A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دولا أندراوس تكتب: المرض

في الشرفة تجلس أمي وخالاتي كما تعودن في أمسيات الصيف الدافئة يتحدثن ويتضاحكن ويتبادلن في مرح هانئ ذكريات طفولتهن السعيدة. وأجلس أنا بينهن ..صغيرة وصامتة ..لا أفقه شيئا مما يقال ولا أعرف عمن يتحدثن ولكني أستمتع بدفء المحبة التي تغمرهن وأذخر أنا أيضا لنفسي مخزونا من الذكريات العبقة التي ينبعث أريجها كلما هبت عليّ نسمة من نسمات الصيف الدافئة.

وفجأة أجد أصواتهن وقد خفتت واختفت منها نبرة الابتهاج وحلت محلها همهمات الأسى والاستنكار عندما أتى ذكر فلانة التي أصابها المرض الخبيث. ولم أكن أعرف فلانة ولا أعرف ما هو المرض الخبيث.. ولكن يكتنف مشاعري حزن مبهم.. ويعرف القلب الطفل لأول مرة قبح المرض وبشاعته فألتفت نحو أمي أسألها:"كيف يأتي هذا المرض يا أماه ولمن؟״ فتجيب ببساطة عاجزة: "لا أحد يعلم يا صغيرتي ...إنها إرادة الله. وأتخيل الله: ضخما.. مهيبا يجلس علي عرش عظيم في السماء ويحرك الناس كقطع الشطرنج ويأمر فإذ بهذا يمرض وذاك يفلس وتلك تسقط في الامتحان. ويدهمني الحزن في منتصف الليل فيوقظني من عمق النوم ..وأقف أمام النافذة أخاطب الله وأقول له أني لو كنت مكانه لما سمحت للمرض أن يصيب فلانة ولا أي مخلوق.. وأهدده بأني لن أخاطبه ثانية ولن أصلي أبداً إن لم تشف فلانة. ولكن فلانة لا تشفى ورغم ذلك لا أكف عن الصلاة.

المرض تجربة مريرة.. قد تكون في بعض الأحيان صراعا مدي الحياة وفي أحيان أخري صراعا لأجل الحياة ..ولكننا نتعلم أن نتعايش معها وأن نتشبث برؤية جمال الحياة رغم المعاناة.

قالت لي سيدة أعرفها أصابها فيروس مجهول بشلل أقعدها عن الحركة لأعوام طوال:"في البداية كنت أشعر بالقنوط والمرار بل والرفض الشديد لإرادة الله وكنت أقضي الليالي محملقة في سقف غرفتي بينما تنهمر الدموع من عيني بلا توقف ولا أكف عن أن أتساءل لماذا أنا يارب.. لماذا أنا. وظللت أنتظر النهاية في كل لحظة وأظنها وشيكة الحدوث ولكن مرت الشهور والأعوام دون أن يحدث أي تغيير. حتي بدأت أشك في رحمة الله وأتهمه بالقسوة.. فقد كنت امرأة وحيدة لا زوج لي ولا أبناء ولم يكن لي من يعينني على مواجهة تلك المأساة. وذات يوم زارتني إحدى الجارات وأخبرتني عن فتاة مسكينة قدمت من صعيد مصر لتوها بعد أن استولى زوج أمها على شقتهم ثم طردها منها.. وهي الآن تبحث عن سكن واقترحت جارتي أن تسكن الفتاة معي وقالت:"نبقي ضربنا عصفورين بحجر واحد.. من جهة تجد البنت سكنا آمنا ومن جهة أخرى تقوم علي خدمتك". ووافقت علي الفور فقد كنت في أمس الحاجة لمن يرافقني ويؤنس وحدتي. ولم يكد يمر اليوم إلا وكانت الفتاة قد انتقلت للإقامة معي.. كانت صغيرة جدا وبسيطة جدا وجاهلة جدا وقد أحببتها حبا جما حالما وقعت عليها عيني فأخذت علي عاتقي مهمة تربيتها وتعليمها..وكنت أحنوعليها وأساعدها علي استذكار دروسها وكان قلبي يخفق بمشاعر الأمومة نحوها وأشعر بالفخر وأنا أبصرها تنمو أمام ناظري يوما بعد يوم.. وهي الآن متزوجة وتزورني بلا انقطاع مع زوجها وأبنائها. لا أستطيع أن أصف لك مدي السعادة التي أشعر بها وهم ملتفون حولي.. لقد أصبحت لي أسرة صغيرة رائعة تملأ عليّ حياتي.. بدأتها بعد أن ظننت أن كل شيء قد انتهى.