A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

جورج موسي يكتب قصة قصيرة: المحاكاة

في ليلة من ليالي اغسطس الحارة وقد بلغت الحرارة أقصاها في الخارج ولكنها لا تهتم فوحدة تكييف الهواء المركزية في منزلها لديها من القوة ما تستطيع به كسر أنف اغسطس هذا وربما فمه أيضا، وبينما تجلس على كرسي فاخر وتضع الساق فوق الساق وبين اصابعها سيجارة من النوع المفتخر وأمامها شاشة تلفاز بعرض الحائط، تلتقط هاتفها النقال الذهبي لتحدث اعلامي قابع في التلفاز يتحدث عن نموذج محاكاة الدولة ويذيع مقتطفات لحكومة المحاكاة هذه ثم يزهو بالعصر الذهبي ويصرخ فرحا من إنجاز يلي الإنجاز فهذا كوبري من زجاج وتلك عاصمة ومباني وأشجار وملاعب جولف والوحدة السكنية بالملايين. تحدثت السيدة إلى المذيع اللامع فتقول مبروك وتهاني القلب من القلب ووطننا العزيز على صحيح الدرب ورئيس مفتخر جدا واقتصادنا عظيم ولينفجر غيظا الحاقد واللئيم، حياتنا أجمل وشمسنا مشرقة وكل احتياجاتنا مجابه وفي المتناول، يا سيدي لا تصدق اصحاب الافكار الهدامة والمحبطة الذين يتحدثون عن حاجة الناس وفقرهم، يا سيدي الناس تمتلك المال ولكنهم يكنزون ويشتكون وإلا فقل لي من يسكن كل تلك العمارات الجديدة؟ ومن يشتري في العاصمة الجديدة وحتى ان زادت الاسعار واعباء الحياة قليلا فلنتحمل، فبناء الاوطان يحتاج الجلد ونحن لها وهذا حق الوطن علينا. يسمعها المذيع اللامع مبتسما ابتسامة البلهاء ويتنهد تنهيدة عظيمة ويصيح قائلا ها هو نموذج الوطنية، سيدة تعشق وطنها وتقف خلف قيادتها وتحتمل من اجل الوطن ومن أجل غد مشرق، يا لعظمة تلك السيدة النبيلة، وبعد وصلة مديح بينهما وعظيم الشرف المتبادل كون أحدهما حدث الآخر يشكرها المذيع وتشكره وتغلق الهاتف ثم تلتقط سيجارتها من جديد وتضعها بين شفتيها ثم تضع الساق فوق الساق وتلتقط حبات من طبق البندق بجوارها ولكنها تلاحظ خادمة المنزل تنظر اليها مبتسمة، تسألها هل هناك شيء؟ لماذا تنظرين إليّ هكذا؟ تجيبها لا شيء سيدتي لا شيء، فقط كنت أدعو الله. ثم نظرت اليها وقالت سيدتي هل لي ان اسألك شيئا؟ هل حقا تؤمنين بفكرة نموذج المحاكاة؟ إجابتها نعم بكل تأكيد، نظرت الخادمة في عيني السيدة وقالت لها هل تعلمي بماذا كنت ادعو الله؟ كنت ادعوه ان تعيشي المحاكاة، لا ان تتحدثي عنها فقط، اغتاظت السيدة وانفجرت غضبا قائلة: ايتها اللئيمة الحقودة فهمت ما تقصدين، تريدين ان نتبادل الاماكن، اعيش حياتك وتعيشي حياتي يا لك من حقوده ناكرة للجميل. أجابتها الخادمة في هدوء ليس للأبد لمدة اسبوع واحد فقط، ولا اقول نتبادل الأماكن، فأنا لو جلست مكانك لمدة اسبوع لن استطيع العودة لما افعله الآن، وغالب الأمر سأنهي حياتي بيدي في اليوم التالي لعودتي لحياتي هذه، انا فقط دعوت الله أن تعيشي حياتي لمدة اسبوع، اسبوع واحد فقط، انا اعمل عندك وأخذ أجري بالأسبوع وليس لدي عمل آخر فلتحاكي حياتي لمدة اسبوع بهذا الأجر، تحاكي كل التفاصيل من المأكل والملبس والمواصلات والمستشفيات والامراض وفواتير الماء والكهرباء و....و...ولحسن الحظ كنت قد حدثتك سابقا يا سيدتي عن كل تفاصيل حياتي وانتي تعرفيها جيدا، فحاكي كل التفاصيل في اسبوع، اسبوع واحد وبعدها حدثي هذا المذيع مرة أخري. انفجرت السيدة فيها غضبا وطردتها في الحال. ثم جلست تستريح قليلا لتهدأ فوقع بصرها على قصاصة ورق بجانبها كانت الورقة عبارة عن فاتورة الخضروات التي اشترتها الخادمة في ذلك اليوم، ولأول مره تتوقف وتقرأها بروية، استراحت قليلا على كرسيها الفاخر وأغمضت عينيها ودون ان تدري استغرقت في نوم عميق، ثم حدث ما لم تتوقعه، رأت في حلم ما دعت الخادمة الله أن يحدث، رأت نفسها مكان الخادمة، عاشت كل التفاصيل. عانت الحاجة وقلة الدخل، عانت قهر الأم حين تعجز عن إجابة ابسط طلبات أطفالها الصغار ، عانت السير بالساعات تحت حرارة شمس اغسطس لتوفر بضع جنيهات من أجل أطفالها، عانت نظرتها لصحن فارغ وهي لا تملك ثمن ما يملأ هذا الصحن لتسد جوع فلذات اكبادها، عانت الطوابير ومزاحمة الناس في الحصول على ابسط مستلزمات الحياة، عانت من أسعار الدواء، عانت ذل الحاجة وقلة الحيلة وبؤس الحياة. كانت تتذوق المرارة في حلقها في كل هذا، وفجأة فاقت من الحلم وهي تصرخ كابوس... كابوس، ومازال حلقها يمتلئ بطعم مرارة ما رأت، شربت ماء وبسملت وحوقلت ونظرت فوجدت التلفاز امامها ونفس المذيع مازال يقدم حلقته، التقطت الهاتف واعادت الاتصال وقالت له اصمت ولنصمت جميعا، فحتى في الأحلام لا نستطيع ان نتحمل حياتهم.