A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

عبد المسيح يوسف: مصر .. السودان .. والحرب الأهلية في أثيوبيا

من عدة أسابيع وحالة من عدم الاستقرار الرهيب تعاني منها أثيوبيا، وحكومة رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، الذي بدأت قوات الأرومو والتيجراي المتحاربة معه تعدد العاصمة أديس أبابا نفسها. وهذه التطورات دفعت مختلف الدول إلي تحذير رعاياها ومطالباتهم بترك أديس أبابا وأثيوبيا في أسرع وقت ممكن، حفاظا علي أرواحهم، ومخافة أن تصل نيران الحرب الأهلية إلي قلب العاصمة الأثيوبية.

تطورات الأزمة الأثيوبية داخليا، وخارجيا، تكشف مدي صلف وجمود عقلية آبي أحمد، الذي تفنن في الصراع مع مصر والسودان بشأن سد النهضة، الذي يهدد مصير الشعبين المصري والسودان، وهو أمر لن تتركه مصر بأي حال من الأحوال، لأنه مسألة حياة أو موت، ويديره الرئيس السيسي بأمانة ومسؤولية كبيرة، متبعاً كل الطرق السلمية والتفاوضية، بما يحقق ويحافظ علي استقرار مصر وشعبها. وهذا ما لم تستجب له حكومة آبي أحمد، التي اتسمت بالملاوعة والمماطلة وعدم الوضوح، لتضييع الوقت في مفاوضات مبهمة لتكسب وقت.

ولكن علي ما يبدو أن  فإن سيكولوجية آبي أحمد، غير المتصالحة مع الجميع، أوقعت به في براثن حرب أهلية، ستأكل الأخضر واليابس،وتنثر حرب أهلية بين قبائل الدولة الأثيوبية، المتصارعة منذ سنوات، وتبحث عن حلول توفيقية، بعيدا عن الجور علي مصالح قبائل لمصلحة قبائل أخري، وهو حال العديد من الدول، التي تعاني من عدم تجانس التركيب السكاني، مثل أثيوبيا.

تتسم القاهرة بالتركيز الشديد في إدارة ملف المياه، فيما يتعلق بسد النهضة، علي المستوى الفني  لوزارة الرأي أو علي مستوى القيادةالسياسية، بما يتسم به  الرئيس السيسي من خبرة سياسية وعسكرية وتفاوضية، مع التحسن العظيم في مركز مصر الخارجي، فيما يتعلقبشأن شبكة علاقاتها الخارجية. وهذا الأمر منحها المزيد من المكانة والتركيز علي القضايا، التي طرحها أو التأثير عليها علي المستويين الأقليمي والدولي.

تخيل البعض أنه مع قدوم إدارة الديمقراطيين برئاسة بايدن، ستشهد العلاقات المصرية الأمريكية، حقبة جديد غير مبشرة، خاصة وأن خبرة الديمقراطيين سوداء وسلبية فيما ييعلق بموقفهم من مصر، ومساندتهم العمياء والسوداء للارهاب وجماعات الإسلام السياسي المتورطة في الأعمال الإرهابية، للسيطرة علي نظم حكم الشرق الأوسط، خاصة ذات الفوائض البترولية أو المؤثرة سياسياً في المنطقة.

لكن تطورات الأمور، كشف عن توجه جديد للديمقراطيين، الذين أكدوا أكثر من مرة علي لسان وزير الخارجية الأمريكية بلينكن أو مسؤولين آخرين أنهم يدركون ويرحبون بالتأثير والدول المصري في ملفات وقضايا عديدة، فضلهم عن تفهمهم تماما لحقوق مصر والسودان العادلة في مياه نهر النيل، وهو ما يجعل من المهم العودة إلي مائدة المفاوضات، والتوصل إلي حل عادل بشأن حصص المياه بين مصر والسودان وأثيوبيا.

كان رئيس وزراء أثيوبيا، آبي أحمد، يراهن في بعض الأوقات علي رئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نيتانياهو أو أيطاليا، ولكن بنيامين رحيل بخسارة الانتخابات التشريعية في إسرائيل، وقدوم رئيس وزراء جديد، لديه أولويات جديدة، ويريد علاقات طيبة ومستقرة مع مصر،أكثر من أثيوبيا، خاصة وأن مصر تمتلك وزن نسبي وتأثير في عملية السلام وفي غزة والصفة لا يقارن بالوهن الأثيوبي حتي في ضبط حركة استقرار المجتمع داخلها.

إيطاليا، تحسنت علاقات مصر كثيرا معها في الفترة الأخيرة، وكان لفرنسا وألمانيا دورا محوريا في هذا التحسن، فضلا عن الموقف الرمزي المصري بتقديم مساعدات لإيطاليا مع اشتداد موجة كورونا في إيطاليا، وهو ما لاقي ترحيب من الحكومة والمجتمع الإيطالي علي السواء،ونقل العلاقات المصري الإيطالية إلي سابق عهدها، قبل أزمة الطالب الإيطالي في مصر.

مصر، تدير ملفاتها الخارجية باتزان وتروي وخبرة كبيرة، بعيداً عن القرارات المتسرعة، وضغوط السوشيال ميديا، التي فتحت قنوات للتعبيرعن الرأي، ولكن ليست كل الآراء تصب دائما في المصلحة الوطنية والأمن القومي، التي تدركه وتديرها القيادة السياسية بعيداً عن الأبوابالمفتوحة، وفي سرية تتناسب مع حساسية الأمور.

مصر تمر بخطوات تطور ونمو لا يستطيع أن ينكرها أي انسان رشيد وعادل في تقييم الأمور، خاصة لمن زار مصر مؤخرا، يجد حالة كبيرة من الأمن واستقرار المجتمع والنمو الاقتصادي. ربما هناك قدر من ارتفاع الأسعار أو بعض السلوكيات الفردية غير السوية من البعض،ولكنها في جزء منها مسؤولية الأفراد، مع أهمية أن تشدد الحكومة من تطبيق القانون علي مثل هذه النوعية الشاذة من البشر، لفرضالقانون علي الجميع دون تميز هذا ابن من؟ وهذا أبن من؟ خاصة وأن مصر تسير باستقرار علي طريق التطور والنمو، ونتمني أن ينتقل المجتمع والاقتصادي إلي مواقع اكثر تقدما، علي أن تكون هناك مساندة شعبية وفردية لجهود القيادة السياسية في مختلف المستويات.

أما السودان فهي للأسف تمر بمرحلة من عدم الاستقرار، نتمني لها أن تستردها بسرعة خاصة وأنها دولة شقيقة لمصر علي مصر العصور،ونتمني أن تصل المفاوضات إلي حكومة مدنية وطنية ديمقراطية تتولي مقاليد الأمور في السودان، وتقوده إلي بر الأمان، خاصة وأن مثل هذه التطورات، تجعل الخرطوم منشغلة تماماً عن أي أمور أخري.