جورج موسي يكتب: ”ذبح كاهن وخطف قبطية”..رداً على الأنبا بولا بأن الحريات الدينية في مصر غير موجودة في أوروبا وأمريكا!
بالصدفة البحتة وبعض الصدف اسوأ من خير ميعاد، وبعض الصدف يتم الترتيب لها ترتيباً مرتباً لا ترتيب بعده، وقبيل انهيار الجنية المصري بساعات، أطل علينا نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها وأحد الأساقفة الشيوخ في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في حوار مع الإعلامي الموالي للنظام "حمدي رزق" على شاشة إحدى القنوات الفضائية المصرية الموالية للنظام المصري، ليلقي في وجهنا تصريحات أقل ما يقال عنها أنها تصريحات "مستفزة" لدرجة لا يتحملها مستوى تحمل المواطن العادي! نحن نحتاج إلى "اكسترا" تحمل و"اكسترا" مرارة و"اكسترا" مازوخية حتى نتحمل مثل هذه التصريحات!
الأنبا بولا الذي خرج علينا ليؤكد للأقباط أن الضمانة الحقيقية لحقوقهم هي وجود سيادة الرئيس "ياسر جلال" وليس الدستور والذي فاجأ محاوره بقوله أنه لا ينبغي تعديل الدستور فقط بل ينبغي كتابة دستور جديد بصلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء، وعلى الأقباط ألا يقلقوا لأن ما أعطاه الرئيس "ياسر جلال" للأقباط أضعاف أضعاف ما أعطاه الدستور لهم. فهو يري أن كتابة دستور جديد بصلاحيات أكثر للرئيس سيصب في مصلحة الأقباط لأن الضمانة الحقيقية هي وجود الرئيس نفسه!
وفي رده على سؤال عن حقوق الأقباط وحرية العبادة، رد الأنبا بولا بأن الحرية الدينية الموجودة في مصر غير موجودة في أوروبا وأمريكا! قال هذا بينما المذيع ينظر له نظرة ذات معنى، ولسان حاله يقول له "لم أحلم بما تقول فهنيئاً لنظام أنت تمدح فيه"! بعد ساعات من حديث الأنبا بولا المستفز حدث انهيار للجنية المصري أمام الدولار ثم ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق، وتفاقمت أعباء الحياة على المصريين بشكل غير مسبوق، وهنا وضع الأقباط أياديهم على قلوبهم فقد اعتادوا أن يكونوا كبش فداء للترويع!
ولم تمر أيام حتى وجدنا كاهنا قبطياً يتم ذبحه في الشارع على كورنيش الإسكندرية أمام عشرات من أولاده المخدومين، وعلى مرأي ومسمع من المارة في الشارع، ولم تمضي على الحادثة دقائق حتى خرجت جريدة "المصري اليوم" علينا لتخبرنا بأن الفاعل مختل نفسي وبالقطع ليس علي المختل حرج!
ولا أعلم إلى متى يختل المختل على الأقباط فقط؟! وإلى متى يشير عقله المختل على قتل الأقباط فقط حتى يختل عليهم دون غيرهم أم أنه اختلالا طائفياً في مجتمع أختلت موازينه منذ زمن، والشيء بالشيء يُذكر أنه منذ عدة سنوات ذبح مختل قبطياً وخرج بعد عدة أشهر طليقاً ليذبح قبطية في الشارع ليخرج طليقاً ليبحث عن قبطي آخر ليذبحه في دولة الحريات الدينية الغير موجودة في أوروبا وأمريكا على حد قول نيافة الأنبا بولا!
وفي نفس أسبوع ذبح كاهن قبطي في الشارع تم خطف خادمة قبطية مشهود لها من الجميع وزوجة لخادم في الكنيسة القبطية مشهود له من الجميع، حيث تم خطف السيدة مريم وهيب مع طفلتها ليبحث عنها الجميع ويناشد زوجها وأطفالها الدولة للعثور على الزوجة والطفلة ولكن تصمت الدولة حتى تخرج علينا السيدة مريم وهيب في فيديو قصير تعلن فيه عن تغيير دينها (بإرادتها) بينما يظهر للجميع على وجهها قدر القهر والمرارة والذل وآثار الضرب والتعذيب عليها، وفي خلفية الفيديو نسمع صوت طفلتها تصرخ وتصرخ وتصرخ حتى آخر الفيديو!
ولا شك أن خروج هذا الفيديو بهذا الشكل الغرض منه ترويع الأقباط حتى يصمتوا ويقبلوا بالذل والإهانة! هذا الفيديو هو وثيقة للتاريخ عن قهر المرأة القبطية والمجتمع القبطي في زمن الحريات الدينية الغير مسبوقة! زمن فيه القبطي لا يستطيع طلب وجبة ليأكل في نهار رمضان في مصر، ويجب أن يعيش مواطناً درجة عاشرة ككافر في بلده، بينما الأنبا بولا يتعاجب بالحريات الدينية الموجودة في مصر والغير موجودة في أوروبا وأمريكا؟!
أقول لرجال الكنيسة، لماذا أصبحنا كالأيتام بعد نياحة البابا شنودة؟! لماذا نذوق الذل والمهانة بهذا الشكل؟! لماذا دائماً تأخذون جانب النظام؟! لماذا لا نسمع منكم ما نشعر به بأمومة الكنيسة؟! لماذا أصبح من العسير علينا احترام ما تقولون؟! ألا تعلمون أن بتطبيلكم المستمر والغير مسبوق لهذا النظام تفقدون احترام الشعب لكم، ألا تعلمون أن بأسلوبكم هذا أنتم تدفعون الأقباط إلى آتون نار حال خروج المصريين على هذا النظام؟! أين وصايا السيد المسيح في قول الحق؟! هل هادن السيد المسيح في قول كلمة الحق؟! هل كان منافقاً؟! هل أتسم يوماً بالرياء؟! هل حقاً تؤمنون أن ما تقولون هو كلمة الحق؟! أليس الصمت خيراً من هذه التصريحات المستفزة؟!
من هذا الذي يصدق أن خروج الأنبا بولا في هذا التوقيت قبل انهيار الجنيه بساعات محض مصادفة؟! وهل كان خروجه ليقول هذا الكلام طواعية أم بالأمر المباشر؟! وهل وصل بنا الأمر إلى هذا الحد؟! ثم ما رأيه فيما يحدث للأقباط اليوم؟! فقط أُذَكّر الأنبا بولا أن في زمن الحريات الدينية الغير مسبوقة تم قتل وذبح أربعة كهنة في شوارع مصر (أبونا أرسانيوس وديد، وأبونا سمعان شحاتة، وأبونا مينا عبود، وأبونا روفائيل موسى)، أما عن القبطيات المخطوفات فنحتاج لمقالات ومقالات! فأي حقوق تتحدثون عنها وأي مواطنة تتحدثون عنها وأي حريات دينية تتحدثون عنها؟!