A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

خالد منتصر يكتب: أن تكون أبو البنات في مصر

تمنيت طوال عمري أن أكون أباً  لبنت إسمها سعاد على إسم أمي، لكن الله رزقني بولدين فقط ، وهما قرة عيني لكن كان لي حق الحلم ، والآن وبعد ماشاهدت معاناة آباء البنات في مصر لي الحق الآن أن أعلن أن هذا الحلم للأسف يتحول في المحروسة إلى كابوس ، أبو البنات في هذا الوطن مطلوب منه أن يمتلك ألف عين ، أعصاب من فولاذ، قلب من ثلج ، فهو أبو صانعات الفرح وناسجات البهجة وصاحبات السعادة، هو والد ألطف الكائنات ، لكنهم في بلادنا المتدينة بطبعها ، يطلبون من البنت أن تكون خرساء لأن صوتها عورة ، تمشي على الأرض بالهوينى  وكأنها سراب لأن وقع أقدامها من الممكن أن يكون فيه دلال وميوعه ومياصه تثير ذكور الأمة المؤمنة ، أن تخفي الشعر والكعب وحلمة الأذن وأرنبة الأنف حتى لايهتاج فحول القبيلة ، تشب البنت في البيت لتجد إن إسم أمها عيب ، هي الحرمة والحرام، إسمها مشطوب في بطاقة الأب ، عندما ينادي الأب عليها في الشارع ، ينطق بإسمه ولا يتلفظ بإسمها حتى لايتم تجريسه ، غير مسموح لها باللعب في الشارع مثل الأولاد، ممنوع عليها الفسحة أو السفر مثل الصبيان.

أبو البنات يعيش حالة فوبيا مزمنة ، خوف وذعر وتوقع للسئ دائماً ، يدفعه المجتمع لتقليم أظافر إبنته إنطلاقاً من الشعار المقدس إكسر لها ضلع يطلع لها ضلعين ، يكفي أنها هي التي أخرجت أبانا آدم من الجنة برغم أنه قد أنعم ومن عليها بأنها قد خلقت من ضلعه المعوج، كانت هي الحية التي خدعت وهبطت بنا من الفردوس ، يصرخون في وجهه الختان الختان ، الطهارة الطهارة ، لابد أن تبتر أيها الأب الغلبان المصاب بداء خلفة البنات ، هذا الجزء الزائد فيها والذي يجعلها هلوكاً تطلب الرجال، إمنع هذا البروز الشيطاني  من الإحتكاك بملابسها الداخلية وجلب العار لك ، ما أن تشب عن الطوق حتى يكتشف وتكتشف البنت أن الشارع المصري قد سرق منها ولفظها، الشارع لم يعد لها في بلد دخلت موسوعة جينيس بأكبر نسبة تحرش ، ضباع الأسفلت تتعامل معها على أنها قطعة لحم ، الضباع التي تبرر لنفسها أن قطعة الحلوى المكشوفة حتماً سيتجمع حولها الذباب ، يرضون لأنفسهم وصف الذباب الذئاب،يستبيحون العنف اللفظي والمادي أيضاً ضد الأنثى التي هي مفعول به حتى الموت ، فالمرأة مالها إلا ستران البيت والقبر.

هناك شيخ قال أن المرأة التي تخرج سافرة قد أسقطت عن نفسها رداء العفة فحلال فيها الإستباحة ، وآخر يقول أنها بدون حجاب وكأنها تقول للرجال هلموا مرحباً بكم إلى الوليمة، وآخر يقول أن التحرش بمرتديات ولابسات الجينز واجب قومي !!،  عندما علمتها كتب القراءة في الصغر أن سعاد تنظف البيت وعادل يقرأ  الكتاب، لم تكن تعرف أن المجتمع يعدها ويؤهلها لتكون خادمة لكن بدون أجر ، فتتزوج لتهرب من تسلط الأسرة وعنف الشارع ونفور المجتمع وإحساس الجميع بأنها عورة تمشي على الأرض وعاراً يحول بيننا وبين السماء، تهرب من سجن إلى زنزانة ، ومن منزل الأسرة إلى معتقل الزوجية، حتى اللقاء الحميم بعد الزواج  لابد أن تكبت فيه مشاعرها وتكون كالدمية الكاوتشوك حتى يلقي فيها الرجل بفضلاته خشية الإتهام لها بأنها كانت قبل الزواج " دايره على حل شعرها"!!، وبالطبع عليها أن تلبي وترضخ حتى ولو كانت متعبة أو منهكة أو حتى قرفانة من اللقاء ، لابد أن ترضخ حتى لاتلعنها الملائكة التي هي على خصام مزمن معها وضدها طوال الوقت وكأن بينها وبين المرأة ثأراً قديماً ، تظل طوال حياتها تبحث عن هويتها ..كينونتها ..حياتها بلاجدوى ، حتى يحتضنها القبر في نهاية حياتها ، إنه الوحيد الذي إحتضنها.

كنت أتمنى أن أكون " أبو البنات" ، لكن سامحوني ، فأبو البنات في مصر مشنوق مشنوق ياولدي ، يعيش حزيناً على بنت أراد لها الحرية ، فأفزعوه بأنه ديوث ، وأرعبوه بأنه خنزير سيدخل النار ممسكاً في ذيل جلباب إبنته التي هي من أكثر أهل جهنم ، كان نفسي لكني أعترف أنني لا أستطيع تحمل وأد إبنتي في مجتمع يعتبرها نصف إنسان وكل الخطيئة.

image0 (1)