ابرام مقار يكتب: قراءة في إكتساح محافظين ”فورد” بإنتخابات أونتاريو
- إنتخابات أونتاريو الأخيرة أكدت علي أن المؤثر في حسم نتيجة الإنتخابات ليس مجموعات مجتهدة أو تجمعات لها أيدولوجيات متشابهة، ولكنها أكثرية واعية ترفض بقاء الأحزاب بالحكم لمدد طويلة، وتعشق التغيير ، أكثرية ملت المذايدة علي قيمنا، والعمل لمجموعات دون غيرها
- عدد مقاعد الحزب الليبرالي بأونتاريو حاليا يمنع عنه صفة الحزب رسمياً ، ولا يحق له الحصول علي موارد مالية، وليس له الحق في المناقشة
في الثالث والعشرين من مايو الماضي، شاركت في لقاء إنتخابي بمدينة بيكرنج مع المرشح السابق والحاكم الحالي لمقاطعة أونتاريو، "دوج فورد" وبعد إلقاء كلمته وبعد تحية الحضور له، وإلتقاط الصور التذكارية معهم وأثناء خروجه من القاعه، تحدث له أثنين من كبار السن بصوت خافت من ركن بعيد بالقاعة التي تم بها اللقاء، فما كان من "دوج" إلا أنه ترك الحرس الخاص وترك مسار الخروج وتوجه لهم ليستمع لما يقولونه ثم تحدث معهم لدقائق، وقتها تذكرت الحاكمة السابقة للمقاطعة، الليبرالية "كاثلين وين" حينما وقف عشرات الألاف من الأباء ينتقدون مناهجها الجنسية المقررة لأبنائهم أمام برلمان المقاطعة في طقس شديد البرودة في فبراير عام 2015 ، وكيف رفضت "وين" أن تخرج لهم أو تتحدث معهم أو أن ترسل مندوباً للتعرف علي ما يريدونه، وقتها لم أمنع نفسي من المقارنة بين ما فعله "فورد" و مافعلته "وين"، وأن اتمناه حاكماً لتلك المقاطعة الهامة بدلاً منها. وقد كان .. فقد صوت الـ Ontarians من كل أرجاء المقاطعة لصالح محافظين فورد ليفوز بحكومة أغلبية بعد خمسة عشر عاماً من حكم الليبرال. والذين تعرضوا لإنهيار غير مسبوق بعدد سبعة مقاعد بالبرلمان، وهو عدد يمنع عنهم صفة الحزب رسمياً بالمقاطعة في السنوات الأربع القادمة، ولا يحق له الحصول علي موارد مالية، وليس له الحق في المناقشة بالمجلس، لكون عدد مقاعده أقل من ثمان مقاعد. ويصبح الحزب الديمقراطي الجديد الـ NDP هو حزب المعارضة الرئيسي، ومع كل ما سبق ومع إكتساح المحافظين في مقاطعة معروف عنها بتوجهها للأحزاب الليبرالية، فأن هذا المشهد يستحق الدراسة ويكشف عن عدة أمور للحاضر والمستقبل وهي:
- ليست هذه المرة الأولي التي يغيب الحزب الليبرالي عن الحكم والمعارضة، بل في 2011 وعلي المستوي الفيدرالي وبزعامة إجناتيف غاب الحزب بنفس الطريقة. ويبدو أن هذا المشهد سيتكرر، فالحزب يدفع ثمن تطرفه الليبرالي ، وتقسيم المجتمع عبر الإهتمام بمجموعات دون أخري، والمزايدة علي قيمنا الكندية من ديمقراطية وحرية وحقوق الأنسان، فجاء له الـ NDP لينافسه في التطرف علي المبادئ الليبرالية ، ويقسم المقسم ، ويزايد علي مذايدة الحزب الليبرالي فأصبح كثير من الليبراليين يرون الحزب الليبرالي محافظاً ووجدوا أن الـ NDP هو الأكثر تعبيراً عنهم فأنهار الحزب الليبرالي من قواعده ومن مؤيديه وهذا الأمر سيتكرر لا محالة في إنتخابات قادمة
- المشهد أكد علي أن حزب المحافظين التقدمي هو حزب قوي وله قاعدة إنتخابية صلبة ، وله مؤيديون لا يرون عنه بديلاً حتي وإن أختلفوا معه بعض توجهاته أو أفراده، بل أن غير المؤيدين له يرونه بديلاً حال فشل الحكم. ولهذا سيظل حزب المحافظين هو موضع إختيار الكثير من الكنديين وسيظل حاضراً في المشهد السياسي سواءً في الحكم أو المعارضة في الإنتخابات القادمة
- نتيجة الإنتخابات الأخيرة أكدت علي ضعف توقعات إستطلاعات الرأي، والتي ربما أتت في مجملها إلي تقاسم عدد المقاعد بين حزب المحافظين والحزب الديمقراطي الجديد وهو ما لم يحدث.
-إنتخابات أونتاريو الأخيرة أكدت علي أن المؤثر في حسم نتيجة الإنتخابات ليس مجموعات مجتهدة أو تجمعات لها أفكار وأيدولوجيات متشابهة، ولكنها أكثرية واعية من الناخبين ترفض بقاء الأحزاب بالحكم لمدد طويلة، وتعشق التغيير ، أكثرية ترفض هبات الأسابيع الأخيرة كتلك التي قدمتها كاثلين وين لهم ، أكثرية ملت المذايدة علي قيمنا، والعمل لمجموعات دون غيرها، تلك الأكثرية والتي تعدادها بالملايين تأخذ القرار عبر إتفاق غير معلن وغير مرأي في مشهد يثير التعجب