A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

زينب علي البحراني تكتب: بين الحُب والخِبرة

في اللقاء الذي أجراه الإعلامي اللبناني "زاهي وهبي" مع الكاتبة والمفكرة الدكتورة "نوال السعداوي" على شاشة برنامج "بيت القصيد" قبل أعوام قليلة؛ سألها عن سر ثقتها بأن الحُب القادم في حياتها هو الحب الحقيقي رغم تجاوزها سن الثمانين، فكان جوابها: "بسبب النضوج.. الفهم.. الوعي.. البساطة.. الواحد وهو صغيّر بيبقى متكبّر، بيبقى مش فاهم نفسه، واخد في نفسه قلم، لكن كل ما يكبر يتواضع، والحب عاوز شيء من التواضُع". كلما أعدت سماع تلك الكلمات بصوتها أجد نفسي أقارن بين شلالات الأمل المتدفقة منها وبين مستنقعات الإحباط العاطفي التي تسبح فيها كلمات كثير من الشابات والشبان معلنين عن يأسهم مما يعتبرونه "وهم الحُب" في زمن "الانبهار المؤقت" بعد سقوطهم في فخ تكرار علاقات سرعان ما تموت قبل أن تكتمل فرحتهم بميلادها، فيتصورون بأن الحب كذبة يجدر بهم تجنبها وإيصاد قلوبهم دونها، ثم يجدون أنفسهم منساقين وراء ندائه الخفي وموسيقاه الساحرة رغمًا عن حذرهم، إلى أن يصلوا بمرور الزمن إلى اكتشاف أن المشكلة ليست في الحُب؛ بل في فهم الحُب.. ففي البدايات يتصور الإنسان أنه محبوب لأنه مخلوق فريد من نوعه، وبعد تجارب تحطيم الكبرياء يعرف أنه محبوب بسبب تفرّد الشخص الذي أحبه وتنازل له عن قلبه وليس العكس.. وفي البدايات كثيرًا ما يكون الإنسان سطحيًا في نظرته للتفاصيل المؤثرة، قاسيًا في حكمه على العيوب والزلات والهنّات الصغيرة، راغبًا في الأخذ أكثر من العطاء، لكن بعد مرور الزمن وتراكم بصمات التجارب على روحه يُدرك أن الحُب ضرورة كالأكسجين الذي يفرض شروط استنشاقه علينا ولا نفرضها عليه، وأن أهم ثلاثة من شروط بقائه على الحياة هما "القبول" و"الشعور بالامتنان" و"التفاهم"، قبول الآخر بكل ما فيه لأنه مرآتنا، والشعور بالامتنان والتقدير لأنه وهبنا قلبه ووقته وكل ثقته وجزء من عمره وفتح لنا أبواب حياته، وإتاحة مساحات للتفاهم لأنه السبيل الوحيد للتعايش ثم التكامل. قد يكون "الانبهار" عنصرًا مؤثرا في خطف عواطف الإنسان خلال بدايات شبابه، ثم يبهت هذا العنصر حين يستوعب أننا كبشر متشابهين، وأن وجود من يوافق على مشاركتك آلامك وأحزانك وأفراحك كنز، ومن يمد يده ليكون عكازك لحظة سقوطك كنز، وأن من يتحمل ضعفك في مرضك كنز، ومن يتقبل رؤية شكلك لحظة استيقاظك من نومك كنز، ومن لا يشعر بالقرف من أسلوب تناولك طعامك كنز، ومن يتسامح مع هفواتك غير المقصودة كنز، ومن يعتبرك غاليًا عنده مهما كان أو يكون أكبر كنز، ومن يُبادلك الأخذ والعطاء بعفوية دون شروط أو تصورات مسبقة هو شخص لا يُقدر بثمن. إن الهدف الرئيسي من الحب هو أن نقبل ونساعد ونقوي بعضنا بعضا في رحلة الحياة المعقدة، لا أن نهاجم وندمر ونحطم بعضنا بعضا رغبة في الأخذ دون عطاء مكافئ، وحين ندرك تلك الحقيقة سنتنازل عن مكاننا فوق جبل الغرور الهش ليفسح لنا عرش الحب الراسخ مكانًا مريحًا فوقه.