A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

مينا ماهر يكتب: رواية كلمتين في حب مصر (13)

مقدمة: كتبت هذه الرواية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك وانتهيت منها قبل ثورة ٢٥ يناير بأسبوع! المذيع هادي ابو الخير يقدم برنامجه الإذاعي "كلمتين فى حب مصر" وتلقى مداخلة من الدكتور المهاجر رامز المصري مشجعاً للهجرة وراوياً له عن والدته أم دنيا الخادمة (والأرستقراطية الأصل) التي باعته هو وإخوته وهم أطفال، و تشتتوا في الأرض؛ و كيف كان قرار زيارته لمصر يتأثر بالأحداث السياسية والاجتماعية التي تزامنت مع موعد زيارته! فقد كانت تنعكس هذه الأحداث سلبياً بشكل غير مباشر عليه وعلى أخوته من بينهم مصطفى المصري، الذي أشهر سيفه على احدى كنائس اسيوط في اوائل شهر مايو عام ٢٠٠٦م! لكن باءت تلك المحاولة الإرهابية بالفشل وتمت السيطرة على الاقتحام، وطُلب من أم دنيا بعدها أن تدلي باعترافها باختلال ابنها الإرهابي عقلياً! حلقة ١٣: استوقف هادي رامز مستفهماً: - مش دي المفروض حادثة اسكندرية؟ أصلك آنت قلت أسيوط! أجابه رامز موضحاً: - لا هي أسيوط صح...حادثة إسكندريه حصلت قبلها بكام يوم وكانت حادثة كبيرة فعلاً...دي بقى تشبهها...بس ماحدش سمع عنها حاجة عشان اتلم الموضوع بسرعة... - طيب المهم حصل ايه بعد كدة؟ - حصل ان ام دنيا...تمشي على هوى البوليس طبعاً و تقول ان ابنها معتوه ومختل عقليا! - وهو فعلا كان مختل عقليا؟ -شوف…أنا مش ح اجاوب ع السؤال دا...بس اللي اقدر اقولهولك أنه لو كان إتهجم علي اي حاجة تانية غير كنيسة...كان حيبقي في كامل قواه العقلية...حتى لو كان مختل فعلا... - و يا ترى افرجوا عنه على كده؟ -حبسوه كام يوم تأديب…من تحت الطربيزة …وأفرجوا عنه بعدها! - بس دا مش صح!...إيه اللي يضمن انه مايعملهاش تاني؟.. - ليس علي المجنون حرج يا اخي! بشهادة امه!.. - وطبعا كل اللي حصل دا خلاك ماتنزلش مصر سنتها برضه؟ - ما أنا جايلك في الكلام... *** ها نحن في منتصف نوفمبر ٢٠٠٦ وكانت دنيا قد اشترت فستاناً جديداً للعيد كانت تتمنى شراءه منذ زمن ولم تستطع لغلو ثمنه، ولكن أهداه لها رامز، حيث كان يتذكر اخته شهريا، (وفي كل مناسبة خاصة كانت أم عامة) بمبلغ سخي؛ فهي التي وقفت بجانبه حين هاجر قديماً. ودنيا، هي الاخرى، لا تنسى والدتها أبداً بهدية بسيطة كساعة، او اكسسوار، او بقسطٍ متواضع من فائض المال، مدعيةً أنه مكافأة عمل! اما ام دنيا فتقبل منها فوراً الهدايا بفرحة متناهية دون أن تسألها من أين أو بكم! وعلى مقربة يوم واحد من ليلة عيد الفطر، كانت دنيا مع بقية زميلاتها من الممرضات يتسامرن، فقالت إحداهن: - ايه رأيكم يا بنات نروح بكرة السينما؟ فوافقن بالإجماع واتفقن على الفيلم وحددن الميعاد والمكان. فقد جرت العادة ان تُفتتح في الأعياد افلاما جديدة لممثلين مختلفين حيث تعتبر الأعياد فترة تنافس فنية مثلها مثل الموسم الصيفي ولكن على مقياس أصغر. ان السينما المصرية احتلت مركز الصدارة في الوطن العربي منذ زمن سبق زمن الفضائيات بعشرات السنين، مما أنعش ثقافة الدول العربية الأخرى عن مصر وشعبها ولهجتها؛ وفي الوقت ذاته، حدَّ هذا التقدم السينمائي من فرص تعرف الشعب المصري على حضارات الدول العربية المحيطة، لهذا نقف -كمصريين- في ذهول أمام شخص خليجي او شامي او مغربي يتحدث بلغته الاصلية، و أصبحنا عرضة للسخرية والاستخفاف من قبل غير المصريين؛ لكن مع مرور الزمن و انتشار الفضائيات من كافة الدول الاخرى، تزايدت دائرة معارفنا رويدا رويدا، وأصبح في إمكاننا الان سماع و استيعاب  مشهد كامل من مسلسل سوري دون الحاجة إلى مترجم! و مع اتساع ساحة المشاهدة، و تزايد الناس، و سهولة الوصول الى الجمهور -أو وصول الجمهور للمحتويات التي تعرض سواء عن طريق الانترنت او التلفاز وخلافه- تسلل الكثير من الدخلاء على الوسط الفني الى مسامعنا و مرآنا أيضاً؛ و أصبح من الصعب جدا أو من المستحيل تصنيف البرامج وتطبيق الرقابة اللازمة، فانحدرت خلسةً - قبل ان نعي- بعض المُثُل، وضُربت بعرض الحائط الكثير من المبادئ! ارتدت دنيا فستانها الجديد في ليلة العيد وذهبت الي وسط البلد في منطقة شارع الملاهي قاصدة سينما مترو، حيث كان الاتفاق. وهناك قابلت بقية زميلاتها. وبالصدفة البحتة، يكتشفن وجود ابطال الفيلم في صالة العرض حيث كان يوم افتتاح هذا الفيلم. وكبنات في منتصف أو أواخر العشرينات، لا يخلو الأمر من التهامس والقهقهة وتبادل التعليقات مثل: "مش قلتلك يا بت انه قصير!"، تصوري شكله في الحقيقة أحلي بكتير من الأفلام.، "دا ذوقها في اللبس في الطبيعة بيئة قوي!" وهكذا! لقد تعود الشعب المصري أن يرى الفنانين في ديار العرض والمسارح وأحيانا في الشوارع، ورغم أن هذا طبيعي جداً، لا يزال المصريون ينتعشون عند رؤيتهم لأحد المشاهير - وهو الحال في كل دول العالم ايضاً. ورجوعاً إلى هذا الفيلم بالتحديد، فقد كان من الأفلام الحديثة الهابطة التي ظهرت على الساحة وقتها؛ ومع هذا كانت بهجة العيد والصحبة بالإضافة الى متعة المشاهدة عاملا رئيسيا في وضع السكينة والطمأنينة في قلوب الناس. فخرج الجميع خارج دار السينما بعد انتهاء العرض وهم سعداء؛ وبدأ ابطال الفيلم بتحية جماهيرهم على طريقتهم الخاصة، فبادرت إحدى بطلات الفيلم وهي راقصة مشهورة بالرقص أمام باب دار العرض بتشجيع من مطربٍ هابط كان هو أيضاً أحد أعضاء فريق التمثيل؛ فتجمعت الناس من داخل وخارج السينما على هذا الموقف غير المألوف من بينهم دنيا ورفيقاتها. واشتد الرقص والزمر والتصفيق والغناء المسف. وما أن انفض هذا التجمع، حتى انتاب الشارع كله حالة هياج جنسي شديد؛ فبدأ ذكور الشباب بالتحرش بمن في الشارع من بنات وامهات، محجبات وغير محجبات بلا اكتراث بالأهالي المرافقين؛ فأصبح هذا يجذب وذاك يلتصق وهؤلاء يمزقون ثياب المارة من السيدات، وليس من مغيث! كانت الحادثة الأولى من نوعها في تاريخ مصر- وربما كانت الاولى من نوعها في القرن الواحد والعشرين. ترى كيف اتفق جميع الشباب على هذا الفعل الأثيم وبكل جرأة وابتذال، وكأنهم متمرسين؟ لم يعد لدنيا أثر في المكان، فقد تفرقن هي وزميلاتها نتيجة هجوم حشود الشباب الهائج، وتُهن وسط الزحام الموحش. بعد أن تحولت ليلة العيد الى صراع من أجل البقاء! وهكذا هتك عرض أسر لم تجن ذنباً غير الرغبة في ان تقضي وقتا طيباً في ليلة العيد. كادت ام دنيا ان تخلد الى النوم، لولا تلك الطرقات المضطربة على الباب. ففتحت واذ بدنيا أمامها غارقة في بحر من الدموع محاولة تغطية جسدها الشبه عاري بعد ان مُزق فستانها الجميل. فخفق قلب ام دنيا للحظة أدخلت فيها بنتها داخلاً، وهي لم تكن على دراية بعد بما صار؛ ولأن الظنون كانت تراوغها فسالتها: - مالك يا دنيا؟ حصلك ايه؟ حكت دنيا لامها ما حدث وهي في غاية الانهيار، فصمتت عواطف بعدها صمت حداد، أما دنيا فقد استمرت في البكاء والنواح وظلت تردد على امها ما يلي: - شرفي يا امه... شرفي ضاع يا مه... فما كان على ام دنيا الا انها هجمت على ابنتها وانهالت عليها ضرباً وهي تصرخ: -اخرسي يا بت...انت ماكنتيش هناك...انتي فاهمة؟ فوجئت دنيا بهجوم والدتها، وكأنها رأت وجها اخر لها لم تره مطلقا من قبل، فأجابتها بتحفز: - بس أنا يا امه كنت هناك!...كنت هناك يا امه! - اكتمي باقولك...ماتعيطيش...ولا كأن فيه حاجة حصلت.. أستفز هذا الرد دنيا جدا فجادلت عواطف: - انتِ ازاي واخدة الموضوع ببساطة؟...مش هامك إن شرف بنتك يضيع؟... - الموضوع موصلش لسة للشرف يا بنت الغبية...الشرف دا موضوع كبير قوي... - هو انا لازم اوصل لمرحلة أني ما أبقاش بنت علشان شرفي يبقى ضاع فعلا؟!... - آه طبعاً …وساعتها حارميكي زي الكلبة...واقولهم مش بنتي! لم يكن على دنيا إلا أنها انهارت أكثر في بكاءٍ مر وطلبت من امها ان تتركها وحدها... *** توقف رامز عن الحديث الاذاعي فجأة، ثم استرسل بعد صمت استمر خمس ثوانٍ: - وقتها حصل لدنيا انهيار عصبي حاد...وما  بقتش تتكلم معايا زي الاول... ضيعوا دنيا منهم لله! انزعج هادي ابو الخير جداً واراد ان يهدئ من روع الخبر فقال: - معانا مداخلة تانية من عبد الشكور مفتاح...أتفضل استاذ عبد الشكور تعاطف عبد الشكور مع رامز فعلق قائلاً: - الو...ايو يا هادي...مع أسفي الشديد للي حصل عايز اركز علي ظاهرة صناعة النجم...واللي بسببها طلع مغني هابط زي  أخينا اللي تسبب في التحرش... - ما صناعة النجم دي بدعة أمريكية يا أستاذي و ادي اللي بيجيلنا من الغرب... - اه بس عمرنا ما سمعنا ان الناس برة قاموا بتحرش جماعي عشان نجم قام بتحميس الجمهور. - ما تنساش يا عبد الشكور ان هناك الناس منحلة مش زي شبابنا مكبوتين... - خلي بالك أنا ممكن اقول على القضية دي كبت بس، لو قام بيها واحد في الدرا...بس تحرش جماعي علناً وقدام الناس، ف دي قضية اخلاقية بحتة بل يمكن اكتر كمان من انحلال الغرب...إحنا محتاجين صناعة أخلاق...مش صناعة نجم! لم يجد هادي ما يرد به على عبد الشكور فعلق ببرود: - ههَ.. وجهة نظر برضه!...شكرًا ياعبد الشكور... أنهى هادي المكالمة مع عبد الشكور ليعود لرامز: - ورجوعا لموضوع دكتور رامز..فا أنا لي تعليق صغير....انت فين من كل ده يا دكتور رامز؟ ...مارجعتش ليه مصر عشان تمسك زمام الامور؟يعني ماتاخذنيش…ام بالسلبية دي ......مين اللي يوقفها عند حدها؟! أجابه رامز بعد ان التقط نفساً عميقاً: - فكرك إني سِكِتْ؟!... يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم