مينا ماهر يكتب: السينما الصامتة!!
هل تعلم عزيزي القارئ أن ظهور السينما الناطقة أو "المتكلمة" ما بين عامي ١٩٢٠ و١٩٤٠ سبب غضباً وثورة عارمة في الوسط السينمائي في هوليوود؟!!
"ماذا تقصد انه يجب علينا أن نتكلم؟!" ... "ولماذا يجب على الجمهور أن يسمعنا؟"... "هذا هراء!!! لتلحق بهم لعنات السماء!!!"
كانت هذه بعض ردود أفعال معظم ممثلي السينما الصامتة...آنذاك!!
وقد تتعجب من هذا الشأن وتسأل: ما عسى أن يكون سبب هذه المعارضة الساذجة؟! فمن يكره أن يصل بصوته أيضاً للجماهير ليتجسد أمامهم بالصورةً والصوت معاً؟! من ذا الذي يقف في وجه التقدم والتكنولوجيا وهي تخطو بنا الى آفاق بعيدة لا تخطر على بال أحد؟!
ما لم نكن نعلمه انا وانت يا عزيزي، ان السينما الصامتة كانت تحتضن العديد من الأقليات التي قد لا تتحدث اللغة الانجليزية أو لا تجيدها على الإطلاق- إن صح التعبير- فكانوا يعتمدون كليةً على حركة أجسامهم لتوصيل المعنى للمتفرج! لذلك جاءت عليهم السينما الناطقة كنكبة وبلاء!
أما من كان يتقن اللغة سواء كان من الأقليات ام لا، فكان الأرق بالنسبة لهم من نواحي تقنية أخرى! فالتركيز في الأداء التمثيلي في ظل هذا التغيير الجذري سوف يتجه نحو موازنة الحركة مع الصوت أكثر من التركيز على حركة فقط!
قد يبدو الامر هيناً للقارئ، ولكن بالنسبة لمحترفي المهنة كان يعتبر وثبة ضخمة في عالم التمثيل! فلا تتعجب حينما تسمع بوقوع العديد من الحوادث المؤسفة وقتها كانتحارات وشغب وتظاهرات غير سلمية وحرائق في سبيل إخماد حركة التغيير وإبقاء حالة الصمت السائدة على حالها!
كم من خسائر نتجت عن تصليب العقل والتشبث بعادات قد حكم عليها الزمان بأن تنتهي! في النهاية أخذ التقدم مجراه...وحدث التغيير وفُعِّلت القوانين الحديثة رغماً عن العواقب السلبية! ونطقت السينما، وزهق الصمت! ومات من مات، وحرق ما حرق - مع الاسف - واستمرت الحياة! وعلى رغم ما نشعر به من أسى على المتضررين من حركة التقدم وقتها واضعين أنفسنا في أماكنهم، مدركين تماماً مدى صعوبة التنازل عما هم مؤمنين به أشد ايمانٍ، نجد أن التطور سيأخذ مجراه شئنا هذا أم أبينا! والفيصل هو أن نقمع فطرتنا الجامحة المتعلقة بشدة بأذيال الماضي، ما دامت خطى التطور ترنو لما هو للصالح العام، قبل حدوث خسائر فادحة يندم عليها الجميع!
وقد تتساءل لماذا كتبت هذه السطور...وأنا بالطبع لن أصفح عن سبب اختياري لهذه النبذة التاريخية التي قد تكون (او لا تكون) شيقة بالنسبة لك، تاركاً لك كامل الحرية...لاستنباط الهدف.