A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب: صندوق الأدوات

كنت في طريقي لزيارة والدتي حين فوجئت بالسيارة تصدر أصواتا غير طبيعية كما لو كانت على وشك أن تتفكك إلى أجزاء، كما أضاءت لمبة صفراء في التابلوه أمامي مما تسبب لي في بعض الانزعاج. ونظرا لجهلي التام بأمور السيارات فقد سارعت بالاتصال بزوجي الذي نصحني بالتوجه في الحال إلى الميكانيكي. وهناك ألقى الرجل نظرة سريعة فاحصة علي السيارة ثم أخبرني أن المسألة ليست خطيرة وأنه يستطيع تصليحها في خلال ساعات إن كنت أستطيع الانتظار. لم يكن أمامي خيار آخر، فقررت أن أنتظر. اخترت أكثر الكراسي نظافة وجلست عليه ثم أمسكت بإحدى مجلات السيارات المنتشرة في المكان لأتصفحها٬ غير أنني لم ألبث أن سئمتها بعد ثوان معدودات فألقيتها جانبا وأنا قلقة من أن يصيبني الملل بانهيار عصبي. لحظات وإذ بعاملين قد أقبلا لتصليح السيارة التي تقف أمامي مباشرةً فأخذت أتسلى بمراقبتهما. وبينما قام أحدهما برفع السيارة وتمدد تحتها، انشغل الآخر بتجهيز صندوق الأدوات. ووجدت بصري مثبتا علي الصندوق بما يحويه من مفكات ومفاتيح وعدة. فكل هذه الأدوات علي مختلف أحجامها ومقاساتها لها استخدامها الخاص بها والمناسب للعمل الذي تؤديه ولا ينفع أن تستخدم إحداها بدلاً من الأخرى. وإذا حاولنا أن نستخدمها في غير العمل الذي خصصت له فنحن بذلك إنما نضيع وقتا وجهدا لا طائل من ورائهما. علي المستوي الإنساني أيضا كل واحد فينا يمتلك صندوق أدواته التي هي مواهبه ومهاراته.. والتي تؤهله للتفرد والتميز متي أحسن استغلالها وتوظيفها في العمل المناسب لها. من حوالي سبع أو ثمانية أعوام كان لي زميل عمل يعمل بقسم المبيعات. وقد قرر هذا الزميل فجأة تقديم استقالته بغرض استكمال دراسته الجامعية. كان من الممكن أن يكون الخبرعاديا لولا شيئين أولهما نجاحه الكبير كخبير مبيعات وثانيهما سنّه التي كانت قد تخطت الخمسين بعدة أعوام.. كان الرجل على وشك الإحالة إلى المعاش وكان إقدامه على تلك الخطوة يعني أن يفقد كل مستحقاته.. مما أصابنا جميعاً بالذهول وأشعرنا بأنه قد جن. وبينما أنا أتحدث معه عن هذا القرار قال: "آن الأوان لكي أستفيد من موهبتي وأصقلها بالعلم". فسألته باسمة: "وما هي موهبتك تلك التي تريد تركنا لأجلها؟" قال ببساطة ودون أن يدري بأنه يلقي في مسامعي بقنبلة تزيد من حيرتي: "حسن الإصغاء". "لقد أصابه الخبل بكل تأكيد" هكذا قلت في نفسي، ويبدو أنني لم أستطع مداراة ما دار بخلدي إذ وجدته يبتسم ثم شرع يخاطبني كما يخاطٙب الأطفال وقال لي موضحاً: "منذ صغري وأنا أحب أن أستمع للآخرين وهم يتحدثون عن حياتهم وعن أنفسهم ومشاكلهم. وكنت دائماً أشعر بالتعاطف معهم وأود لو أملك عصا سحرية أستطيع بها مساعدتهم على التغلب على ضيقهم ومتاعبهم.. ففكرت أن أزاول مهنة الطب النفسي. ولكن الظروف لم تسمح لي أبدا بتحقيق هذا الحلم. ووجدت نفسي مع الأيام أنجرف بعيدا عنه خاصةً بعد أن أصبحت مسؤولا عن أسرة وأطفال. لدرجة أنني أصبحت أزاول مهنة -على النقيض من موهبتي - تماما كلها كلام . ولكن الآن بعد أن تخرج الأولاد وتركوا البيت راودني ثانيةً الحلم القديم وسوف أعاود دراسة علم النفس.. ومن يدري ربما أصبح مشهورا ذات يوم! ". وكأنه كان ينطق بنبوءة.. فقد سمعنا بعد ذلك أنه حقق نجاحا منقطع النظير وصار اسمه يتردد على كل لسان ويقصده الناس من كل حدب وصوب. واليوم كلما تذكرته ضحكت من غبائي الذي دعاني لأن أستهتر بموهبة ما أي كانت. لقد أدركت حينها أن نوع الموهبة لا يهم ولا قدرها ولا حجمها ما يهم حقا هو أن نعرفها ابحث في صندوق أدواتك عن الشئ الذي تحب أن تفعله.. اكتشفه، اصقله ووظفه التوظيف السليم.. وهذا ببساطة هو سر النجاح.