ابرام مقار يكتب: فرص نجاح حكومة إئتلافية بين الليبراليين والديمقراطيون
وصلتني رسائل نصية وهاتفية تحمل قدراً كبيراً من القلق، بعد ما أعلنه زعيم الحزب الديمقراطي الجديد "جاجميت سينغ"، بعزمه تشكيل حكومة إئتلافية مع الحزب الليبرالي، حال فوز المحافظين بحكومة أقلية، وقال "سينغ" ما نصه "سنشكل حكومة إئتلافية لأننا لن ندعم حكومة المحافظين وسنحاربها على طول الطريق"، والحقيقة أنه رغم مخاوف الكثيرين - وخاصة من مؤيدي حزب المحافظين الفيدرالي- من هذا التحالف ، إلا أن التحالفات والحكومات الإئتلافية ليست بالأمر اليسير والسهل، بل هنا عوائق وعقبات عدة أمام ظهور ذلك التحالف للنور إذا فشلت حكومة "أندرو شير" في الحصول علي الأغلبية، ويمكن تلخيص تلك العقبات فيما يلي:
أولاً: علي مدي تاريخ كندا لم ينجح تشكيل حكومة إئتلافية سوي مرة واحدة فقط برئاسة "روبرت بوردن" عام 1917 أي قبل أكثر من مائة عام، تلاها عدة محاولات فاشلة كان أخرها محاولتين، إحداهما عام 2003 حينما فشل بول مارتن وحزبه الليبرالي في تشكيل حكومة إئتلافية مع جاك لايتون زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، و"جيل دوسيب" زعيم حزب كتلة كيبيك. والثانية عام 2008 حينما حاول "ستيفان ديون" زعيم الليبراليين تشكيل حكومة إئتلافية مع "جاك لايتون" ضد حكومة المحافظين -والتي كانت حكومة أقلية وقتها- إلا أن رئيس الوزراء المحافظ "ستيفن هاربر" نجح في حل البرلمان وأفساد تلك المحاولة.
ثانياً: إعلان هذا التحالف ربما يثير مخاوف الكثير من الكنديين، فإذا نال إستحسان مؤيدي الحزبين ولكنه بلا شك سيثير خوف المواطن الكندي الغير تابع لأي حزب -وهي النسبة الغالبة عددياً بالإنتخابات- والذي بطبيعته يخشي وجود "حكومة أغلبية" من الأساس، تلك الحكومة التي تنفذ ما تراه دون أية معارضة. وهو ما أستغله "أندرو شير" زعيم حزب المحافظين، حيث خرج بعد ذلك الإعلان، محذراً الكنديين من أن هذا التحالف المزمع بين الليبراليين والديمقراطيون سيؤدي إلي أنفاق خارج عن السيطرة ، وضرائب ضخمة جديدة ، وعجز لا نهاية له ، وهي أمور ستكون نتيجتها - بحسب كلام شير- الحرمان من الإستثمارات وطرد ألاف الكنديين من العمل
ثالثاً: تلك التحالفات تحمل أسباب فشلها من داخلة، من سيحمل الحقائب والوزارات الهامة في تلك الحكومة الإئتلافية المزعومة؟، من سيشغل الأدوار القيادية؟
كيف سيتم تقسيمها؟، وأسئلة أخري كثيرة يصعب الإجابة والإتفاق عليها
رابعاً: الإعلان عن هذا التحالف أتي - حتي كتابة هذه السطور - من جانب واحد، أي من الحزب اليمقراطي الجديد، ولم يصدر عن الحزب الليبرالي أية قبول أو رفض، وفي أخر لقاء صحفي رفض "جاستن ترودو" الأجابة عن أسئلة تتعلق بهذا الأمر عدة مرات، ورفض إعطاء أية التزامات أو تعهدات بقبول أو رفض، بل أنتقد الديمقراطيون الجدد وأتهم أنهم يريدون تمزيق إتفاقية "نافتا".
كل ما نملكه هو قراءة الماضي والتاريخ ، والحاضر وأحداثه، لنتوقع ماذا سيحدث في الأيام القادمة. ورغم أنه لا أحد يستطيع التكهن بما سيحدث في المستقبل إلا أن القرائن قد تكون هي الأقرب للصواب، وأدراك أن أسباب فشل ذلك التحالف ربما أكثر من أسباب نجاحه.