The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

عبد المسيح يوسف يكتب: بين جدلية الاستهبال وموهبة العطاء ومنفعية الاستغلال

كثيرون أنعم الله عليهم بموهبة العطاء، فهو لديه قدرة غير محدودة علي العطاء مع الآخرين لكل ما هو مفيد ونافع. ولكنهم أكثر هؤلاء من يستحلون الأخذ دون وجه حق، أو تحت غطاء الاستهبال والاستغلال، والاعتقاد بأن هذا شطارة منهم. هنا وضع خاص للإنسان المحتاج، الذي يمكن لمن يعطي أن يساعده، لكن هناك آخرون يعتقدون أن قدرتهم علي الأخذ، تعادل أمام أنفسهم، الشطارة والمهارة والذكاء في التعامل مع الآخرين، مع العلم أن من يعطي في كثير من الآحيان، يكون علي وعي تام بأن هذا الشخص الآخاذ أنما هو يعاني من حالة غير طبيعية، تدفعه إلى انتهاك هذا السلوك. لكن المشكلة لا تكمن في هذه النوعية من البشر، لأنهم في لحظة من اللحظات، قربت أم طالت، سيكتشفون صورتهم الحقيقية المستغلة، بأنفسهم أو من خلال شخص أخر، واقعي أو سليط، سيضعهم أما صورتهم الحقيقية المستهجنة. هناك حالات كثيرة، لا يمكننا أن ننكرها، حتي داخل الأسرة الواحدة، وبفعل تفاوت المواهب والمهارات والإمكانيات، التي ينعم بها الله علي الإنسان، أو يطورها الإنسان بنفسه، نجد أن هناك شخص ما في العائلة، لديه القدرة والرغبة علي العطاء أكثر من الآخرين، والعطاء، لا يقصد به فقط المال، لأن المال لا يجلب بالضرورة السعادة والاستقرار للأسرة، فالعطاء، يمكن أن يكون في الانتباه لبقية أفراد الأسرة، أو المساعدة في أعمال المنزل، أو الاهتمام بمذاكرة الأبناء والبنات، أو طول البال علي عصبية ونرفزة الطرف الآخر في الأسرة. ولا يختلف الحال كثيرا بين الأخوات، فهناك من لا يريد أن يعطي أى شئ، حتى مساعدة أخيه أو أخته في أعمال الدراسة، وربما يتطور هذا الأمر مستقبلا لعلاقات سيئة بين الأخوات والأخوة. وهناك من يتمتع بقدرة وموهبة غريبة علي العطاء والمساعدة، وربما يكون الصغير، وليس بالضرورة الأخ أو الأخت الأكبر، فيكون معطاء، من وقته ومهاراته لأخواته وللباقين، من حوله. مسألة الأخذ والعطاء، هذه وشعرة الاستهبال التي بينهما، تحتاج الي درجة عالية من الملاحظة ولوقت طويل تلاحظ فيه الإنسان، حتى تستطيع تقييمه، خاصة في نمط تنشئة مثل النمط المصري، القائم علي أن الأخذ شطارة، وأن العطاء في جزء منه هبل، وهذا أمر يجب مراجعته لأنه أمر غير صحيح بالمرة. ويتجلي هذا في حالات المنتظرين الهدايا من القادمين من السفر. مع العلم بأن القادم من السفر يمكنه هو الآخر أن يفكر: من أعطاه هدايا أو قام معه بالواجب قبل أن يسافر أيا كانت صورته حتى لو بكلمة طيبة، لماذا هناك علاقة منفعية أو عطاء من جانب واحد؟ فهذا من المسائل المهم التفكير فيها. علما بأن موهبة العطاء قرار، بما يريد الشخص المعطي أن يعطي هذا ولا يعطي هذا لأسباب لديه. إذ أنه من الطبيعي كما قلت ألا نتعامل مع الجميع بذات الطريقة. فالعطاء، حتي لو لم يعترف به من يستفيدون به، فهو أشبه بالتجارة مع الله، كلما أكثر منه الإنسان، كلما عوضه الله عنه خيرات كثيرة في حياته الشخصية والمهنية. وكما قلنا ونقول فالسعادة ليست في المال فقط، قد يكون المال عنصرا مساعدا، لكن السعادة أمور أخرى كثيرة، منها أن يشعر الإنسان بالرضا عن نفسه وعن أسرته وعن زوجته وأولاده، أن يشعر الآخرون بالإمتنان له. للأسف لم نتعلم في حياتنا أن نعبر عن مشاعرنا وما يجول في خاطرنا، بسبب الثقافة والتربية المحافظة، التي نشئنا فيها، لكن بعض المجتمعات الغربية، التي تهتم كثيرا بأن يقوم كل شخص بتحليل سلوكياته وتقييمها، لتحديد مدى استدامتها أوتعديلها مستقبلا، تسمح لهذا الشخص بأن يحدد مسار سلوكياته تجاه الآخرين. من المهم أن تتحدث من وقت لآخر، مع الأشخاص المهمين من حولك، مع ضرورة اختيار طريقة ومفردات الكلام، خاصة وأن بعض من ستتحدث معهم لا يفهمون بالضرورة ما ستقوله، لأنه نشئوا في نسق قيم ومنزل وتجارب وثقافة ربما تكون مختلفة نسبيا عما نشأت أنت فيه. هذه المسائل النوعية تبرز علي السطح مع مرور السنوات، ويكون من الضروري التفكير فيها والاهتمام بها، من أجل تقوية علاقاتك بالآخرين المهمين المحيطين بك. مع التأكيد علي أنه ليس كل من هو حولك، بالضرورة مهم بالنسبة لك، لذا فمهم المهم تحديد دوائر الاشخاص، الذين ينعمون بهذه الدرجة من الأهمية. فمن الطبيعي ألا نتعامل بنفس الدرجة من الاهتمام والعطاء مع الجميع، خاصة وأن هناك دوائر يجب أن يكون علي وعي وإدراك بها. سواء كانت دوائر الفقراء والمحتاجين، وهذا ما ينظمه العشور والصدقات وغيرها، أو دوائر الاصدقاء أو العائلة والأسرة. وأكثر ما يسئ للنفس عندما تتقابل مع أشخاص يصطنعون أو يعلنون أنه ليس لديهم شيء يعطونه، وهذا ليس صحيحا، لأن لدي كل إنسان شيء ما يجود به مع الآخرين، ولهذا برز المثل الشعبي "لاقيني ولا تغديني"، كناية علي أن العطاء يمكن أن يكون بالمقابلة أو الكلمة الطيبة وليس بالضرورة العطاء المادي. من الأمور المضرة، ألا يهتم الوالدان "الأب والأم" بتدريب ابنائهم منذ الصغر علي العطاء، لأنهما سيكونا أول شخصان يعانيان من هذا الأمر مع أبنائهم مع مرور السنوات. فالعطاء موهبة، ويجب أن ندرب أطفالنا منذ الآن علي العطاء، حتى لا يكونوا جاحدين، وهناك حالات ونماذج كثيرة تتكشف في أن الشخص الذي يري في نفسه القدرة علي الآخذ والاستفادة من الآخرين، هو الأذكي والأشطر والأنصح. في حين في الحقيقة، هو إنسان غير سوي، لأنه لن يستطيع أن يفكر فيما لديه من مواهب أو عطاءات يمكن أن يقدمها لأقرب الناس إليه، ولا يجب أن تكون بالضرورة الأموال، التي أكلت عقول البشر، بسبب التطور السريع في مستويات المعيشة والأسعار مقارنة بالأجور والمرتبات. من المهم أن نربي أبناءنا علي موهبة العطاء والمساعدة، فهذا تجارة طيبة، تحسن من صورة الشخص أمام نفسه، وأمام الله، وأمام الآخرين، سواء كانوا أسرته أو أصدقاءه. أما الشخص الآخاذ، المستغل، فسيأتي اليوم الذي يسمع فيه كلام لا يسره من شخص آخر، أو سيكتشف ذلك بنفسه، وفي تلك اللحظة لن يكون راضيا عنها، وسيراها صغيرة جدا.