هاني صبحي يكتب: على قهوة في شبرا... روبين هود الغلابة!!
بقلم: هاني صبحي
أنا يمكن مشاركتش في 25 يناير من بدايتها، ولا عمري نزلت وقفة أو مظاهرة غير يمكن زمان، أيام استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدُرة، أيام ما كان الروح لها تمن، ومشهد مقتل طفل واحد كان كفيل بإثارة الشجن والغضب والثورة ... الصدفة وحدها اقتادتني يوم جمعة الغضب لرمسيس، وحسيت بدم الحرية وحماس اللحظة المهيبة دي بيجري في عروقي، وأنا شايف آلاف الجموع عند مسجد الفتح في طريقهم للتحرير .. من بعدها بقينا أنا والشارع والميدان والغاز المسيل للدموع أصحاب ...كنت زمان عاشق للجرايد والكُتاب الاشتراكيين.
اقرأ جرايد ومقالات لصحافيين يبدو أنهم معارضين .. صحيح كان لهم سقف في المعارضة .. بس أهوه كنت باسلي نفسي وأخد جرعة أمل وحلم ومعرفة .. كنت باعتبر مذيعين كتير لابسين بدل الرقص حرفياً دلوقتي أنهم معارضة والله.
كانوا ساعات بيجيبوا ضيوف أدائهم مبالغ فيه كده .. يقولوا الكلمتين وانتشي كده بجرأتهم، واتكيف شوية وأخش أنام .. كنت مبهور بقلم وحيد حامد والتعاون اللي بينه وبين الهيرو الشخص بتاعي.. روبين هود الغلابة .. عادل إمام _ اللي مثلت أفلامه في وجداني زمان كل أحلامي المتعطلة الخايفة المترددة- الشاب أبو چاكت چينز وكوتشي، قصير القامة، ضعيف الوسامة .. المنحوت علي تجاعيد وشه شقى الحارة وأحلامها المستحيلة .. القوى دون سبب مفهوم ومنطقي للقوة .. اللي بيرضي غروري وأنا شايفة بيضرب اللي أنا مش قادر أضربه، الچان بالعافية.
هو قرر يبقي چان وجذاب للنساء رغم أن كل مواصفاته الشكلية والجسمانية لا توحي بكده علي الإطلاق، ورغم ذلك تقع الفتيات في عشقه .. هو قدر يسعدني أنا شخصياً ويخليني أصدق ابن الحارة الجدع ملك الزوغان وزير النساء .. اللي يعرف يضرب ميعورش ، ولو عور ميقتلش .. وحيد حامد خدني معاه في المنسى يفش غليلي في كرم مطاوع رجل الأعمال الفاسد ذو السطوة والنفوذ معدوم الشرف .. صحيح الرحلة خلصت زي ما بدأت.
عاد المنسي لصفوف الغلابة مع فجر يوم جديد مكرر، وإن زادت عليه الجروح والكدمات، وعاد كرم مطاوع لصفقاته مع حسان بيه، واستقلت يسرا القطار وبعدت، لتبقي كما كانت للمنسي وليا – مجرد حلم .. بس أهو شوية مقاومة حلوين نفسوا عن الواحد شوية زي حلة الضغط كده، لازم لها شوية تنفيس للبخار بدل ما تنفجر .
كنت أحب أتفرج على الإرهاب والكباب، وأنا شايف عادل إمام موقف الداخلية علي رجل، وراكع تحت رجليه المتدين الصوري، والموظف القمئ الروتيني أبو وش خشب .. استمتع بنظرات الرغبة في الانتقام من ماسح الأحذية اللي اتظلم ومخدش حقه بالقانون .. وأردد مع عادل إمام تبقى هي دي، العدالة.. اتبسط بالبندقية في إيد عسكري المراسلة المتهانة كرامته من رئيسه .. وأقول هو ده، الكرامة.
في النهاية برضه تنصرف الجموع بعد ما اتلخصت مطالبهم في أكلة كباب، ويرجعوا لنفس دوامة الحياة بعد مغامرتهم القصيرة .. اللي لازم تفضل قصيرة، وتفضل الداخلية رافعة رأسها .. ما هي محدش يقدر يكسر هيبتها وملهاش دراع عشان يتلوي زي ما قال وزير الداخلية تحت المُجمع.
كنت باتفرج علي الغول وأحس بصراخ فريد شوقي طرب والساطور نازل علي دماغه ودماغ الرأسمالية المتوحشة اللي اشترت كل شئ بالمال .. اشترت العدل والحق والقلم والضمير .. وداست علي كل شئ في طريقها .. من أول القيم لحد دموع اليتامى وهي مسنودة بالسلطة والنفوذ والمال، وأدخن مع البطل سيجارته وهو قاعد وسط دم الغول بعد ما انتقم لي منه ولو بالوهم للحظات، رغم ضياع عمره ومستقبله لما كل الظروف والقوانين والنفوذ سدوا قدامه كل مطالبه بالعدالة، بأنه ياخد حقه وحق المظاليم بالقانون .. كان أستاذ علي فكرة وحيد حامد في فن الطبخ الدرامي علي الحلة البرستو ..
وللحديث بقية..
** جزء من رواية على قهوة في شبرا _ يناير 2020 _ الفؤاد للنشر والتوزيع