6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس استثمار 100 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي تطوير أول حارس إنقاذ بالذكاء الاصطناعي في الأنهار

دولا أندراوس تكتب: حكاية ثورة

بمجرد أن أمسك محمد مرسي بمقاليد الحكم في مصر شرع في تنفيذ مشروع النهضة الأخواني على وجه السرعة. وقد تمثل هذا المشروع في محاولة تأسيس الدولة وإقامتها على الشريعة الإسلامية ونظم الحكم الإسلامي (بحسب تفسيرات ومفاهيم أخوانية لهذه المبادئ والنظم) لتقود فيما بعد إلى دولة الخلافة والهيمنة العالمية. وبما أن الأخوان، على العكس من نظرائهم السلفيين، لا يحبون المواجهات الصادمة والمباشرات العنيفة الشرسة بل يفضلون اتباع استراتيجية التقية الشيعية من حيث إظهار غير ما يبطنون من النوايا، فقد حاولوا التظاهر بالقبول بقواعد الديمقراطية، كالخضوع للأحكام القضائية، واقتحام الحياة الحزبية، والسعي للقروض الربوية من صندوق النقد الدولي..إلخ.. في حين كانت النية المبيتة لمشروعهم هي أخونة الدولة والسيطرة على جميع مفاصلها. فقاموا بالاستيلاء على مجلسي الشعب و الشورى ولجان تعديل الدستور ومختلف الاستفتاءات والانتخابات. كما قاموا باقتحام الهيئات والمؤسسات وزرع قيادات وعناصر من داخل التنظيم في وزارات كالثقافة والتعليم والصحة والخارجية وغيرها، وشهدنا كذلك محاولات لتفعيل بعض بنود وثيقة نحو النور التي كتبها حسن البنا الزعيم الروحي للأخوان المسلمين والتي حوت خطوات عملية لإحداث تغييرات اجتماعية في الشارع المصري مرتكزة على الشريعة الاسلامية. ولم ينقذنا من هذه التداعيات الخطيرة وهذا الاحتلال الأخواني للدولة المصرية سوى قيام الثورة. فبالرغم من وجود متعاطفين مع الجماعة في أوساط الشعب المصري وبالرغم من شدة تدين رجل الشارع العادي إلا أن المصريين لم يحتملوا فشل الأخوان في إدارة البلاد وتمردوا على حكمهم الديني المتخفي في قناع مدني ولفظوهم بعد عام واحد من وصولهم إلى الحكم. وحدث وقتها أن تم تحالف ضمني بين قوى الثورة الشعبية وقوى الثورة المضادة القومية المتمثلة في الجيش وبعض الأحزاب المدنية وكوادر الدولة العميقة بمؤسساتها المختلفة بهدف الإطاحة بالحكم الديني الأخواني. ولم يكن من الصعب على تلك الكتلة القومية (وهي الأقوى بما لا يقاس والأقدر على سحق الكتلة الأخوانية بسرعة في حال ما إذا نشب صراع بينهما) محاربة القيادات الأخوانية من خلال عدم التعاون أو التعطيل أو حتى التآمر في بعض الحالات إلى أن تمت الاطاحة بهم نهائيا. في ذلك الحين كانت الموضوعية تحتم على القوى الثورية أن تتمسك بهدف الإطاحة بالحكم الديني برغم اشتراكها مع قوى الثورة المضادة في تحقيق نفس الهدف حيث كانت الثورة المضادة القومية تستفيد من ضربات الثورة الشعبية الموجهة إلى الحكم الديني والعكس صحيح. لكن المؤسف هو أنه إلى الآن وبعد مرور سنوات على استقرار كفة الميزان لصالح الكتلة العسكرية ما زال الأغلبية يقعون في مصيدة التماهي التام مع إحدى الكتلتين فينقاد البعض وراء معسكر الجيش بالكلية بينما ينقاد البعض الآخر وراء معسكر الاسلام السياسي بالكلية وهو وضع لا يسمح لمصر بتجاوز الصراعات والأزمات التي تشهدها منذ الثورة ولا يبشر بتأسيس الحكم الديمقراطي الذي تنعقد عليه الامال. إن التخلص من الحكم العسكري في الوضع الراهن ليس خيارا متاحا ولكن الإقرار بهذه الحقيقة لا يدعو إلى التشاؤم فقد كنا دائما واقعين تحت السيطرة الفعلية للجيش حتى وإن تغطت في بعض الأحيان بغطاء مدني، لكنه يدعونا إلى التعامل بما لدينا من معطيات والتي يمكن تلخيصها في التركيز على نشر الوعي وبناء مؤسسات الديمقراطية من أسفل، ودفع السلطة إلى القبول بوجود معارضة شرعية واعية نشطة تقوم بدورها الرقابي كاملا وبحرية٬ وتلمس الطرق المختلفة التي تجعل الشعب يمارس حقه في الاشتراك في الحكم وصنع القرار.