عبد المسيح يوسف يكتب: هل تترنح السعودية وتفقد كل الحلفاء بعد وفاة الملك سلمان؟
"كل بلاد الدنيا جميلة .. كندا، وأمريكا، وفرنسا، والإمارات، .... بالتأكيد، لكن أجمل من مصر .. أكيد لا".
مواقف عديدة برزت مؤخرا تشير إلى أن المملكة العربية السعودية تتجه للانتحار السياسي وفقدان حلفاءها الاستراتيجيين في المنطقة العربية. مغامرات القيادة السعودية المترهلة ممثلة في الملك سلمان، والطائشة ممثلة في ابنه محمد بن سلمان، جعلت السعودية تخسر الكثير من الحلفاء.
من يصدق أن لبنان الحليف الأقرب للسعودية، خرجت عن نطاق السيطرة، والتحالف مع الرياض. ولا يختلف الحال بالنسبة لمصر الحليف الأقوى، والأهم أمنيا وعسكريا واستراتيجيا للمملكة، التي باتت تترنح سياسيا، وفضلا عن مشاكل اقتصادية وتمويلية لم تعد خافية على الإعلام، أجبرت القيادة السعودية علي الإعلان الرسمي عن خفض مرتبات المسؤولين بأكثر من 20%، فضلا عن تغيير التقويم من الهجري للميلادي، لتوفير 15 يوما عن كل سنة، كانت تدفعها الحكومة السعودية مرتبات، ستوفر لها مليارات، علما بأن هذا الأمر يناقض ثوابت المملكة، التي تعتبر الوهابية كل ما هو غربي، فهو كفر بين!!!
يعتقد بعض الخليجيين، وليس كلهم، لأن منهم شخصيات مستنيرة جدا، ومحبة لمصر أم الدنيا، ذات الفضل الكبير عليهم خلال سنوات نشأة الدولة لديهم، أنه بالمال تستطيع شراء كل ما هو مصر، بسبب معدلات الفقر في مصر أم الدنيا. علما بأن ميزانية مصر مقارنة ببعض الدولة أكبر بكثير، لكن الناتج المحلي المصري عندما يقسم علي أكثر من 95 مليون نسمة، سيكون نصيب كل فرد صغيرا جدا، مقارنة بدول خليجية لا يزيد تعداد سكانها عن ما بين 800 ألف نسمة لأقل من 1,25 مليون نسمة، وهذا حال غالبية دول منطقة الخليج. لكن للتأكيد هناك دول وشعوب محبة لمصر، والمصريون شعبا وحكومة يبادلونهم نفس الحب والاحترام.
إلا أن هناك فئات تتهكم علي المصريين وظروفهم الصعبة خلال المرحلة الحالية بعد ثورتين، ويريدون الشماتة في أم الدنيا، ولكنهم صغار النفوس، وذوي ميول دينية متطرفة مناصرة لجماعات إرهابية تتخفي وراء المتاجرة بالدين. وكان آخر هذه الشخصيات إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، تلك المنظمة تستحق موقفا حازما من قبل مصر، بعد إهانة مدني لرمز وشخص رئيس الدولة المصرية العريقة ذات حضارة السبعة آلاف سنة.
السعودية، وقيادتها الحالية، كانت تعتقد أنها اشترت النفوس والذمم بالريالات، ولكن ما يحدث في المنطقة يكشف أن هذه أكاذيب كانت تصدقها الرياض فقط، وأن الأمن القومي لكل دولة هو ما يحدد قرارات قياداتها السياسية.
السعودية كانت تنتظر من مصر أن تخوض بدلا منها حربها الكاذبة ضد الأشقاء في اليمن السعيد، والذي نجحوا في احراج السعودية، واثبات مدى وهن الجيش السعودي والجندي السعودي، غير القادر على حسم معركة، وتأكيد أن السعودية تشتري بالمليارات اسلحة لا يستطيع ان يستخدمها بكفاءة الجندي السعودي، ولذا تلجأ للمرتزقة من جنسيات آخري.
مصر لم تتدخل، ولن تتدخل ضد الأشقاء في اليمن، وكان التدخل المصري، لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وهي مسألة أمن قومي مصرية. ولا يختلف الحال بالنسبة للإمارات، واحة الاستنارة في منطقة الخليج، حيث منيت القوات الإمارات بإصابات وضحايا جعلت موقفها صعبا للاستمرار بجانب السعودية في هذه الحرب غير العادلة ضد اليمن.
أما لبنان، فحدث ولا حرج، هذه الدولة الصغيرة، التي كانت سويسرا المنطقة العربية، وحولتها النعرات الطائفية، لمستودع للحروب الأهلية في مرحلة سوداء. ويعاني لبنان من فراغ سياسي بسبب عدم انتخاب رئيس للدولة منذ عامين. وأخيرا، وافق سعد الحريري رئيس تيار المستقبل، الحليف الأكبر للسعودية، أو الذي كان حليفا للسعودية، في التوافق علي اختيار ميشيل عون، رجل حزب الله الشيعي، ليكون رئيسا للبنان، والقاصي والداني يعلم مدى الكراهية بين السعودية وحزب الله الشيعي، ذراع إيران في المنطقة، والعدو الأول والرئيس للسعودية في الإقليم.
السعودية تترنح، خلافات غير معلنة وعميقة داخلة الأسرة المالكة، بين الشاب المتهور، ولي ولي العهد محمد بن الملك سلمان، وولي العهد محمد بن نايف. ويبدو أن الملك يدعم ابنه لإزاحة كل ابناء العمومة للوصول إلي سدة الحكم بعد ابنه الملك سلمان، الذي حاول تلطيف الأجواء مع مصر بعد تجاوزات إياد مدني، وتحدث عن مدي الفقر الذي كانت منه أسرة مؤسس المملكة، حيث كان يشتري لهم الحلوي من البقالة دون أن يكون معه ما يكفي من أموال، وكان يشربون المياة الغازية الكوكاكولا عند زيارتهم فقط لمكة، ولم يكن لديهم ثلاجة، في محاولة من شيخ يفترض فيه حكم السنين لتلطيف الاجواء مع مصر بعد تهكم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السعودي من حديث الرئيس السيسي عن أن ثلاجته لم يكن فيها إلا مياه لمدة عشر سنوات.
السعودية تفقد الحلفاء، ولم تعد أموالها، التي اشترت بها بعض الذمم تنفعها، وتأكدت لها أم مسألة جزر تيران وصنافير، أنها مصرية 100%، وأن بعض الأبواق الكاذبة في الإعلام المصري، لا تقوى حاليا عن فتح الحديث مرة أخرى في أحقية السعودية في هذه الجزر، لأنها مسألة أمن قومي مصري، وخيانة للوطن وللدماء المصرية الطاهرة، التي سفكت دفاعا عن التراب المصري الغالي والنفيس على كل مصر محب لأم الدنيا.
لم يعد للسفير السعودي أحمد القطان، اليد الطولي في بعض وسائل الإعلام، حيث أصبح ظهوره مكروها، ومن يخاطرون باستضافته أو فتح قنوات له للتواصل مع المصريين، سيخاطرون بمستقبلهم المهني شعبيا، بعد أن تأكدت سياسات السعودية المدمرة لمصر.
ولمواجهة النفوذ السعودي في مصر، يجب أن تعامل التدفقات التمويلية السعودية الوهابية لبعض التنظيمات الدينية، معاملة التمويلات الموجهة من الغرب لبعض منظمات حقوق الإنسان، خاصة وأن بعض الأجهزة تغمض العيون تجاه هذه التمويلات، رغم الفارق الكبير في تمويلات حقوق الإنسان، التي يذهب غالبها للدفاع عن حرية الحرية، في حين توجه تمويلات السعودية لتعميق التطرف والإرهاب لدى هذه التنظيمات المستقبلة للتمويلات الوهابية السعودية المغرضة.
وستكون هناك تطورات خطيرة لمستقبل السعودية خلال السنوات الثلاث أو الخمس القادمة، وهي ليست بالفترة الطويلة في حياة الدول، عقب وفاة الملك سلمان، والصراع علي السلطة لتولي ملك جديد، وسياسة جديدة لمملكة تترنح بقوة حاليا. وسيتأكد للمملكة أن مصر هي الشقيقة الكبري، والحليف الذي لا يمكن الاستغناء عنه.