عبد المسيح يوسف يكتب: تركيا تُصدر الإرهاب إلي ليبيا لإنقاذ الأخوان
بقلم: عبد المسيح يوسف
تعتبر ليبيا الجارة والشقيقة الغربية لمصر، ذات أهمية قصوى للأمن القومي المصري، ولذا فكل ما يجري فيها يمس مباشرة أمن المصريين. وعلى ما يبدو فإنه لا يحلو لمحوري الشر: تركيا تحت رئاسة المحتل العثمانلي رجب طيب أردوغان، وقطر تلك الإمارةالشريرة، تحت إمارة الشاب غير الرشيد تميم بن حمد، والتي تكشفت فضائحها مؤخرا على المستوى الدولي ودعمها للإرهاب، وخسرت تأثير سلاحها الرهيب قناة الجزيرة، في دعم كل من محوري الشر في المنطقة لحكومة الوفاق الإسلامية الإخوانية بقيادة السراج.
يبدو أن تركيا لا تريد فقط من مذكرة التفاهم والتعاون الأمني مع حكومة السراج الإخوانية في طرابلس، تدعيم التعاون الأمني والعسكري، بل وترسيم الحدود البحرية، بما يمثل تحرشا بكل من مصر واليونان وقبرص، فيما يتعلق بقضايا الطاقة واستخراج الغاز الطبيعي من البحر المتوسط.
لا أحد ينسي، أن تركيا، تلك الدولة العلمانية المستنيرة، قبل أن يصل الحكم فيها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، خاصة في ظل أردوغان، تحولت لمحور شر يدعم الإرهاب والعنف الدموي، وأصبحت الداعم الرسمي لكل من إرهابي الدولة الإسلامية المعروفة مجازا باسم داعش وكذلك جماعة الإخوان المسلمين المصنفة بالإرهابية في الكثير من الدولة، بتمويل مع بنك الإرهاب الدولي، دويلة قطر.
أردوغان أصيب في مقتل عندما نجح المصريون الوطنيون في التخلص مع حكم الجماعة، الذين استمروا أكثر من 80 عاما يخدعون المصريين، بأنهم "بتوع ربنا"، وبعد أقل من 12 شهرا، فاض كيل المصريين بهم، وثاروا على حكمهم في ثورة يونية2013، التي أعادت للدولة والأمة المصرية كرامتها وإنسانيتها، من حكم جماعة دينية متطرفة، ميزت بين المصريين، وبين الرجال والنساء، وصنفت المصريين ما بين أعضاء الجماعة وبين من هم خارجها. كان أردوغان، يتصور بأنه بالسيطرة على مصر، جوهرة الشرق الأوسط، ورمانة ميزان المنطقة، سيسهل بالنسبة له وبالنسبة لمموله قطر، السيطرة على بقية الدول في المنطقة. لكن للمصريين كانت كلمة أخري، كلمة الكرامة والعزة بعيدا عن عنصرية الجماعات الإرهابية المتطرفة.
من أن نجح الشعب والمصري وبدعم من قواتها المسلحة الوطنية، في استرداد مصر من حكم جماعة ارهابية وتنظيم دولي لهذه الجماعة الإرهابية، وتركيا تحت رئاسة أردوغان لا تكف عن الإعلان عن كرهها لنظام الحكم الوطني في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي أنقذ مصر من مصير مجهول تحت حكم الإخوان.
حاول أردوغان في محاصرة مصر من الجنوب عن طريق السودان، عبر اتفاقه العسكري والأمني مع الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في السودان واستئجار إحدى الجزر هناك، وتأسيس قاعدة عسكرية تركية فيها، بعد تطوير وتنمية الجزيرة، بتمويل من بنك الإرهاب الدولي قطر. ولكن باءت خططه بالفشل وسقط البشير، الذي كان عرابا للجماعات والزعامات الإرهابية لجماعات الإسلام السياسي، والتي كثيرا ما استخدمت أراضي السودان الشقيقة، كمعسكرات للتدريب وإعداد العمليات الإرهابية.
والآن يحاول أردوغان دعم حكومة الوفاق الإخوانية في ليبيا، لمحاصرة مصر من الغرب، وهو يعمل جيدا أن ليبيا لم تكن أبدا من الشركاء أو الحلفاء التقليديين لأنقرة. ولكن جنون العظمة، والحيرة في كيفية مواجهة الحركة المصرية النشيطة على المستوى الإقليمي، وخاصة بعد الإنجازات، التي حققتها مصر مع قبرص واليونان في مجال الطاقة، والغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
حاول أردوغان أن يفرض نفسه بزيارة تونس، واعطاء ايحاءات بأن تركيا ستقود حلفا جديدا في المنطقة، لمحاصرة مصر، يتشكل من حكومة الوفاق الإخوانية في ليبيا، التي تسيطر علي مناطق بسيطة من ليبيا الشاسعة، وبعدها بزيارة تونس ولقاء الرئيس قيس سعيد، والذي أعلنها صراحة أن تونس دولة حرة ذات سيادة وطنية ولا تدخل في تحالفات مع أحد، ولا تقبل أن يضع جندي أجني قدمه علي تراب تونس الخضراء، في إشارة مؤكدة لاستياء ورفضه من محاولات الإعلام التركي والقطري، الإيحاء بأن زيارة أردوغان لتونس نجحت في ضم تونس إلي اتفاق أنقرة مع حكومة السراج الإخوانية في مصر.
مصر تدرك جيدا أهمية ليبيا، وتأثيرها على الأمن القومي المصري، ولذا فمن الطبيعي أن تدعم قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر. كما تنسق مصر مع روسيا بقيادة بوتين، لرفض اي تدخل أجنبي، خاصة بعد أن أعلن أردوغان أن مستعدة لنقل قوات تركية إلى طرابلس لدعم حكومة السراج الإخوانية.
هذا وكما سرقت تركيا البترول بدعم من تنظيم داعش الإرهابي، فإنها تسعي لوضع يدها على موارد الطاقة الليبية، خاصة وأن تركيا تستورد 99% من استهلاكها من الغاز الطبيعي، كما تستورد 93% من استهلاك النفط. وبلغت الواردات التركية من الطاقة عام 2018 حوالي 42 مليار دولار، متوقع لها أن تزيد إلى45 مليارا بنهاية عام 2019. وتستورد تركيا الغاز والبترول من إيران والجزائر وتونس وروسيا.
ليبيا، منذ حكم العقيد معمر القذافي، وهي مطمعا للقوى الغربية، وكانت فرنسا تحت حكم نيكولا ساركوزي أحد أسباب الحرب الدولية علي القذافي وسيطرة الجماعات الإرهابية على دولة طالما تمتعت بالتنمية والاستقرار، حتى لو كانت تحت حكم استبدادي سياسيا من قبل القذافي وأبنائه. ولا يختلف الحال حاليا بالنسبة للقوى الغربية، فالولايات المتحدة لا تريد أن تسيطر روسيا علىمجريات الأمور والعمليات، حيث سبق وأن اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية، موسكو بأن لها قوات مرتزقة تدعم قوات الجيش الوطني الليبي للفريق حفتر، ومن هذه القوات قوات منظمة فاجنر المسلحة الروسية. في الوقت الذي أشار فيه تقرير لخبراء من الأمم المتحدة، إلى أن تركيا أرسلت بالفعل إمدادات عسكرية إلى ليبيا، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه المنظمة الدولية ذاتها.
ويأتي هذا مع اعتراف واشنطن بحكومة السراج الإخوانية مع الأمم المتحدة منذ عام 2015، ولا يخفي على أحد أن الإدارة الأمريكية تحت حكم أوباما وهيلاري كانا أكبر داعمين للحركات الإسلامية، التي هجمت وقفزت على الثورات العربية، واغتصب نظم الحكم من الشعوب، ولذا فمن الطبيعي أن تعترف الإدارة الأمريكية بحكومة إخوانية في ليبيا اتساقا مع مخططها الفوضوي في المنطقة لإعادة تركيب المنطقة كما يحلو لها، حسب تصورها الفاشل أيام أوباما.
إلا أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب أعلنت أن الاتفاق الأمني والبحري بين تركيا وحكومة السراج مستفز وغير مفيد ومثير للقلق وعدم الاستقرار في منطقة البحر المتوسط. كما عبر روسيا عن استياءها من الاتفاق التركي مع حكومة السراج واعتبرته خطوة مثيرة للقلق في منطقة يبحث العالم لها عن الاستقرار.
كما أن اتفاق تركيا مع حكومة السراح أثار حفيظة السلطات الأمنية في الجزائر، بعد استياء تونس من الزيارة المفاجئة لأردوغان لتونس، خاصة وأن تركيا بدأت في تأسيس مكاتب لنقل إرهابي داعش من سوريا إلى ليبيا عبر مطار اسطنبول لقاء حصولهم على أموال ضخمة.
وقام وزير خارجية اليونان بزيارة لبنغازي في تأكيد صريح بأن اليونان والاتحاد الأوربي سيكون له كلمة في دعم قوات الجيش الوطني الليبي للفريق حفتر، في الوقت الذي تقدمت فيه قوات الجيش الوطني الليبي وسيطرت على جزء كبير من طرابلس العاصمة. وطالبت اليونان المجتمع الدولي بإدانة دولية للاتفاق سيئ السمعة بين تركيا وحكومة السراج، كما قامت أثينا بطرد السفير الليبي من اليونان لأنه يمثل حكومة السراج، وكانت نقطة التحول الكبيرة في رفض البرلمان الليبي للاتفاق، والدعوة إلىسحب الاعتراف الدولي من حكومة السراج الإخوانية.