مينا ماهر يكتب : دردشة بالعربي الفصيح ” يا دي الخيبة”
بقلم: مينا ماهر
قامت جماعة إرهابية بسطو مسلح على أحد المناطق، وهربوا بحافلتهم بعيداً؛ بعد عشر دقائق من الحادث، ظهرت سيارات الشرطة خلف الحافلة المشبوهة لتبدأ مطاردة شيقة كالأفلام الأمريكية، ولكن ببصمة مصرية!
بعد موجة عارمة من الكر والفر، فقدت سيارات الشرطة أثر الحافلةتماماً، إلى أن جاءت إشارة سريعة من مصدر ما أنه تم العثورعلى الحافلة أمام هرم خوفو...فأسرعت القوات إلى الاهراماتوأحاطوا بالحافلة الخالية (طبعاً)!
وصل اللواء "عبد القوي معيوب"، الذي لم يتوانى عن طرح كم هائل من الأسئلة على الضابط المسئول:
-هربوا منكم يا فالحين؟ طب مسحتوا المنطقة برضه ولا كنت مستنيينّي لحد ما أوصل؟!...ما انتم محتاجين عزومة!
أجاب الضابط بثقة:
- تمام معاليك...المنطقة كلها اتمسحت...وما لاقيناشحاجة...وطالما عربيتهم هنا...يبقى هم أكيد مش بعيد؟
- مش بعيد يعني فين؟
صمت الضابط لبرهة ثم قال:
- جوة الهرم يا فندم!
تجهم وجه اللواء ثم قال:
- جوة الهرم؟! انت شكلك حتودينا في داهية!
رد الضابط:
- لا داهية ولا حاجة...إحنا نفضل محاوطين الهرم...هم حايروحوا فين يعني؟! ما لازم حايطلعوا...
- طب يا فالح ولما يطلعوا، تفتكر حايوزعوا علينا شوكولاتة وبونبوني ولا حيفتحوا علينا النار؟
- يا فندم إحنا جاهزين تمام التمام!
صرخ فيه اللواء معيوب:
- جاهزين إيه و زفت إيه؟.. وزارة الآثار لازم تاخد خبر...الموضوع أكبر مما تتخيل يا حضرة الظابط!
وعنها...تم إخطار وزارة الآثار فأرسلت خبير إلى الموقع، وما إنوصل حتى ابتدأ يحذر من استخدام السلاح لفض الحصار!
فقال له اللواء:
- يعني إيه يا أستاذ؟!...يعني ناخدهم بالحضن؟!
- لا يا سعادة اللواء...اضرب نار زي ما انت عايز...بس ماتنشنش ع الهرم....
- مفهوم مفهوم...عشان دي آثار يعني وكدة؟
- لا سعادتك...عشان لعنة الفراعنة!!!
- لعنة فراعنة إيه يا أستاذ؟...إيه التخريف دا؟!...باقولك إرهابيينتقوللي لعنة وكلام فاضي!
سكت الخبير ثم أدار وجهه وأشار إلى أبو الهول و استطرد:
- بص يا سعادة اللواء ...فين مناخير أبو الهول؟
- حلوة دي...وأنا ايش عرفني!؟
- نابليون بونابرت اتلحس في عقله وضربها...اللعنة صابته...فاتهزم!
ارتعب اللواء وقال:
- اتهزم!! لا يا عم...الطيب احسن...
ثم التفت إلى قواته وقال:
- اسمع منك له...لو السما اتطربقت على الأرض...مفيش رصاصة تلمس الهرم...واللى يخالف حيتحول للتحقيق!
ظلت القوات محاصرة للهرم في حالة ذعر...
وعند الغروب...سمع طلق ناري...وإذ بأحد العساكر قد أصيب قرب قلبه...فهلع اليه اللواء قائلاً:
- تماسك يا بطل...عرفت اللي ضربك مستخبي فين؟
نظر العسكري إلى أحد الهرمين الأخريين ثم مات. اكتأب اللواء جداً وأمر بتحويل الحصار إلى الهرم الذي نظر نحوه القتيل، فقال له الضابط:
- سيادتك متأكد أن اللي ضربه مستخبي في الهرم التاني دا؟
- والله لما سألته بص ناحية الهرم دا ومات!!
- طب يا فندم أنا باقترح اننا نزود القوات بدل ما نحولها...وزيادة الهرم هرمين!
فتم طلب قوات أكثر ولكن بلا جدوى!
وما أن حل الظلام، حتى تعثرت الرؤيا تماماً؛ وفجأة انهال الرصاص على العساكر وقتل منهم الكثير...فأمر اللواء بطلب كشافات ضوئية ضخمة!
وبعد ما اضيء المكان...ارتاح الجميع نفسياً ظناً منهم أن الإرهابيين لن يهجموا وسط هذه الإضاءة الشديدة...
بعدها قام معيوب بتوزيع القوات المتبقية حول الهرمين، فناقشه الضابط:
- يا فندم إحنا محتاجين قوات اكتر...كدة مش حاينفع...وأنا رأييكمان نأمن الهرم التالت!
فقال اللواء بانفعال:
- خلاص بقى... نسيب بقى الحدود والجبهة ونركز هنا مع شوية رعاع عايزين يبوظوا البلد!
- هدي نفسك يا فندم...إحنا مش عارفين الضرب بييجي من انهي هرم في التلاتة...يبقى إيه الحل؟
صمت اللواء وأدار وجهه!
وكما هو متوقع...لم توقف الإضاءة الإرهابيين عن القتال...فقتلوامن العساكر المتبقية العديد...بينما لايزال المصدر غير معروف...
فتقدم الضابط للواء وقال:
- أوامر سعادتك؟
بعد ٣٠ ثانية من الصمت والتفكير، قال اللواء:
- إحنا نهد الأهرامات على اللي فيها!
وبعد كم من الاتصالات والروتين تم إصدار قرار جمهوري بإزالة الأهرامات...وبالطبع ذيع الخبر بين وكالات الانباء والصحف والفيسبوك... وقوبل بالنقد من الناس وازدادت البلبلة!
وفي صباح اليوم الثاني، انطلقت معدات الهدم الثقيلة تجاهالأهرامات للتنفيذ...
فخرجت مظاهرات في الميادين ضد هذا الفعل المشين...وبدأ النقد الدولي والتنديد من الدول الأجنبية العظمى... وقامت الشرطة بغلق جميع المنافذ إلى الأهرامات حتى تنتهي عملية الهدم!
وبعد ست ساعات من الانتظار والتوتر...بدأت تظهر في الأفق معدات الهدم وهي عائدة ويسبقها عربات الشرطة وعربة اللواءتتصدرهم...
فاستوففتهم الحشود الغفيرة بالشتائم والقذف وكل أنواعالإهانات...
فخرج اللواء من عربته وصرخ في الجميع قائلاً:
- اسمعوا يا شعب...لازم تعرفوا حاجة مهمة...إحنا مش بس فشلنا اننا نبني الهرم اللى اتبنى من آلاف السنين...دا إحنا برضه فشلنا اننا نهده!
اختلط على الناس الأمر فلم يدركوا ما إذا كان هذا الخبر يسعدهم أم يبكيهم.. وانفض الزحام وعاد كل إدراجه إلى منزله..وكأن شيئا لم يحدث... وإلى الآن لم يُعرف اين اختبأ الإرهابيون