مينا ماهر يكتب: دردشة... بالعربي الفصيح ،، ”كيف وصلت البهائم للعرش؟”
بقلم: مينا ماهر
مقدمة عامة:
طالما تساءلت: هل يا ترى سأستطيع أن أدردش باللغة العربية الفصحى مثلما دردشت بالعامية المصرية في الماضي؟! بصراحة... لم أفكر في الامر طويلاً واتكلت على الله، تاركاً الحكم لك عزيزي القارئ، متعشماً فيك الشفقة ورحابة الصدر. فهلم نعبر تلك التجربة الشيقة، سالكين معاً برشاقة فنون الأدب؛ فلا عيب أبداً في الأدب، بل في قلته! ونحن سنلزم حدود الأدب حتى وان كنا في ذروة النعت.
فأنا أغوى اُسلوب الدردشة وأقدِّر طريقة السهل الممتنع. بل وأؤمن ان الدردشة ليس لها لغة ما او لهجة معينة طالما كانت قادرة ان تصل الى القلب وليست بثرثرة فارغة! ولذا قررت ان ادعو خانتي في الجريدة "دردشة...بالعربي الفصيح!" واليوم، عزيزي القارئ...
اود ان أدردش معك في:
"كيف وصلت البهائم للعرش؟"
حين خلد الطفل الى فراشه...جلس بجواره والده ليحكي له حدوتة قبل النوم...من وحي خياله الخاص!
فروى الاب لابنه هذه القصة:
- تكتظ الغابة بالعديد من الحيوانات وكانت الأسود بالطبع هم الفئة الحاكمة، تصارع على حكم الغابة في القدم فئات أخرى من الحيوانات، نمور وضباع وذئاب ونسور وتماسيح... وأيضاً ماشية! ولكن كانت الاسود هي محتكرة العرش الوحيدة... وباكتساح!
اما بالنسبة لبقية الحيوانات من قرود وفيلة وغزلان...الخ. فهم حيوانات أليفة بسيطة يودون العيش بسلام في وسط غابة موحشة... فيرضون بقليلهم، وبدلاً من التنعم بالحياة... هم فقط يرغبون في البقاء على قيدها!
على النقيض...الماشية... من ثيران وجاموس وخنازير وبهائم اخرى... كانوا ينظرون لأنفسهم وكأنهم في المكان الخطأ... فهم ليسم من الغابة... بل بالحري هم حيوانات مزارع وزرائب! وكانوا يحاربون بروح واحدة للوصول الى حكم الغابة كغيرهم... مع الفارق أن ظاهر الأمور قد توحي لبقية الحيوانات المسكينة انهم ينهجون لنهضة الغابة بالرغم من انهم معروفون ايضاً بقوة البطش والنطح الأهوج دون تفكير... وقد يكلفون الآخرين أرواحهم ايضاً.
وحدث في يوم اغبر ان بركاناً خامداً قد انفجر في الادغال...فاختلط الحابل بالنابل... فحوصرت الأسود في عرينها بالنيران واللاڤا... فاستغلت الماشية الموقف فبدأت بنطح الفئات الاخرى المتصارعة على العرش... وساعدتها الحيوانات الاليفة الأخرى ظناً منها ان البهائم غير مفترسين وسيحققون السلام المطلوب للجميع... ولكن على العكس، فما ان وصلوا إلى عرش...حتى قاموا بتسوير الغابة ليحولوها إلى مزرعة... فبدأت الحيوانات بالتذمر لهذا التقييد الواضح للحرية! كما قامت البهائم بعدها بتصنيف الحيوانات كحيوانات مزارع وحيوانات غابة وبدأت بغباء في التفرقة وإشعال الفتنة "الحيوانية" بينهم... ويمر وقت بسيط... أُخمدت فيه نيران البركان... فعادت الأسود طليقة وهجمت على الماشية وهدمت الاسوار ورجعت للحكم...وعادت الامور أدراجها كما كانت غابة موحشة...وإلى الآن لا يزال هناك سؤال محير: "كيف وصلت البهائم إلى العرش بجهلها الواضح؟"
رد الابن ببساطة وبتعجب:
- ماذا تقصد يا ابي؟
- كان من المتوقع ان يفوز بعرش الغابة احدى فئات الحيوانات المفترسة الأخرى بحكم خبرتهم الطويلة في السيطرة والشدة...وليس البهائم الغبية!!
- اختلف معك يا ابي... لأن هذه الفئات المفترسة كان هدفها حكم الغابة فقط لا غير و لذلك فشلوا...اما البهائم، فالعرش بالنسبة لهم كان مجرد وسيلة ليس إلا الى هدف اسمى -من وجهة نظرهم- وهو المزرعة!...ولإن الخبرة حكم الغابة كانت تنقصهم ففشلوا بدورهم!...في رأيي... الوصول إلى الحكم لا ينبغي ان يكون هدفاً في حد ذاته... بل وسيلة لحياة جليلة... ويا حبذا اذا وجدت الخبرة!
انبهر الاب لفطنة ابنه وقال له خاتماً حكايته مثنياً على تعليقه الناصج:
- فلتصبح على خير يا بني ولينجيك الله من سياسة الغاب وحكم البهائم!!!