مينا ماهر يكتب: هل COVID-19 شر من الله؟! (1)
بقلم: مينا ماهر
قرأنا في مراثي ارميا ٣٨:٣: "من فم العلي الا تخرج الشرور والخير" ، وكأن الله، مصدر الخير، هو أيضاً مصدر الشرور! ولكننا نعلم بحكم معرفتنا لله اليوم، أن المقصود بالآية ان كل شيء على وجه الأرض يحدث تحت تدبير الله ضابط الكل!
فهناك فرق كبير بين أب يرى ابنه يلهو بأشياء قد نهاه عنها، بلا جدوى، فيتركه لحرية إرادته ليتعلم الدرس، وبين أب يضع تلك الأشياء في طريق ابنه عمداً ليوقعه في شر أعماله... فالله يسمح بالتجارب، ولكنه لا "يغوي" أحداً.
واليوم البشرية تئن ألماً من ڤيروس مجهري، ومعظمنا ينسب هذا الشر لله! لا ريب ان الڤيروس قد انتشر بمشيئة الله (لحكمة ما)، ولكنه حتماً لم يكن من صنع الله... وان كان وجوده (أم عدمه) لايزال جزء من خطة الله لخلاص الجميع! راجع سفر أيوب الإصحاح الأول لتتعرف على ما يحدث بالفعل وراء الستار، ومن هو أصل كل لشرور العالم!
ورغم اننا نتهم الله بفعل كل الكوارث الطبيعية من حولنا، الا أنني التمس العذر للجميع! فمن قراءتنا للعهد القديم قد نتصور الله غاضباً على الدوام! ولذا أرى انه من الضروري في هذه الأيام أن نصحح مفاهيمنا ونبدل فكرنا تجاه الله.
وتحضرني في هذه المناسبة أربعة حوادث من الكتاب المقدس، ومن العهد القديم بالتحديد، تجزم بأن الله غضوب، بل وجالب لكل الشرور! ولربما قد خمنت ما هي تلك الحوادث:
١) الطوفان
٢) سدوم و عمورة
٣) الضربات العشر
٤) أريحا
لا شك أن هؤلاء الأربعة هم من أكثر الأحداث ترويعاً في الكتاب المقدس، بل وأخطرهم صدًى على مسامع الجيل الثاني في المهجر، حيث تعتبر المثالية و حقوق الانسان منهج الفكر المتطور الحالي! وهذه الحوادث قد تشكل حاجزاً كبيراً بيننا وبين الله؛ ولكني اود اليوم - وايضاً في الأعداد القادمة - أن أثبت لكم انها لا تتنافى على الإطلاق مع الاتجاه العالمي الحالي! فسنخوض سوياً دراسة مبسطة في كل من تلك الأحداث آملين ان نسمو بوجهة نظرنا إلى ما هو أفضل!
المشكلة تكمن في اننا قد نختزل الحدث من السياق؛ وقد نفهم النصوص دون الإمعان في الازمنة ولغة العصور! فالفكرة هنا تتلخص في قراءة المكتوب في ظل ظروف العصرالتي كتب فيها، وأيضاً الإلمام الكامل بسياق ما هو مكتوب.
دعونا أولاً ان نتفق ان هذه الحوادث قد كتبت في زمن لم تكن فيه الحروب حلولاً صعبة، والقوة كانت هي سمة العصر آنذاك! فها نحن نرى موسى وشعبه – على سبيل المثال - وهم في طريقهم إلى أرض الميعاد، يرغبون ان يجتازوا عبر بلدة تدعى أدوم؛ فأرسلوا رسلاً لملك أدوم لاستئذانه في العبور دون أن يتعرضوا لأحد أو لشيء؛ فما كان من الملك إلا أن رفض، فسلك شعب إسرائيل طريقاً آخراً (العدد: ٢٠ : ١٤ -٢١)! أما في العدد: ٢١ : ٢١ - ٢٤ فقد تكرر نفس الحدث لكن مع ملك الاموريين، ولكن ذاك ما لبث أن أسرع لقتالهم دون سابق إنذار! فهي بالفعل كانت ثقافة موحشة وقتذاك، ومع هذا فنحن نتحدث عن حقبة موسى وهي تعتبر أكثر تقدماً ورقياً من أيام نوح وابراهيم!
لضيق الوقت والمساحة سأكتفي بهذه المقدمة في عدد هذا الأسبوع؛ لكن انتظروني في العدد القادم حيث سنكمل معاً مناقشة كل من تلك الحوادث أعلاه، آملين ان نتعرف على حقيقة طبيعة الله ضابط الكل، فلا يعثرنا وباء ولا تهزنا أفات.