عبد المسيح يوسف: حد فاهم حاجة مما يفعله السيد ترودو؟
منذ أن بدأت أزمة كورونا، وحكومة جوستان ترودو رئيس وزراء كندا تبذل كثير من الجهد من أجل حماية المجتمع الكندي، لكن هناك أمور غير واضحة وتحتاج المزيد من الوضوح والشفافية، أهمها ما يتعلق بسياسة التطعيم. بريطانيا، درة تاج الكومنولث قامت بتطعيم 30 مليون بريطاني، وإسرائيل قامت بتطعيم أكثر من 30% من السكان، والإمارات في مرتبة متقدمة، لكن كندا لا أحد لديه أي أرقام دقيقة، كل ما يقال في الإعلام تصريحات لا أحد يستطيع أن يختبر صحتها، أن الحكومة اتفقت مع فايزر وموديرنا على تسريع عملية الشحن؟ لكن هل يوجد تطعيم .. حدث ولا حرج، هل نرى اناس اخذت التطعيم .. حدث ولا حرج؟ هل هناك عملية تطعيم تتم .. حدث ولا حرج؟ ورغم كل هذا يقول السيد ترودو للمرة الثانية أنه بنهاية سبتمبر القادم سيتم تطعيم كل الكنديين الراغبين في الحصول على التطعيم .. كيف؟
كانت الطاقة الكبرى، بالتصريح الأخير للسيد ترودو الذي أعلن فيه لحماية كندا والكنديين، أن كل من يأتي من خارج كندا، حتي لو كان كندا ان يقوم بتقديم اختبار سلبي لكورونا، فضلا عن اقامته لمدة 3 أيام في فندق في نطاق المطار في حدود 10 كم، للمطارات الأربع الرئيسية في كندا وهي: تورنتو ومونتريال وكالجاري وفانكوفر. لكن لما هذا العقاب في ثوب أنه حماية الكنديين والمجتمع الكندي؟
أقر وأعترف أن السيد ترودو، كان كريما للغاية في تشجيع عدد من الكنديين في ترك أعمالهم، بدعوى مواجهة كورونا، بالمعونة التي قدرت بنحو 2000 دولار، وحصل عليها من استحقها، أو من لم يستحقها، لأن هناك عديدون لم يكن يتحصلوا على 2000 دولار بعد الاستقطاعات. وبالتالي كان هذا الدعم نوع من التحفيز على زيادة معدلات البطالة في العديد من الأقاليم الكندية. لا نستطيع أن ننكر أن الحكومة أبدت الكثير من المرونة لدعم المواطنين، خاصة الذين في حالة احتياج حقيقي، هو أمر له كل التقدير، لكن هل كل من يحصل على هذا الدعم يستحقه، لا أعتقد، خاصة وأن هناك حالات تلاعب اكتشفتها الوكالة الكندية الفيدرالية للإيرادات.
أما بالنسبة لقصة العزل الفندقي لمدة 3 أيام بعد القدوم لكل المسافرين من خارج كندا، بما فيهم الكنديين، فإن هناك علامات استفهام لا تجب أي إيجابيات، من بينها لماذا يطبق العزل الفندقي مقابل 2000 دولار على القادمين عبر المطارات الأربعة الرئيسية في كندا. في حين، أن القادمين عبر الطرق البرية، لا يطبق عليهم هذا العزل الفندقي، ويلزمهم فقط تقديم معلومات دقيقة عن خطة عزلهم لمدة 14 يوما في مكان اقامتهم. وبالتالي فمن الممكن أن يحول بعض المسافرين وجهاتهم للولايات المتحدة، ليستكملوا بقية الرحلة بريا لدخول كندا، حتى لو كانت الحدود مغلقة مع الولايات المتحدة، لكن هناك حالات تستطيع عبور الحدود. الأمور تحتاج لمزيد من التوضيح.
على جانب آخر، كندا كدولة متقدمة، من بين تعداد الدول السبع الصناعية العظمي، لماذا هي غير قادرة على انتاج التطعيم على أراضيها مثل الصين والولايات المتحدة وبريطانيا؟ ولماذا لم يوقع السيد ترودو اتفاقيات للتصنيع في كندا مع الشركات المنتجة للتطعيم، بدلا من المعاناة من تأخير وصول شحنات التطعيم، والحديث مع فايزر لزيادة الشحنات لتشمل العبوة 6 عبوات بدلا من 5 لزيادة عدد الجرعات. الحكومة في تصريحاتها غير واضحة فيما يتعلق بعملية التطعيم، على الرغم من أن الجيش الكندي هو الذي يشرف عليها، وعلى الرغم من التصريحات بأن هناك حوالي 6 ملايين جرعة ستصل كندا بحلول نهاية مارس القادم.
حتى الآن كلها تصريحات لا يستطيع أحد التحقق منها. شأن تصريحات أن الحكومة تعاقدت على 5 ملايين جرعة اضافية مع شركة موديرنا، فضلانا عن 80 مليون جرعة اخرى سبق وأعلن عنها السيد ترودو قبل اشتداد خطورة كورونا، وكان يتباهى بأن جزء من هذه الجرعات سيتبرع به للدول الفقيرة. ونحن حاليا في كندا لا نعرف مصير هذه الجرعات، وهو ما جعل رئيس الحزب المعارض المحافظ، يطالب الحكومة بالحصول على نسخة من تعاقدات الحكومة مع الشركات المنتجة للتطعيم.
وكشف موقع Our World in Data لتتبع جهود رصد عمليات التطعيم الدولية لـ COVID-19 عبر صفحة رسمية وبمصادر موثوقة، أوضحت الأرقام أن الإمارات تتصدر معدلات التطعيم لكل 100 نسمة من السكان، عند 2.88 مقارنة بنحو 1.47 في إسرائيل، بما يعادل نصف السكان في الإمارات وثلث السكان في في الربع الأول من 2021. وذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن عدد الأمريكيين الذين حصلوا على جرعة واحدة من لقاح فيروس كورونا المستجد يزيد عن عدد المصابين به، وهو ما يمثل علامة هامة في السباق للقضاء على الجائحة التي تسببت في مقتل وإصابة الملايين حول العالم، إذ تلقى نحو 26.5 مليون أمريكي جرعة أو كلتا الجرعتين من اللقاحات الجارية. وأكدت الوكالة أن السلطات الصحية في أمريكا تقوم بإدارة التطعيمات يوميا بمعدل يفوق أي دولة على مستوى العالم، إذ تقوم بتقديم نحو 1.34 مليون جرعة بشكل يومي، ويشار إلى أن طرح اللقاح تعثر في أول 6 أسابيع حيث حصل 7.8% من الشعب الأمريكي على جرعة واحدة، بينما لم تتجاوز نسبة الذين حصلوا على جرعتين من التطعيم 1.8%. ولكن أين كندا من كل هذا؟
كما أن الكثير من الكنديين، يتسألون أين اختبارات كورونا السريعة، التي تتم خلال ساعة واعتمادها الصحة الكندية، لماذا لا يتم اللجوء إليها للتحقق من خلو المسافرين القادمين إلى كندا من فيروس كورونا، بدلا من الاقامة الفندقية لمدة 3 أيام واجبارهم على دفع 2000 دولار لكل مسافر قادم عن طريق الجو. اين هذه الاختبارات، وأين يذهب الأموال المخصصة للمراكز البحثية الكندية، ولماذا يتم الإعلان عن اعتماد اختبارات سريعة لفيروس PCR تتم خلال ساعة ولا يتم استخدامها؟ المشكلة أن المعلومات غير متاحة وغير متوفرة والمسؤولين عنها في الحكومة لا يعطون الكثير من المعلومات.
هذه الأمور مقبولة ومحبذة في مسائل الأمن القومي الكندي، لكن ما يتعلق بالصحة العامة للمواطنين والمجتمع الكندي، فيجب أن يصل هذا للسيد ترودو أن هناك حالة من عدم الرضا، والتخبط. والطبع الكل يتذكر التصريح الغريب، الذي سبق وان أعلن عنه السيد ترودو منذ أسابيع، من أن الحكومة ستقدم 500 دولار لكل كندي أو مهاجر مقيم، سيقوم بالعزل في منزله لمدة اسبوعين. قبل أن تهاجم بضراوة وسائل الإعلام والمعارضة السيد ترودو الذي يشجع الكنديين على السفر والاستمتاع على نفقة دافعي الضرائب. وبعدها بأيام تراجع السيد ترود عن هذا التصريح الغريب.
وهو نفس الأمر بالنسبة لقرار العزل الفندقي لمدة 3 أيام ونفقات إجبارية تقدر فقط للفندق واختبار PCR بنحو 2000 دولار. علي الرغم من اعتماد الصحة الكندية للاختبارات السريعة لفيروس كورونا والتي تتم خلال ساعة أو أقل وتعرف هذه الاختبارات باسم ID NOW وهي تؤدي لمعرفة نتيجة الاختبار خلال 20 دقيقة، وبدأ توزيعها في أونتاريو، ويستخدم الاختبار مسحة الأنف أوو البلعوم الأنفي أو الحلق. أو اختبار Panbio الذي يستخدم مسحة الأنف فقط. ولكن أين هذه الاختبارات السريعة؟ ولماذا لا يتم استخدامها على نطاق واسع بدلا من الاختبارات المختبرية البطيئة، التي تستغرق أيام للوصول إلي نتيجة بدلا من دقائق معدودة؟
المعلومات شحيحة، ولا نملك إلا الانتظار، وندعو أن تنجز حكومة السيد ترودو وعودها وتسريع وصول شحنات التطعيم وتطعيم أكبر عدد ممكن من الكنديين، كما سبق وأعلن مرتين أن الكنديين كلهم سيتم تطعيمهم بحلول نهاية سبتمبر القادم... "والمية تكدب الغطاس".