عبد المسيح يوسف يكتب: التحالفات الجديدة بالشرق الأوسط في مواجهة الجماعات الإرهابية
بقلم: عبد المسيح يوسف
ألقت الأجهزة الأمنية المصرية القبض علي محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة المصنفة إرهابية في مصر وعدد من الدول العربية. وعزت، الذي خلال السنوات الماضية، انتشرت شائعات عديدة حول هروبه خارج مصر، وتحديدا لجوئه إلي إقليم غزة ليهرب هناك، من الأحكام القضائية ضده بالإعدام والسجن لمدد تزيد على العشرين عاما في العديد من القضايا. تم القبض عليه في التجمع الخامس شرق القاهرة.
وكشف تحريات الأمن الوطني المصري، وبيان وزارة الداخلية، أن الإرهابي محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، لم يخرج خارج مصر، وكان طوال الوقت بالداخل، لكن الجماعة حاولت تشديد انتباه الأجهزة الأمنية باطلاق شائعات هروبه خارج مصر.
وتتوفر لدي محمود عزت معلومات قيمة، إذا نجحت أجهزة الأمن الوطني المصري لي استخراجها منه، حيث أنه كان حلقة الوصل بين الإخوان المسلمين في الداخلي، والتنظيم الدولي للجماعة الإرهابية، فضلا عن الفصائل والحركات المسلحة المنتمية تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن الخلايا النائمة، والجماعات الخفية، التي توفر التمويلات اللازمة للجماعة، المهددة للأمن القومي واستقرار المجتمع المصري.
هناك معلومات غير مؤكدة أن أجهزة الاستخبارات التركية، هي التي سربت المعلومات لنظيرتها المصرية، في بادرة اثبات حسن النوايا، خاصة وأن تركيا تعد الحليف الرسمي مع قطر للجماعة الإرهابية في الشرق الأوسط والوطن العربي.
وتفاصيل الشائعات تقول أن تركيا لا تريد مواجهة مصر عسكريا علي الأراضي الليبية، بعد أن أكد الرئيس السيسي قراره الشجاع، بالتدخل العسكري المباشر، بناء علي طلب البرلمان والشعب والقبائل الليبية، إذا تجاوزت ميليشات حكومة الوفاق لجماعة الإخوان المسلمين في طرابلس "ليبيا" الخط الأحمر، الذي حدده الرئيس السيسي، والمعروف بخط الجفرة سرت.
المخاوف التركية كانت نابعة من حقائق مفادها ليست القوى العسكرية الشاملة للقوات المسلحة المصرية، ولكن موقف كل من فرنسا واليونان وقبرص وإيطاليا المؤيد للموقف المصري، والمعارض للتدخل السافر من قبل تركيا في شؤون ليبيا، المهمة لهذه الدول ولمصر. ومن ثم فإن رهان تركيا علي مساندة ودعم حلف شمال الأطلنطي الناتو، أصبحت سرابا في الصحراء، لأن الناتو لن يتحرك لدعم تركيا في ظل انتقادات حادة وصريحة من قبل فرنسا واليونان وقبرص للتدخل التركي في ليبيا.
يضاف إلي ذلك الدعم السعودي والإماراتي اللامحدود للموقف المصري وقرارات الرئيس السيسي. مما جعل تركيا بعد قرار الحكومة الإماراتية الجرئ والشجاع لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، قيام تركيا بتوجيه انتقادات حادة للإمارات، وتوجيه منابر الإخوان التليفزيونية في اسطنبول وأنقرة لتوجيه انتقادات حادة لأبو ظبي، علي الرغم من أن تركيا كانت من أولي الدول التي طبعت علاقاتها هي وقطر مع إسرائيل.
يضاف إلي هذا تحقيق قوات المشير خليفة حفتر لتقدم كبير علي الجبهات المختلفة، مما مثل تهديدا للتواجد التركي وحكومة السراج الإخوانية، وبدء تداول أقاويل حول عزل السراج وتعيين رئيس وزراء جديد موالي لتركيا وقطر، وفي الغالب سيكون مسؤول الداخلية باشا أغا. وتأتي هذه التطورات بعد أن أعلنت حكومة الوفاق الإخوانية ومعها تركيا القبول بحل وقت إطلاق النار، واللجوء لطرق التفاوض السلمية.
إلا أن قبول مثل هذه الشائعات القائلة بأن تركيا هي من مدت القاهرة بالمعلومات للقبض علي القائم بأعمال أكبر جماعة إرهابية في الوطن العربي والشرق الأوسط، والتي خرج من تحت عباءتها غالبية أن لم تكن كل جماعات الإرهاب الديني المتأسلمة، بسبب أفكارها الإرهابية المغروسة في عقول ملايين الشباب في الوطن العربي والشرق الأوسط، لا يمكن الاستخفاف بها، خاصة وأن في عالم السياسية، المصالح تتصالح، ويبدو أن هناك تحالفات جديدة تتشكل في المنطقة العربية.
أهم ملامح هذه التحالفات، اطلاق محور القاهرة الرياض أبو ظبي، بعد أن كان قديما القاهرة الرياض دمشق، وذلك لأن سورية العزيزة منشغلة حاليا بالقضاء علي بقية الجماعات الإرهابية المسلحة علي أراضيها والمدعومة عسكريا من تركيا وماليا من قطر.
ويضاف إلي هذا المحور الاستراتيجي، بروز محور جديدة يضاف إليه إسرائيل، بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، وحديث وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو عن دولة عربية أخري، غالبا السودان، ستعلن قريبا عن التطبيع مع تل أبيب. وهذا يؤكد المعلومات المتداولة من أن بقية دول الخليج من مصلحتها تطوير العلاقات مع تل أبيب، وتأسيس تحالف جديد يكون رادع استراتيجيللتواجد والتهديدات الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي من ناحية، ولمواجهة الحركات الإرهابية المسلحة، التي تهدد استقرار الأسر الحاكمة والنظم السياسية في الدول العربية، خاصة القريبة من عملية السلام في الشرق الأوسط. وبالطبع تعد إسرائيل حليفا استراتيجيا مهما ومحوريا، ومن ورائها الدعم العضوي الاستراتيجي الأمريكي، الذي برز في سحب الرئيس دونالد ترامب لأي دعم لإسطنبول، وهو أحد الأسباب المهمة لانهيار الاقتصاد التركي، والليرة، فضلا عن مغامرات رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان غير المحسوبة للحصول علي حصص من موارد الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط.
الأداء المصري في مختلف الدوائر حتي الآن، مرضي للغاية ويحقق الأهداف المرجوة منها، ويبقي ملف سد النهضة، التي تعد وسائل الإعلام من وقت لآخر تحديات وعقبات، ولكن الإدارة المصرية والرئيس السيسي، حسب ما هو معلن فهي تحترم قواعد القانون الدولي والدبلوماسية الدولية في التعامل مع الأزمة الخاصة بمفاوضات سد النهضة وتعنت إثيوبيا، في ظل تصريحات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والدول العربي بالحفاظ علي حقوق مصر فيما يتعلق بالأمن القومي المائي لمصر والسودان، وهو ما يكشف تعنت أديس أبابا في المفاوضات، بما يخالف قواعد القانون الدولي. ولكن يبقي السؤال، هل ستعلن وسائل الإعلام قريبا عن نتائج مغايرة لخط سير المفاوضات المعرقلة، بفعل تحركات غير معلنة لأجهزة الاستخبارات والأمن القومي للعديد من الدول في هذا الملف بما يحافظ علي حقوق مصر في هذا الملف، الذي تعتبره مصر مسألة حياة أو موت، لا مجال فيها للتنازل عن نقطة مياه واحدة