A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

زينب علي البحراني تكتب: افهم دورك على الأرض

موجة غامرة من الطاقة السلبية بدأت تستولي على أرواح الشبان والشابات في عالمنا العربي خلال الأعوام الأخيرة، يتصاعد دخانها بين كلماتهم المُحبطة وتنبثق رائحتها من نبرة أصوات بعضهم الخالية من الأمل بالحاضر والمُستقبل، وتنتشر عدواها السريعة بين أقرانهم من رفاق وأصدقاء وزملاء، وهي ظاهرة تحتاج اهتمامًا حقيقيًا والتفاتًا جادًا سريعًا، لأن العنفوان، والطموح غير المحدود، وتدفق التطلعات نحو المستقبل من أهم سمات الروح الشابة في كل زمان ومكان، وهي جزء من آمال أجيال أخرى والوقود الذي يغذي المجتمع بالحماسة ويحمي مشاعره من الترهل والركود وفقدان الرغبة بالحياة. أتحدث عن هذه القضيّة "من قلب الحدث"، إذ شاء الحظ أن أكون شابة عربية أعيش هموم الشابات والشبان التي يتشابه أكثرها في معظم بقاع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن أنال فرصة الوصول برأيي إلى شريحة واسعة من المهتمين بسماعه كبارًا كانوا أم صغارًا، يمتازون بشباب العمر والرّوح أو يملكون أحدهما أو فقدا كليهما، يملكون خبرة عميقة بالحياة تجعلهم يرون ما أكتب عنه جزءًا من ماضيهم، أو لا يملكون منها إلا ما يجعلهم يرونه صورة من صور الحاضر الذي يعيشونه، أو زاوية من زوايا واقع لم يصلوا إلى مرحلة تجربته حتى هذه اللحظة. وأعرف كيف صارت "احتياجات أساسية" كإيجاد عمل مناسب، أو الارتباط بشريك حياة ملائم، أو تقديم شكل من أشكال الرعاية الممتازة التي يتمناها لأطفاله، أو الارتقاء في سلّم ممارسة هواية مُحببة لينتقل بها إلى مراحل أخرى من حياته، أحلامًا صعبة المنال في أحيان كثيرة إلى درجة الظن بأن الطريق مسدود، لكن رغم كل هذا لازالت الشمس تشرق كل يوم، والحياة تسير، والنباتات تنمو، والعصافير تزقزق، والناس يعيشون، والأطفال يولدون.. هناك شيء على هذه الأرض أكبر من كل التعقيدات، هناك قدرة عطوفة رحيمة تتحكم بكثير مما لا نستطيع رؤيته، وهناك اتزان كوني يتقن إرجاع كل التفاصيل المتمردة على ناموس الطبيعة إلى مكانها الصحيح. كل الكائنات الأخرى من حولنا تعيش على طبيعتها دون تعقيد، هل سمعت عن فراشة تفلسف الأمور؟ عن قطة تحتاج إنفاق نصف عمرها في التعليم والتدريب لتجني رزقها؟ عن أسد لا يستطيع الزواج؟ عن أرنب يواجه مصاعب في بناء صداقات بين أفراد مجتمعه؟ عن نملة تشعر بالقلق تجاه مصاريفها الدراسية؟ عن فيل لا يدري كيف يجني ما يكفي لإطعام أطفاله؟ عن شجرة خوخ تشعر باليأس لأنها عاجزة عن إتمام متطلبات الهجرة من أرضها إلى أرض أخرى؟ هل تشعر أنها أمثلة طريفة لأنك تتصور أن تلك الكائنات أغبى أو أقل شأنًا منا نحن البشر؟ هذا غير حقيقي، راقب حياتها جيدًا لتكتشف أن بعضها يمتاز بصفات فطرية أرقى من بعض الصفات البشرية المُكتسبة، وقد يكون ردك: "حسنًا.. ماذا أفعل بحياتي مادمت لست قطة ولا فراشة ولا نملة ولا فوطة استحمام ولا وردة مجففة؟".. باختصار: حاول الانسلاخ بذاتك من نظام "تعقيد الأمور" الذي اخترعه البشر بهدف تنظيم حياتهم فتسبب لها بتاريخ من الإرباك. أعلم أن الطغوطات قد تكون كثيرة وكبيرة، أنت تعيش في مجتمعات تتوقع منك فوق طاقتك أحيانًا، وتطالبك بأن تُشبه الآخرين في أحيان أخرى، لكنك إذا سمحت لروحك الداخلية بالخضوع التام لهذا النظام الجنوني ستفقد ذاتك وتنهار تحت وطأة اليأس. كل شيء في الكون يولد، ويعيش، ويؤدي دوره كاملاً قبل أن يموت دون أن تدوسه أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وقرحة المعدة، لكن البشر يتقنون إفساد حياتهم وإفساد حياة الكائنات الأخرى حولهم. يحب أن نفهم جيدًا أننا مجرد نقاط صغيرة على وجه هذا الكون، ونستوعب أننا براغٍ صغيرة في هذا المشروع الإلهي العظيم، كي نتمكن من "تأدية دورنا" الصحيح.. لماذا كانت حياة معظم الآباء، والأجداد، وأجداد الأجداد أكثر سلامًا ووفرة وأقل مشكلات؟ لأن تلك التعقيدات غير المريحة لم تتسلل إلى شؤون حياتهم، كانوا يُبسّطون الأمور في حياة أقرب إلى الفطرة.. ليس صحيحًا أن المشكلة لها علاقة بارتفاع معدلات المتعلّمين من خريجي الجامعات وازدياد عدد السكان كما يرى البعض؛ لأن الثروات التعليمية والسكانية يقابلها طلب واحتياج لها بحجم وجودها على الأرض، فالميزان الكوني لا يسمح بصعود في جهة مقابل هبوط مؤثر في جهة مقابلة إلا إذا تدخل البشر للتخريب بهدف الإصلاح، المشكلة دائمًا في انجراف الإنسان نحو التركيز على المصاعب والنواقص وإهدار الوقت والطاقة في انتقادها بدل التركيز على البحث عن حلول وعلى الموجود من نعم وخيرات مُتاحة تستحق الشكر والتقدير والامتنان كي تعزز شعورنا الروحي بالثراء، وتلهمنا أسهل الطرق لاستثمارها في سبيل الوصول للأمان المادي والمجتمعي والعاطفي.