مينا ماهر يكتب: خائن…دون علمي!
دردشة…بالعربي الفصيح
كلمة "خيانة" من الكلمات المزعجة جداً على مسامعنا؛ والخيانة -كما نعلم - انواع: أشهرها خيانة الوطن، وخيانة الصداقة، و الخيانة الزوجية! لكن العجيب أننا حينما نسمع كلمة خيانة، الخيانة الزوجية هي أول ما يخطر ببالنا! ربما لأنها هي الاكثر شيوعاً في المجتمع على المستوى الشخصي والأسري! فخيانة الوطن تنحصر فقط في مخيلتنا في إطار الجاسوسية أو بيع معلومات سياسية لبلد آخر، مع العلم - في رأيي- أن خيانة الوطن يا أصدقائي قد تكمن ببساطة في المساهمة في الفساد بشكل عام، بتقديم واستلام الرشاوي، او في تعاطي وتداول المخدرات مثلاً وهكذا! أي عمل يؤذي الوطن هو خيانة له! لكني لا أود أن أزعجكم كثيراً اليوم بهذه الفلسفة الصادمة، بل أود أن اناقش معكم الخيانة الزوجية لأنها أقرب الى عقولنا من غيرها!
قد تقشعر أبداننا حينما نشعر بالخيانة الزوجية من حولنا! وهذا "الهيلمان" المخيف حول المصطلح يعود سببه الى أن الخيانة الزوجية تطعن شريك الحياة في أعماق مشاعره! وقتل المشاعر هو أخطر أنواع القتل، حيث أنه يترك جرحاً عميقاً ومزمناً في قلب ضحيته! وقد نرى أن الخائن لا يقوم فقط بقتل مشاعر الآخر، بل قد قام بقتل مشاعره هو أولاً! لذا فالخيانة الزوجية سلوك مكروه جداً جداً جداً في المجتمع!
وعلى الرغم من كمية الشر المنسوبة للخائن، إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون إنساناً شريراً، أو شخصاً قليل الأصل! …لا تتعجبوا! فكلنا (بلا استثناء) يمكن أن نقع - دون أن نقصد - فريسة للخيانة…وكخونة لا كضحايا!
فالخيانة الزوجية ليست دائماً مجسدة في علاقة جنسية مشينة! بل مجرد تبادل مشاعر عاطفية بين رجل متزوج وامرأة متزوجة دون أي علاقة جسدية تعتبر خيانة، لأنها ستضر تدريجياً بالعلاقة الزوجية لكل منهما! حتى كلام الغزل العفيف الذي قد نسمح به تحت مسمى "التفاريح"، يعتبر خيانة! فتلك العلاقات المستترة الهادئة تندرج تحت الخيانة لأنها تشغل البال وتلهي الأنظار عن العلاقة الزوجية الحقيقية وبالتالي ستؤثر عليها بالسلب مع الوقت!
وكما أن الخيانة الزوجية قد تكون مجرد علاقة عاطفية بلا جنس، فهي قد لا تكون علاقة على الإطلاق! فأي سلوك مبالغ فيه يلهيك عن عائلتك ويجعلك تهمل حقوقها يعتبر خيانة! فتفضيل العمل بإفراط عن التواجد في البيت…خيانة! فإذا كنت دائم المغيب عن المنزل بحجة حب العمل وجلب المال، فيفقد أهل بيتك الاحساس بك، فأنت خائن! وأيضاً تبدية مجالسة الأصدقاء على قضاء بعض الوقت مع عائلتك …خيانة! فإن كنت دائم الجلوس في المقاهي، وتلقى متعتك أكثر في ضحكات وأحاديث أصدقائك والعامة، فأنت خائن! وإدمان تصفح هاتفك أكثر من الإنصات لمًا يدور داخل حوائط منزلك…خيانة! وعلى هذا المنوال والامثلة لا تحصى!!
والأصعب اننا قد نتساءل ما إذا كنا فعلاً يمكن أن نوصف بلقب خونة تحت تلك الظروف، وفي كل مرة نقوم بالإنكار معتقدين أن الحالة ليست بهذا السوء وأن السيد مينا ماهر يبالغ كعادته! لكن في الواقع…سنرى نتيجتها في مستقبل أولادنا…وبعد فوات الاوان!
فإن كنت تعتقد أن الخيانة دائماً وابداً هذا الفعل الكريه المبالغ فيه والمنتشر على شاشات التلفاز وهو في غاية البعد عنك…فخذ حذرك وقم بتأمين نفسك…فالخيانة قد تكون أقرب إليك من شاشة تلفازك!