زينب علي البحراني تكتب : لماذا نكره الخير لبعضنا ؟
بقلم: زينب علي البحراني
ساعد الناس في حُدود استطاعتك كي يُرسل لك ربك من يُساعدك حين تحتاج، ساعد الناس ولو بالقليل من علمك ومعرفتك وصحتك وطاقتك كي يعود لك الخير الذي قدمته ونسيته في يوم تحتاج فيه مُساعدة نفسك ولا تستطيع، وإن لم تُساعدهم فلا أقل من أن تكف أذاك عنهم كي يتمكنوا من مُساعدة أنفسهم بمجهودهم، ولا تُلقِ الشوك في طريقهم لتُبدد آمالهم.
كم من انسانٍ بريء كان طموحه يُغذّي رغبته بالحياة ويملأ أيامها بالشغف، وإذا بنفسٍ أنانية لئيمة تسعى سعيًا دؤوبا لتدمير كل فرصة ممكنة من فرص نجاحه دون أسباب واضحة غير الغل والحسد والانزعاج من رؤية الآخرين على مقعد من مقاعد الخير أو التفوق، فينطفئ الإنسان البريء ذو الطموح مدهوسًا بعجلات الاكتئاب وانعدام الشعور بجدوى الحياة، ويجد نفسه تواقًا للموت راغبًا في الانتحار ما دامت حياته دون نتيجة مهما اجتهد!
يسمعون عن شخصٍ تقدّم لوظيفة؛ فيسعون لخطفها منه بإرسال غيره أو الإيعاز لجهة العمل بعدم جدارته كي لا يحظى بها، ويسمعون عن زميل تُفكر جهة العمل بترقيته؛ فيحوكون الدسائس تلو الدسائس لحرمانه من الترقية، ويسمعون أن فلان ينوي استئجار شقة يملكها فلان فيحاصرون الراغب في الاستئجار بالإغراءات للاستيلاء عليه وتأجيره شقتهم، ويسمعون أن فلان تقدم لخطبة فلانة فيُسارعون لصرف نظره عنها وتزويجه امرأة غيرها، ويسمعون أن الجهة الفلانية ستشتري بضاعة فلان بأجرٍ طيب؛ فيخربون عليه بمخططاتهم كي تتجنب تلك الجهة التعامل معه، فيشعر كل أولئك المظلومين المحاربين في أرزاقهم أن من يُحاربهم أرواح غير مرئية، دون أن يعلموا أن الخيانة جاءت ممن قد لا يتوقعونهم!
"الحسود لا يسود"، مقولةٌ حكيمة تُشير بين طيَّات معناها أن من يكره الخير للآخرين لا يُحيط الخير بحياته، ومن يسلب فرصة من غيره ستُسلب منه فُرص أُخرى لا يعلم عنها شيئًا، فالعاقبة الأخلاقية للحياة لا ترحم، وهي قانون كوني أصيل لا يعرف المُحاباة أو الوساطات والرشاوى.
في بلدان المهجر تتجلى تلك التصرفات اللئيمة بصورة أكثر وضوحًا، وترى بعض الناطقين باللغة العربية يقطعون السُبُل على كل قادم من بلدانهم أو بلدان مجاورة لبلدانهم، فإذا سألهم سؤالاً يتجنبون الرد بفظاظة أو يعمدون إلى تضليله بمعلومات خاطئة، وإذا حاول إيجاد مسكن في مكان إقامتهم منعوه بما يستطيعون، وإذا رأوه يُقدم طلبًا في مكان عملهم اخترعوا عنه تاريخًا حافلاً بالسواد والفساد كي لا يتم قبوله، والشكر لله أن في عالمنا أشخاصًا طيبين لا يتأخرون عن مُساعدة المُحتاجين رغم ما فيه من بُخلاء لؤماء؛ وإلا فسَدت الأرض.
صحيح أن هناك بعض الكُسالى الذين يتوقعون من غيرهم فعل كل شيء لهم والاستمتاع بالنتائج جاهزة، وصحيح أن هناك بعض الاتكاليين الذين يُلقون بثقلهم كاملاً على الآخر دون اعتماد على النفس، لكن هناك بشرٌ كرماء حقًا تسوقهم حاجاتٌ نادرة مؤقتة قد يقع في مثلها أي انسان، ولا ينسون فضل الآخر، ويردون الجميل بمثله وأكثر.