عبد المسيح يوسف يكتب : ”من يحاسب كوفيد”: الصراع على لقاح الحياة بين الدول الغربية
بقلم: عبد المسيح يوسف
لا تندهش وأنت تري الدول الغربية تتصارع ولا تتعاون من أجل الحصول علي اللقاح الخاص بأي من الشركات، وخاصة فايزر وموديرنا وأسترا زينكا. نعم هو صراع يحصل لحد المباراة الصفرية، من يحقق أي مكسب يعتبر خسارة فادحة للآخرين. فكل دولة، أو بالأحرى، كل رئيس دولة أو رئيس حكومة يريد أن يحصل علي نصيب الأسد من جرعات التطعيم الخاصة بالشركة، التي تحمل جنسية بلده الأم.
في بريطانيا بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا يهدد شركة استرا بأن تخصص نصيب الأسد للبريطانيين والمقيمين في بريطانيا بعدها يأتي من يأتي. وأدي هذا الأمر إلي غضب كبار متخذي القرار في الاتحاد الأوربي، الذين ينتظرون حصصهم من اللقاح، لكنها متأخرة ولا تصل. لدرجة جعلت أحد مسؤولي الاتحاد الأوربي أن هذا السلوك غير محمود وأنه لا يعبر عن رشادة لأننا لسنا في سوق أمام محل من يصل أولا يحصل على الخدمة. إنها الصحة العامة للمجتمع العالمي.
أتعتقد أن تصريحات مسؤولي الاتحاد الأوربي مست شعرة واحدة من عند بوريس جونسون، بالتأكيد لا، فهو لا يبالي إلا بشعبه، وناخبيه، الذين في يديهم بقاءه في كرسي السلطة لأطول فترة، وهي فترة محورية يمكن من خلالهم أن يزيد المسؤولون السياسيين من أسهم حلال اقتراب مناسبات الانتخابات.
لا يختلف الحال بالنسبة لجوزيف بايدن، الذي تحدث كثيرا، ولم نر نتائج على أرض الواقع، إلا أن تصريحاته بأن أول 100 يوم من رئاسته، ستشهد تطعيم 100 مليون أمريكي، وهذا ما جعل هناك نقص حاد في توريدات فايرز من لقاحها الشهير في الأسواق العالمية، رغم الاتفاقيات المبرمة بين حكومات الدول وشركة فايزر، وخاصة الدول الغربية، ومنها كندا نفسها، الأخ الشقيق والجار الاستراتيجي للولايات المتحدة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالصحة العامة للمجتمع الوطني، "فيلا السلام على الآخرين، واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط".
هذا الحال لا يختلف كثيرا عن الظروف الحالية في كندا، التي تعاقدت مع فايزر وموديرنا واسترا زينا على كميات كبيرة للغاية تتجاوز 87 مليون جرعة، وهو ما يزيد عن تعداد سكان كندا، ومع تصريحات جوستان ترودو رئيس وزراء كندا، كان الجميع يشعر بالاطمئنان من أن مخزون اللقاح سيكفي الكنديين والمقيمين من المهاجرين. بل وأدت هذه التعاقدات الكبيرة لكندا مع كبار منتجي لقاح كورونا، إلى تصريح ترودو أكثر من مرة، بأنه سيتبرع بملايين الجرعات الزائدة عن حاجات كندا للدول الفقيرة، والتي لا تستطيع توفير اللقاح، في لمحة إنسانية معتادة من ترودو وذكاءه السياسي في استغلال المناسبات والظروف. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فايزر متأخرة جدا في توريد الشحنات المتفق عليها إلى كندا، فخلال الأسبوع الأخير من يناير كان الاتفاق على وصول نحو ما يقرن من 400 ألف جرعة، ولا ما وصل لا يتجاوز 70 ألف جرعة. رغم تصريحات بعض المسؤولين الكنديين بالاطمئنان وعدم التأخير في استقبال بقية الجرعات خلال النصف الأول من فبراير وتعويض التأخير، إلا أن هذه العملية أصبحت تصريحات السياسيين فيها محك شك كبير، لأن القرار ليس في أيديهم، وقرارات مسؤولي الشركات المنتجة للقاحات، يخضع لضغوط سياسية من لندن وواشنطن وعواصم أخري.
الغريب في الأمر أن دولة مثل ألمانيا، وهي المشاركة في إنتاج لقاح فايزر وبيونتيك تعاني من نقص حاد في اللقاح المنتجة بشراكة مع بيونتيك الألمانية.
ولك أن تطلق العنان لكل أفكارك السوية والمؤامراتية، إذا كان الحال كذلك صراع شديد بين الدول الغربية للحصول على جرعات اللقاح، فما بالنا بالدول الفقير، التي تملك وفرة الموارد مثل الدول الغربية، أو التأثير السياسي لتوجيه قرارات الشركات المنتجة للقاحات. حالة من الغموض والهلامية، تهيمن على سوق اللقاحات.
وكل هذا بسبب فيروس لعين، أطلقته الصين، وهذا أغلب تفكيرين وفق المعطيات المتوفرة، فبعد أن سيطرة هذا الفيروس اللعين علي العالم وحبسه، نجد أن الصين بكل تعداد سكانها البالغ 1.3 مليار نسمة، ومساحتها الشاسعة، تعلن عن أصابات لا تتجاوز 35 حالة .. يا سلام، وهذا عدد إصابات يمكن أن يحدث في دور من بيوت المسنين في الكيبيك، بكل تقدمها واجراءاتها الاحترازية.
العالم النامي ودوله الفقيرة، قررت أن تأخذ باللقاح الصيني لشركة سينوفارم، وبعض الدول أخذت باللقاح الروسي، وهو أقل اللقاحات رواجا في الأسواق.
ما يثير التساؤل أن الإعلام الغربي، تمامي أعمي عما يحدث في الصين، ولا يبذل أي جهد في رصد الأمور وتحليلها، لماذا هذه الاعداد القليلة من الإصابات، أو ما هو التقييم العلمي المحايد والموضوعي للقاح الصيني، الذي لم تتعاقد للحصول عليه أي دول من الدول الغربية، وخاصة في أمريكا الشمالية أو الاتحاد الأوربي، علما بأن اللقاح الصيني يستخدم تكنولوجيا مغايرة، وهي الطريقة التقليدية لعمل اللقاحات، وهي عكس تماما التكنولوجيا المستخدمة في اللقاحات الغربية لكل من فايزر وموديرنا واسترا زينكا وجونسون أند جونسون.
ويبقي التساؤل من يحاسب الصين على ما فعلته؟ وما هو أصل هذه الفيروس؟ وهل هو طبيعي أم مصنع؟ وإذا كان مصنع "فأكيد من أطلق العفريت يعرف إزاي يصرفه"، بمعني أن الصين لديها اللقاح الفعال للقضاء على الفيروس؟ ولماذا حالات الإصابة في دولة تعدادا يتجاوز مليار و300 مليون نسمة لا يتجاوز في المتوسط 35 حالة يوميا، في حين أن إقليم مثل أونتاوريو أو الكيبيك الإصابات في كل منهما تدور ما بين 2500 إلى 1400 حالة تقريبا في اليوم