ابرام مقار يكتب: كندا ... ذاك البلد الجميل
من المصادفات الهامة لجريدتنا "جود نيوز"، أن يوافق يوم صدور العدد الحادي والتسعين للجريدة مع يوم الإحتفال بـ 150 عام علي إنشاء كندا وأعتبارها كياناً فيدرالياً ذات سيادة تمتد من المحيط الأطلنطي إلي المحيط الهادي، والذي حدث في الأول من يوليو عام 1867. كندا تلك الدولة العظيمة والتي تحتل مكانة في مقدمة دول العالم أجمع ، وفي أرفع منظماتها الكبري، فهي أحد الدول السبع الصناعية الأعلي إقتصادياً بالعالم ، وهي أحد دول مجموعة الثمانية لكونها الأعلي أقتصادياً وعسكرياً في العالم، وهي أحد دول مجموعة العشرين لكونها أحد الدول الأعلي تجارياً في العالم. وبين 21 دولة بالعالم في منظمة الأيبك، كذلك عضو حلف الناتو لكونها الأعلي في كل ما سبق فهي لديها القدرة علي المشاركة في حل الأزمات السياسية عالمياً. فضلاً عن كونها تحتل المراكز الأولي في مستوي المعيشة و الأمن و الرعاية الصحية و جودة الحياة و الحريات و الوظائف، ومدنها تحتل المراكز الأولي لأجمل مدينة ، وثاني أفضل دولة بالعالم في الإستقرار الإقتصادي بحسب المنتدي الأقتصادي العالمي بدافوس، وثالث أفضل دولة للهجرة واللجوء ولم الشمل، والأفضل سمعة والأكثر حديث بإيجابية بين شعوب العالم، ومونتريال هي أفضل مدينة للطلاب بالعالم.
كندا تلك الدولة التي أحتضنت كل القادمين لها والمقيمين علي أراضيها، وأعطتهم نفس الحقوق دون النظر إلي اللون أو الدين أو العرق ويخضون جميعاً لنفس الواجبات، فالكنيسة التي لا يستطيع القبطي بنائها في وطنه الأم مصر ، يستطيع بنائها بكل حرية في كندا، ومقاطعة البرتا الكندية بها أكبر مسجد أحمدي بالعالم، بينما لا يجروء المسلم الأحمدي علي المطالبة بمسجد في باكستان المسلمة، والإنتماء الشيعي الذي لا تسطيع المجاهرة به في ماليزيا السنية، تستطيع أن تمارس كل الطقوس الشيعية كاملة في دور عبادتك في كندا. والبهائية التي لا تستطيع أن تكتبها كديانة في بطاقة الهوية في الدول العربية، في كندا تستطيع بناء "مشارق الأذكار" - دور العبادة البهائية - الشاهقة. المجتمع الكندي مثله مثل باقي الدول المتقدمة، مجتمع صحيح السيادة فيه للقانون والدستور والميثاق الكندي للحقوق والحريات ، بعد أن خاض الحروب والأزمات والمتاعب أكتشف أن الدولة العلمانية هي الأفضل، الدولة التي لا تفرق بين مواطن وأخر والتي تقف علي مسافات متساوية من الجميع، لا تفرق بين أغلبية وأقلية ، بين مؤمن وغير مؤمن. مجتمع تصالح مع نفسه، فأعطي الشعوب الأوائل حقوقهم وحقهم في إدارة أراضيهم وتجمعاتهم، وأعطي حقوق إضافية لمن تعرض للظلم عبر قرون مضت، وتجاوزت إنسانيته المكان والزمان لتشمل كل مضطهد وكل من له معاناة خارج الأراضي الكندية، وقدم له الملجأ الأمن، حتي الفقراء في العالم حظوا بدعم هذا المجتمع وأصبح دعمهم جزء من ضرائب الكنديين. وأعطي المعارضة للنظام كل الحق والحرية والأمان لتراقب إدارة من في الحكم وحافظ علي تداول السلطة حتي لا يتغول فصيل علي أخر. وربما يلوم البعض تلك القيم الكندية النبيلة، خوفاً من إستغلال المتطرفين ومن لهم أجندات خاصة بعيداً عن صالح كندا لثغرات الحرية والديمقراطية الكندية للردة علي تلك القيم وتغيير شكل هذا المجتمع المتسامح، والحقيقية أنني لا تثاورني تلك المخاوف فأن الديمقراطية تعني "Auto Correction"، أي أن المجتمع يصلح نفسه بنفسه، ويحاسب المخطئ ويغيره. كما أن تلك القيم التي ضحي من أجلها الملايين لن ينتزعها منا أحد. كمهاجرين كنديين مخلصين لأوطاننا الأم لا نحلم سوي أن نري مصر والعراق وسوريا وباقي مدن الشرق الأوسط مثل كندا، ذاك البلد الجميل