول المنطقة وخاصة السعودية