جود نيوز أحد رعاة الحفل.. تذكرة مجانية إلى مصر! في حفل ١٩ يوليو مدينة أوروبية تعرض أراضي للبيع بثمن فنجان قهوة.. هل تفكر في الشراء؟ فتح تحقيق بحادثة انتحار ”روبوت” ابتكار زجاج ”يصلح نفسه” موجة حر تذيب تمثال أبراهام لينكولن في واشنطن كيف تتأثر الشهية بحرارة الصيف؟ للوقاية من السكري.. احذر الضوء في هذا الوقت من الليل السباحة للحامل في الصيف.. الفوائد وشروط الأمان دراسة تكشف فائدة غير متوقعة للبرقوق إلغاء مباراة سموحة وبيراميدز بسبب حريق في إستاد الإسكندرية السعودية تعتزم استضافة نزالات نسائية في بطولة القتال النهائي ”يو إف سي” المهاجم الياباني ميورا البالغ 57 عاما ينضم إلى ناد جديد ولا يفكر في الاعتزال

مينا ماهر يكتب: رواية كلمتين في حب مصر (4)

مقدمة: كتبت هذه الرواية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك وانتهيت منها قبل ثورة ٢٥ يناير بأسبوع! المذيع هادي ابو الخير يقدم برنامجه الإذاعي "كلمتين فى حب مصر" وتلقى مداخلة من رامز المصري مشجعاً للهجرة وراوياً له عن والدته أم دنيا الارستقراطية الأصل التي باعت أطفالها بعد افلاسها ووفاة زوجها؛ وبيع رامز بدوره بهدف التبني إلى سيدة خليجية مستغلة تدعى سبيكة، لكنها ما لبث أن عاملته كخادم! وقد قامت بتعليمه أيضاً حتى يقوم بتدريس أطفال صديقاتها مقابل أجر مادي، دون علمه! حلقة ٤: لم تكن سبيكة تتوقع يوما ما أنها ستقع في شر أعمالها؛ فبنفس العلم الذي استغلت به رامز قد عجَّلت بنهاية علاقتها به. فبالإضافة إلى ذكاء رامز الفطري، هو مدعم الان بالعلم أيضاً. فما أن بلغ الثانية عشر من عمره حتى بدأ يعير انتباهاً خاصاً لما يحدث حوله من ردود أفعال، وأساليب تعامل، وهمسات، وهواجس...الخ. في يوم من الايام ذهبت سبيكة برامز لاستخراج بطاقة شخصية له، ودون أن تعي، لاحظ رامز خانة المهنة مكتوب فيها خادم! فتعجب وقال لسبيكة متوقعا منها الاهتمام: - ماما... ليه مكتوب في بطاقتي خادم؟ ... دهشت سبيكة من سؤال رامز، ولكنها أجابته بسرعة: - خطأ بسيط...سأقوم بتصليحه قريبا... تجاهلت سبيكة هذا السؤال تماماً -حاسبة انه صدفة بحتة- مستهينة بذكاء رامز الذي ظل ينضج مع الوقت. فهو ليس أحد هؤلاء الأطفال الذين يسألون في التو ثم ينسون لاحقاً. وهكذا ظل رامز من وقت لآخر يسأل سبيكة: - صلحتِ البطاقة يا ماما؟ أما هي فكانت ترد بنبرة مستنكرة لم تلبث ان تحولت الى نبرة غاضبة بسبب التكرار: - لا...انا مشغولة جدا.. ويكفيني ما عندي من مسئوليات...الا تكف أنت أيضاً عن أسئلتك الفارغة.. وكانت هذه الإجابات وأسلوب صياغتها تسجل في عقل رامز وكأنه جهاز حاسوب يرصد كل المعلومات، ليقرر وسيلة مستقبلية للدفاع او الاصلاح. فمهما دعى رامز سبيكة بأمه، فهو لازال يتذكر صورة مشوشة لأم أخرى لم يعد يتذكرها -حين كان ثلاث سنوات. وهذا ما يدفعه دائماً للتحري والشك، مختبرا كل تحركات ونظرات سبيكة نحوه والتي -للأسف- لا تسفر عن أي أمومة مطلقاً. وسبيكة من الناحية الأخرى قد خانها ذكاؤها لتلاحظ ان تعليم رامز هو سبب فضوله؛ فهي تجني من ورائه دخلا شهريا لا بأس به؛ كما أن يقينها بطبيعة الجنس الخليجي الكسول واتكاليته، وإدراكها ايضاً لضعف مستوى اولاد صديقاتها، دفعها لاستثمار تلك الموهبة التي في حوزتها لحل مشاكلهم المزمنة. فهو كان مشروعاً تجارياً ناجحاً ومتكاملاً وطويل الأمد! بعد عدة سنوات، تحمل رامز فيها الإهانات والإذلال، صور له عقله يوما أن يتسلل من غرفته ليرى ماذا تفعل سبيكة في شرفة المنزل، وإذ بها على الهاتف تخاطب إحدى صديقاتها: - عائشة ..."يا بعد عمري"...انت متأخرة شهرين على الدفع... - آسفة...سبيكة حبيبتي.. لكنك تعرفين الظروف.. - عفواً…أنا أيضاً عندي ظروف...وبقية المجموعة لديها ظروف، ولكن لم يتأخر أحد منهم عن الدفع، ثم إن رامز يقضي وقتا أطول في عمل واجبات ابنك المتراكمة، دون الباقين. - خلاص.. إن شاء الله سأسدد ما على عندما أراك الدرس القادم. لم يسمع رامز الطرف الآخر من الحديث، لكن ما قالته سبيكة كان لا يدع مجالا للشك أنها تقوم باستغلاله. وعلى الرغم من الصدمة التي أصابته، إلا أنه بقي متماسكا؛ فهو على وشك التخرج في خلال عام، فليس من الحكمة أن يغضب مضيعا تعب السنين الماضية. فقد أحب رامز العلم وأدرك أهميته، فركض فورا إلى غرفته الصغيرة بجانب السلم الداخلي وظل يفكر فيما يجب عمله. قد منع نفسه عن البكاء ظاهريا، وتمكن من إخفاء انهياره الداخلي؛ فهو في صدد اكتشاف ما إن كانت سبيكة امه فعلا (ولكنها ام قاسية تتلذذ بمعاملة أبنائها كالخدم)، أم أنها ليست أمه على الإطلاق، وما هو إلا ضحية صفقة قذرة؟ وقبل أن يبادر باي فعل أحمق قرر ان يضمن مستقبله العلمي؛ فظل يسأل من حوله من الناس حتى نجح في الحصول على نسخ شهادته السابقة، مستخدما لكنته الخليجية الطلقة والتي كانت تساعده دائماً في تسهيل الإجراءات الروتينية، قد قرر رامز منذ صباه -والفضل لسلبية سبيكة- أن يكون مستقلا ورغم أنف الجميع كان شابا سوياً، محباً ومحبوباً بين رفقائه، رغم افتقاده للحنان؛ وهو بالطبع كان حالة استثنائية. قد يكون أحياناً متصلب المشاعر بعض الشيء، ولكنه ليس ببغيض. عاش مراهقته كأي مراهق عادي: تلفت نظره الفتيات الجميلات -والسيدات ايضا من حين الى آخر. تسنت له الفرص ليصادق ويخرج مع صديقاته – وما أفلتت منه ولا فرصة. ولكن التعليم كان هدفه الرئيسي، لذلك فرح فرحا عظيما وانتابته راحة غامرة حين نجح في الحصول على نسخ شهاداته. وما ان بلغ مراده حتى بدأ في استفزاز سبيكة، بأن يتجاهلها حينما تناديه، أو بأن يتمارض وقت كتابة واجبات أبناء صديقاتها المدرسية، مما كان يشعل لهيباً حارقا في أحشائها؛ استبدل "ماما" بــ "سبيكة" دون القاب وهذا بدوره كان كافياً لإيقاظ شيطان العظمة داخلها. وفي خلال أسبوعين فقط من تاريخه، طفح الكيل بسبيكة فصرخت في وجهه: - أنت أيها الحيوان...ما بالك متغير الطباع مؤخراً؟ ... رغم صدى المسبة والحدة في الأسلوب إلا أن رامز كان مهيأ ً نفسيا له، لذلك احتفظ بهدوئه ببرودة متناهية أجابها: - مالك يا سبيكة...زعلانة ليه؟ هو أنا ضايقتك في حاجة؟ - اسمي ماما سبيكة يا كلب...لا تنسى نفسك... رق رامز لوهلة حين سمع كلمة ماما، ولكنه سرعان ما عاد لوعيه؛ فما قالته سبيكة لا يدل انها امه بعد، حيث ان جميع الخدم يدعون أربابهم كوالديهم كما ذكر سابقاً؛ فرد عليها رامز متماسكا، ليستفزها أكثر: - بس أنا خدام مش ابنك! مش مكتوب في البطاقة خدام؟ - صدقت...فأنت فعلا خادم وابن خادم...وآن الأوان أن تعرف حقيقة نفسك... - هاتِ اللي عندك... طلعي اللي جواك! ايه بقى حقيقة نفسي...؟ - أتظن إنك ستستعطفني...كلا! فقد فاض بي الحال...ما انت الا خادم ابن خادمة مصرية دنيئة تدعي ام دنيا...فما رأيك؟ أما زلت تود أن تتساوى بأسيادك؟ -  أعوذ بالله... أنا ماساويش نفسي باللي اقل مني أبدا...أنا أعلى منك مقام وعلم... وطالما صارحتيني...فانا كمان ح اصارحك...أنا باكرهك وباكره بلدك واليوم اللي عرفتك فيه.... قصد رامز كل كلمة قالها، فقد اختار كل كلامه بعناية مدركا صداه على إذن سبيكة التي أهينت كرامتها بالفعل فكان رد فعلها كما توقع: - حسن أيها الكلب...أنا سأعلمك كيف تحدث اسيادك...سأقوم بتسفيرك غداً علي مصر لتدرك مدى النعمة التي كنت فيها...أخرج من بيتي. وفعلا بدأت في إجراءات ترحيله من البلاد لسبه بلدها علناً، بالضبط كما خطط! *** قام المخرج بإعطاء اشارة لهادي من غرفة الإنتاج والتسجيل عبر النافذة، فتوقف هادي عن الكلام ليسمع توجيهات المخرج وإذ به يعود مرة أخرى: - ثانية يا استاذ رامز... خليك على الخط... معانا مداخلة من مشعل العتيبي من البحرين ...طبعا دا شعور جميل جدا ان برنامج موجه للمصريين يسمعه شخص عربي غير مصري...أتفضل يا اخ مشعل... رغم ان مشعل ليس طرفا في الأحداث ولكني اود ان اتوقف عنده قليلا لأصفه في بضعة سطور. مشعل العتيبي هو أحد رجال الأعمال البحرينيين الشباب في أوائل القرن الواحد والعشرين. يبدو لبقاً فقط مع الجنس اللطيف- ومع الجميلات منه تحديدا. يدَّعي انه درس بالخارج، مع انه غير قادر ان يكتب جملة واحدة باللغة الانجليزية. فالدراسة بالخارج في مفهوم البعض ماهي الا شراء شهادة جامعية من اي جامعة امريكية من الدرجة الثالثة؛ وما أكثر ذلك على صفحات شبكة الانترنت -ويالها من رفاهية! كان مشعل مستقلا سيارته متجها إلى عمله وإذا به يعبث بأزرار جهاز الراديو بسيارته، فقد مل المحطة التي كان يسمعها، ليتوقف عند صوت المطربة لطيفة المحبب لديه  -والذي غاب عن ساحة الغناء مؤخراً - وهي تغني اغنية "هي أم الدنيا مصر..هي وردة كل عصر...الخ." وسرعان ما تنتهي الأغنية ليبدأ برنامج "كلمتين فى حب مصر"، فظل يتابع الحوار الي ان قرر ان يكون طرفا فيه عندما وصل مقر عمله، فنسمعه يقول: - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... فرد عليه المذيع هادي ابو الخير: - وعليكم السلام...أتفضل.. - تعليقا على الاخ رامز... أنا أحب ان الفت نظره أن تلك الافتراءات التي يدعيها لا تمس الخليج بصلة او بأخرى...ونحن أنظف وارقى من ان نقع في مثل هذه المواقف! - عفوا الاخ رامز لا يتكلم عن الخليج بشكل عام ولكن حالة خاصة جداً. وإذ برامز يشتد غيظا فاضطر أن يقاطع: - معلش إسمح لي يا هادي ...اللي انت بتقوله دا مش صحيح... في الخليج بتحصل مهازل مع المغتربين المصريين، واذا الاخ مشعل مش عاجبه كلامي..ممكن يسأل بنفسه...انما أنا مش ح أجمل كلامي. اراد هادي أن ينقذ الموقف قبل أن يتطور الحوار إلى مشكلة دبلوماسية فغمز للمخرج ليقطع الخط على مشعل ثم واصل برنامجه: - شكرا اخ مشعل ونأسف لسوء التفاهم...كمل يا استاذ رامز بعد ما تم ترحيلك من الخليج حصل ايه؟.... يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم.